توالى الحوادث المفجعة على الشواطئ والمصايف… يكشف مستوى الاهمال الذى تدار به الأمور فى مصر فى زمن الانقلاب .
فى هذا السياق جاء حادث الاسكندرية التى ودعت على إثره فى مشهد مهيب فتيات فى عمر الزهور ذهبن ليستمتعن على شاطئ أبوتلات بمنطقة العجمى فتحول البحر الى كفن مخيف ابتلع 7 منهن بينما تم انقاذ 27 آخرين من بين أنياب الموت.
وقبلها بأيام لقى مصور فنى مصرعه وهو يحاول انقاذ ابنه من الغرق فى احدى القرى السياحية التى يصفها البعض بقرى الأحلام.
هذه الحوادث المأساوية تثير علامات استفهام اين وسائل الامان على الشواطئ؟! اين الانقاذ السريع ومن الذى يسمح بالنزول الى مياه تفترس ضحاياها فى لحظات غادرة؟!
يشار إلى أن حادث أبوتلات بالإسكندرية لم يكن هو الأول من نوعه، فمواطنو الثغر تعودوا على سماع أنباء انتشال جثامين غرقى من شاطئ أبوتلات، الذى أطلق عليه «شاطئ الموت» لما يحصده من أرواح كل موسم صيفي، دون التوصل لأسباب الغرق بذلك الشاطئ .
فرق إنقاذ
حول هذه الأزمة قال إيهاب المالحي، مدرب معتمد بالاتحاد الدولى المصرى للغوص والإنقاذ، إن ارتفاع أعداد الغرقى يرجع الى أن البحر بمنطقة أبوتلات مفتوح ولا يوجد به حواجز، كما هو الحال فى شواطئ شرق محافظة الإسكندرية، بداية من أبو قير وحتى رأس التين.
واكد «المالحي» فى تصريحات صحفية أن شواطئ العجمى والساحل الشمالى تشهد ارتفاعًا فى الأمواج وتيارات شديدة وبرك مائية بسبب عدم وجود حواجز، وهو ما يشكل خطورة على حياة المواطنين خاصة الذين لا يجيدون السباحة.
وأشار إلى أن شاطئ أبو تلات به 7 حواجز صخرية، يبلغ طول الواحد منها 90 مترًا، فيما تبلغ المسافة بينها 60 مترًا، والتى تشكل دوامات مائية شديدة تستلزم وضع بلوكات طافية لمنع تخطيها.
وشدد «المالحي» على ضرورة تشديد الرقابة على الشواطئ مع توفير فرق إنقاذ على مدار الساعة لمنع حوادث الغرق.
الرايات الحمراء
وطالب الدكتور رأفت حمزة الأستاذ بكلية التربية الرياضية بمحاسبة المسئولين عن حوادث الغرق التى تشهدها الشواطئ خاصة وأنه لا توجد فرق انقاذ على كفاءة كبيرة تتمكن من انقاذ المواطنين، مؤكدا انه لو كان هناك 4 فرق انقاذ مدربة لتمكنت من انقاذ ضحايا شاطئ أبوتلات لكن للاسف فرق الانقاذ غير مدربة ولم تكن على قدر المسئولية .
وقال حمزة فى تصريحات صحفية إن مؤجر الشاطئ يلزم ايضا محاسبته متسائلا لماذا ترك هذا المستأجر المصطافين ينزلون الى الشواطئ رغم ان ادارة المصايف اعلنت قبلها بيوم رفع الرايات الحمراء وعدم نزول المياه، واين هيئة الاسعاف المصرى لانقاذ المواطنين داخل مياه البحر؟
واضاف ان أسباب الغرق فى شواطئ غرب الإسكندرية ترجع إلى عدة عوامل تشمل عدم الالتزام بالتعليمات والنزول فى مناطق غير آمنة، والقوة الجارفة للتيارات المائية، وعدم معرفة السباحة فى أماكن غير مألوفة، بالإضافة إلى تجاهل علامات التحذير مثل الرايات الحمراء والقفز فى أماكن مجهولة القاع محذرا من خطورة شواطئ غرب المحافظة بسبب وجود تيارات قوية وحواجز صخرية خطيرة.
