أعلن البنك المركزي بسلطة الانقلاب العسكرى، ارتفاع تحويلات العاملين في الخارج بنسبة 66.6% على أساس سنوي، لتقفز من 21.9 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 إلى 36.5 ملياراً في 2024-2025. كما بلغت التحويلات نحو 10 مليارات دولار في الربع الأخير فقط، بزيادة ملحوظة مقارنة بالعام السابق.
ورغم ما يحاول إعلام النظام الانقلابى تصويره من أن هذه القفزة تعكس "ثقة المصريين في القيادة"، إلا أن الحقيقة المرة ـ بحسب مراقبين ـ أن السبب الرئيسي وراء زيادة التحويلات ليس حباً في السيسي أو دعماً لسياساته، وإنما الانفجار الجنوني في أسعار جميع السلع والخدمات داخل مصر.
فالمغترب الذي كان يرسل ألف دولار سنوياً لتغطية مصروفات أسرته، بات مضطراً لإرسال ألف ونصف أو أكثر، فقط ليستطيع ذووهم تدبير احتياجاتهم الأساسية بعد أن تضاعفت كلفة المعيشة. فالغلاء لم يترك مجالاً إلا اجتاحه: من الطعام والشراب، إلى التعليم والصحة، مروراً بالكهرباء والغاز والمواصلات، حتى صار المصريون يسخرون بالقول إن "الهواء فقط لم يجد السيسي طريقة ليحاسبهم عليه".
نزيف عملة أجنبية ودين خارجي متفاقم
ويظل الاقتصاد المصري غارقاً في أزماته رغم هذه التحويلات، إذ تواجه البلاد عجزاً مزمناً في النقد الأجنبي بسبب تراجع الصادرات والسياحة والاستثمارات، مقابل فاتورة استيراد ضخمة تقارب 70 مليار دولار سنوياً، في وقت تتجاوز فيه الديون الخارجية 157 مليار دولار، بعدما سجلت رقماً قياسياً بلغ 168 ملياراً نهاية 2023.
ومع استمرار شح الدولار وقيود البنوك على فتح الاعتمادات، بقيت السوق السوداء تلعب دوراً رئيسياً في توفير العملة الصعبة، ما يفاقم الضغوط على الجنيه الذي انهار من 31 جنيهاً إلى نحو 48.5 جنيهاً للدولار.
تحويلات مُرّة.. إنقاذ للأسر لا للنظام
بهذا المشهد، تتحول تحويلات المصريين بالخارج إلى "شريان حياة" لأسرهم لا أكثر، وليست بأي حال دعماً لسياسات النظام الذي أغرق البلاد في الديون والفشل الاقتصادي. بل يمكن القول إن ارتفاعها يعكس عمق الأزمة، فكل دولار إضافي يُرسل إنما هو ثمن الغلاء الذي فُرض على المصريين، ليبقى الشعب وحده هو من يدفع الفاتورة بينما تنعم طبقة السيسي وعصابته من الجيش والشرطة والقضاء بامتيازات لا تنتهي.