“المعهد المصري”: نشر قوات مصرية في غزة سيكون خطأ كارثياً وفخاً استراتيجياً مُعداً بعناية

- ‎فيتقارير

قالت قراءة تحليلية نشرها (المعهد المصري للدراسات: إن "نشر قوات مصرية في غزة سيكون خطأ كارثياً وفخاً استراتيجياً مُعداً بعناية، يُخرج الصهيوني من خانة “المحتل” إلى “المراقب”، ويضع مصر في دائرة الاستنزاف السياسي والعسكري والشعبي، والتهديد الإستراتيجي للأمن القومي".

وأكدت القراءة التحليلية "إن الدور الأنسب لمصر في هذه المرحلة يتمثل في الدعم السياسي والإنساني، وتثبيت المقاومة، لا التورط في معركة مرسومة هدفها تكريس الانقسام وتغيير مسار الصراع".

وأمام مقترح الهدنة الذي وافقت عليه حركة حماس – بانتظار رد نهائي من اسرائيل– يُسوَّق كفرصة لوقف الحرب مؤقتاً، إلا أن جوهر الخطة يتجه نحو تطويق المقاومة وتحويل غزة إلى ساحة نفوذ دولي/عربي مُدار، وفي هذا الإطار، تبرز أفكار حول إدخال قوات عربية – وربما مصرية – لتأمين القطاع أو ضبطه بعد وقف إطلاق النار.

فخ صهيوني لاستنزاف مصر

ويعني السيناريو بتبييض صورة "إسرائيل" حيث أي وجود عسكري مصري في غزة سيحوّل الصهيوني من محتل مباشر إلى “طرف مراقب”، فيما يُحمَّل العرب – وتحديداً مصر – مسؤولية الأمن والخدمات.

وكشف أن استنزاف مصر نشر قوات في بيئة عملياتية معقدة سيستنزف مصر عسكرياً واقتصادياً، ويُعرّضها لمخاطر الاستهداف سواء من المقاومة أو جماعات متشددة، بما يخدم الرواية الصهيونية.

واضاف أن تهديد محددات الأمن القومي المصري حيث غزة تمثل عمقاً استراتيجياً لمصر، وتحميلها بالمسؤولية المباشرة عن أمن القطاع سيُقيد حرية الحركة المصرية سياسياً وعسكرياً أمام أي عدوان صهيوني لاحق.

وحذر من أن هذا الفخ قد يؤدي لاحقاً أيضاً إلى استغلال الكيان الصهيوني حالة الاضطراب بالتقدم نحو سيناء وإعادة احتلالها تحت ذريعة حماية أمنه القومي، وقد يصاحب هذا عملية تدمير واسعة لمقدرات الجيش المصري على غرار ما حدث في العام 1967.

واعتبر أن المغزى الاستراتيجي من الفخ هو "إعادة صياغة سردية الصراع في المنطقة ليظهر بمظهر “غير المسؤول” عن الأزمات:

 

ففي لبنان: صراع طائفي، وفي سوريا: مواجهات محلية وإثنية مع احتمالات تدخلات في لبنان، وفي غزة: العرب – وعلى رأسهم مصر – قوة ضبط داخلي تشتبك مع المقاومة وتحاول تحييدها ونزع سلاحها. والهدف النهائي هو تفريغ القضية المركزية (العدو الصهيوني) وإغراق المنطقة في حروبها الداخلية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى السيطرة الصهيونية التامة على المنطقة.

المرحلة الثانية من العمليات الصهيونية

 

وجاءت خلاصة القراءة التحليلية بعد استعراض الموقف الراهن من بدأ جيش الاحتلال المرحلة الثانية من عملية مركبات جدعون بتوجيه مباشر من المستوى السياسي.

وأوضحت أن هذا التطور يعني ضمنياً أن المسار العسكري، هو الخيار الرئيسي "للإسرائيلي"، في ظل وجود إشارات من مكتب نتنياهو توحي بمراوغة سياسية تجاه عقد الهدنة.

وأشار تقدير الموقف إلى أن المؤشرات الميدانية تُظهر أن العملية تُدار وفق مرحلتين متوازيتين: (1) فرض السيطرة الميدانية واحتلال غزة عبر تكثيف العمليات البرية والجوية. (2) الدفع تدريجياً نحو سيناريو التهجير كحل استراتيجي طويل الأمد لإعادة تشكيل الواقع الديمغرافي والسياسي في القطاع.