وأشار حمزة إلى أن سبب تعدد حالات الغرق النزول فى غير الأوقات الرسمية، وقيام مستأجر الشاطئ بفتح الشواطئ قبل وبعد مواعيد العمل الرسمية من أجل حصد الأموال.
تفتيش بحرى
وأوضح أن الشواطئ لن تكون آمنة إلا بالتفتيش البحرى المستمر على البدالات والتأكد من توافر جواكت الإنقاذ، منوهًا إلى عدم توافره على الشواطئ خاصة وقت ارتفاع الأمواج .
وشدد حمزة على ضرورة أن يحصل كل فرد من فرق الإنقاذ بالشواطئ على التدريب اللازم والمستمر؛ ليكون جاهزا للتعامل مع حالات الغرق وسرعة انقاذ الغريق، مشيرًا إلى أن الكثير منهم يفتقد التعامل مع حالات الغرق ولابد من اختيار العنصر الكفء وزيادة عدد المنقذين المتدربين على الشواطئ .
وقال إن الاتحاد الدولى للغوص والسباحة يشير إلى ضرورة تواجد غطاس لكل 100 شخص تقريبًا.
وحذر حمزة من ارتفاع نسبة الوفاة بما يعرف بـ «الموت الجاف» إذ إنه من المفترض وضع الشخص الذى جرى انقاذه من الغرق تحت الملاحظة الطبية لمدة 24 ساعة وهو ما لم يحدث بسبب عدم الوعى من بعض الأشخاص وهذا يتسبب فى وفاة أعداد كبيرة بعد عودتهم لمنازلهم خلال 24 ساعة، إذ إن الرئة تتشبع بالمياه وبالتالى انقاذ الشخص واعادة التنفس له ليس الوضع النهائى لمتابعة الحالة.
المحافظة
وطالب جمال رشاد رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية السابق المحافظة بأن تراجع اعداد المنقذين على الشواطئ المؤجرة والتأكد من تناسب العدد مع مساحة الشاطئ.
وقال رشاد في تصريحات صحفية : عمال الإنقاذ في هذه الشواطئ من المفترض أن يكونوا تابعين للمحافظة، لافتا الى أن المستأجر كان يأتي بعنصرين أو ثلاثة أو أربعة وفق مساحة الشاطئ، ثم يُسلمهم إلى المحافظة التي تجمع الأعداد وتشرف عليهم وتدفع مرتباتهم لكن هنا تكمن المشكلة .
وشدد على ضرورة أن تراجع المحافظة الأعداد القادمة من المستأجرين، وترى هل تتناسب مع مواجهة الشاطئ وخطورته أم لا .
وأضاف رشاد: شاطئ أبو تلات، الذي وقعت به الحادثة الأخيرة، مساحته تبلغ 1650 مترًا، أي كيلو و650 مترًا ومع ذلك كان عليه منقذان اثنان فقط كيف يمكن أن يُشرف منقذان اثنان على شاطئ بهذا الطول؟ مشددا على أن المحافظة كان يجب أن تنتبه لهذا الأمر، وتؤهل المنقذين وتعيد توزيعهم على الشواطئ بما يتناسب مع مساحتها وخطورتها .
وحول الفتيات ضحايا حادث الغرق قال: لا يمكن إعفاء المعهد التابعين له من المسؤولية لأن الرحلة لم يكن يجب أن تتم بهذه الصورة كان من المفترض أن يخاطب المعهد جهة رسمية أعلى في الإسكندرية لتشرف على تنظيم الرحلة، وكان يجب أن ينسق المستأجر مع المحافظة لاستقبال هذا العدد الكبير من الطالبات ولا يجوز أن تكون المسؤولية ملقاة على المستأجر وحده، بل يجب أن تكون هناك مشاركة من المحافظة .
واوضح أنه كان على المشرفين من المعهد، عندما وجدوا أن البحر عالي والأمواج مضطربة، أن يتخذوا قرارا بمنع النزول، وأن ينسقوا مع المستأجر في هذا الأمر لذلك لا يعفي المعهد ومسئوليه من المسئولية .