وتوصلت إلى أن العدو "يدرك أن كلفة الحسم الميداني عالية، لكنه يسعى لتوظيف القوة العسكرية كأداة ضغط سياسي نفسي لدفع المقاومة إلى القبول بتسويات مجحفة، وأن مراوغة نتنياهو في ملف الهدنة تستهدف كسب الوقت، واستنزاف البيئة الداخلية الفلسطينية، وتحميل الأطراف العربية مسؤولية الحلول “الانتقالية” مثل نشر قوات عربية أو مصرية، وأن الخطر الاستراتيجي يتمثل في أن تتحول غزة إلى ساحة “إدارة عربية–دولية” فيما يظل العدو المستفيد الأكبر، خارج إطار المسؤولية المباشرة كقوة احتلال".

4 سيناريوهات

واستعرض المعهد المصري للدراسات 4 سيناريوهات واحتمالات وكان الأول: الاستنزاف طويل الأمد (احتمال مرتفع): وابرز ملامحه تتمثل في استمرار العمليات دون حسم نهائي، مع جولات تصعيد متقطعة. وتوقع أن انعكاساته: إنهاك القطاع، وإبقاء مصر تحت ضغط أمني–إنساني متواصل، وإبقاء زمام المبادرة بيد العدو، واستنزاف العدو وزيادة خسائره بوقع عمليات المقاومة المدارة بأسلوب حرب العصابات.

أما الثاني فكان سيناريو السيطرة الميدانية الكاملة (احتمال متوسط–مرتفع): ويعني استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق اختراق واسع في غزة. و

تكريس وجود عسكري صهيوني مباشر لفترة طويلة وانعكاساته: استنزاف المقاومة، استنزاف مصر سياسياً وإنسانياً عبر ضغط المعابر واللاجئين.

 

وثالث السيناريوهات التهجير المنظم (احتمال متوسط): حيث يتمثل فيما بعد إنهاك القطاع، يبدأ الدفع التدريجي باتجاه تهجير السكان نحو سيناء أو الخارج عبر ضغوط معيشية وإنسانية. وانعكاساته: تهديد مباشر للأمن القومي المصري عبر محاولة فرض واقع ديمغرافي جديد.

ورابع السيناريوهات الهدنة المشروطة (احتمال متوسط–منخفض): ويعني قبول هدنة بوساطة دولية لمدة محددة (60 يوما مثلا) ثم وجود قوات عربية/مصرية للضبط الأمني للقطاع مع إدارة مدنية خاضعة للسلطة الفلسطينية، وقد صدرت تصريحات رسمية بالفعل تبدي قبولاً بهذا الأمر، من وجهة نظر النظام المصري، هذا سيزيد الدعم السياسي والاقتصادي له، كما سيوفر فرصاً اقتصادية كبيرة بالمشاركة في عمليات إعادة الإعمار.

وانعكاساته: مصر تُزَج في فخ استنزاف عسكري–اقتصادي–شعبي، بينما يخرج العدو من خانة “المحتل” إلى خانة “المراقب”.

وأوصى المعهد المصري للدراسات بضرورة أن تكون لدى هيئة العمليات بقيادة اللواء أ.ح محمد ربيع سيناريوهات شاملة للتعامل مع كل احتمال، تشمل، تعزيز الجاهزية لمواجهة أي محاولات تهجير إلى أو عبر سيناء عبر مسار عسكري ورفض أي مخطط لإدخال قوات مصرية إلى غزة باعتباره فخاً استراتيجياً على المستوى السياسي.

ودعت القراءة إلى وضع خطط استباقية للتعامل والضغط لإدخال المساعدات لأهل غزة لتثبيتهم مع استخدام مصر لكافة أوراق الضغط لإدخال المساعدات (إذا كانت هناك إرادة سياسية). مع فضح إعلامي لرواية العدو وتثبيت أن الاحتلال هو أصل الأزمة وليس الأطراف العربية.

وأن الصهاينة يريدون نقل عبء غزة إلى مصر عبر أي شكل من أشكال التهجير أو “الإدارة المشتركة”، مع الحفاظ على ثوابت الأمن القومي، وأن الهدف هو: إعادة تشكيل طبيعة المواجهة، عبر نقلها من صراع عربي–صهيوني واضح المعالم إلى صراعات عربية–عربية وأهلية داخلية،  وما يجري اليوم في لبنان، وجزئيا في سوريا،  تمثل نماذج لهذا المسار.