أثار تنفيذ قرار وزارة الصحة بحكومة الانقلاب رقم 220 لسنة 2025، والذي يقضي برفع أسعار الخدمات الطبية بمستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان الحكومية التابعة للأمانة العامة للصحة النفسيةا موجة من الجدل والانتقادات في الأوساط الطبية والمجتمعية.
يشار إلى أنه بحسب اللائحة المرفقة بالقرار، ارتفعت رسوم الإقامة اليومية لتتراوح بين 150 و550 جنيهًا حسب الدرجة، فيما زادت أسعار الجلسات النفسية وجلسات التخاطب إلى 40–50 جنيهًا، ورسوم إصدار الشهادات والتقارير الطبية إلى 100 جنيه بعد أن كانت 30 جنيهًا.
كما ارتفعت تكلفة الفحوصات الطبية الأساسية مثل تحاليل وظائف الكبد والكلى، والسكر، وصورة الدم الكاملة، من نحو 130 جنيهًا إلى 400 جنيه، ووصلت رسوم جلسة العلاج الكهربائي إلى 400 جنيه.
كارثة محققة
من جانبها طالبت حملة «مصيرنا واحد»، وزارة صحة الانقلاب، بضرورة كشف حقيقة القرار رقم 220 لسنة 2025 والخاص، بإصدار لائحة مالية وإدارية لصندوق تحسين الخدمة بمستشفيات الصحة النفسية، ومراكز علاج الإدمان التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية، ومرفق بالقرار الوزاري قوائم أسعار للخدمات العلاجية التي تقدمها مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان.
وقالت الحملة فى بيان لها ان قوائم الأسعار تضمنت تكلفة الإقامة فقط للمريض لليوم الواحد بدءا من 150 جنيهًا للدرجة الثالثة و180 جنيهًا للثانية و300 جنيه للأولى و380 جنيها للأولى الممتازة، بينما كانت الإقامة بالجناح تكلفتها 550 جنيهًا يوميا، بخلاف تكاليف الخدمات العلاجية من أدوية وفحوصات طبية منها التحاليل الروتينية، حيث تخطت تكاليف وظائف الكلي والكبد والسكر وصورة الدم 400 جنيه، فضلًا عن جلسات العلاج الكهربائي التي وصل سعر الجلسة الواحدة 400 جنيه.
وأشارت إلى أن قوائم الأسعار تضمنت أيضا خدمات العيادات الخارجية بمستشفيات الصحة النفسية الحكومية، مثل اختبار الذكاء بتكلفة 150 جنيهًا وجلسة الرعاية النهارية للأطفال والمراهقين بسعر 45 جنيهًا، بينما كانت الاستشارة النفسية على المنصة الإلكترونية سعرها 50 جنيهًا.
وكشفت الحملة أن نتائج الأبحاث القومية التي أجرتها الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان خلصت إلى تخطي نسبة الإدمان في مصر 3% من سكانها مشيرة إلى أن النتائج أظهرت أن 25% من السكان يعانون من أعراض نفسية.
ووصفت القرار، بأنه كارثة محققة لقطاع عريض من المرضى لهم احتياجات وظروف خاصة، مؤكدة أن أضرار هذه الكارثة ستنعكس على المجتمع المصري بجميع فئاته.
وطالبت الحملة، صحة الانقلاب باستدراك ومنع هذه الكارثة وإلغاء تطبيق هذا القرار معربة عن رفضها لتخلي وزارة صحة الانقلاب عن مسؤوليتها نحو حقوق العاملين في أجور وبيئة مناسبة وتدريب وتعليم مهني، واستنكرت محاولات تحقيق بعض هذه الحقوق بتحميل المريض أعباء مالية مجحفة نظير حقه في العلاج.
أزمات خطيرة
وقال الدكتور فادي صفوت، طبيب الأمراض النفسية، أن هذه الزيادة تعد كارثة، لما يترتب عليها من أزمات اجتماعية خطيرة أبرزها زيادة أعداد المنتحرين.
وأضاف صفوت فى تصريحات صحفية: شهادة من واقع عملي في مستشفى العباسية على مدار 10 أعوام، شاهدت خلالها حالات إنسانية صعبة جدًا، لا يمكن نسيانها.
وتابع : أذكر حين تم رفع ثمن تذكرة المترو إلى خمسة جنيهات، لم يتمكن كثير من الأهالي من الحضور إلى العيادة، رغم أن رسوم الكشف كانت ما تزال جنيهًا واحدًا فقط، مؤكدا أن هذا هو مستوى الفقر الذي تعاني منه الأسر التي ترعى مرضى نفسيين في مصر.
وأشار صفوت إلى أنه مع مرور الزمن والتغيرات الاقتصادية، تغيرت طبيعة المترددين على العيادات الخارجية، فصار من بينهم طلاب جامعيون وأفراد من الطبقة المتوسطة موضحا أن ذلك يرجع إلى أمرين هما حملات التوعية، وارتفاع أسعار العلاج النفسي في العيادات الخاصة.
وكشف أن الأسوأ كان نقص الأدوية الحاد، حتى أن مريضًا نفسيًا قد يأتي إلى المستشفى ولا يجد دواءً مضادًا للذهان واحدًا متاحًا في بعض الأيام!، ورغم كل ذلك، الناس تستمر في الحضور، لأنه لا يوجد بديل.
وقال صفوت : أما اليوم، فالكارثة أكبر، مع قرار رفع أسعار الخدمات في مستشفى العباسية بشكل جنوني، أصبحت التذكرة بـ10 جنيهات، وهذا أهون ما في الأمر، خصوصًا أنه لا يوجد ضمان أساسًا بوجود الدواء؛ لكن الطامة الكبرى هي أن أسعار الحجز وصلت إلى مستويات المستشفيات الخاصة، بعد أن كانت هناك أماكن مجانية للمعدمين، وأقسام اقتصادية بـ3000 جنيه شهريًا، وأصبح السعر اليوم يبدأ من 5400 ويصل إلى 18000 جنيه شهريًا .
العلاج المجاني
وأشار إلى أن هذا القرار يتعارض بوضوح مع نص هيكل مستشفيات الأمانة العامة، والذي ينص على أنه يجب تخصيص ما لا يقل عن 60% من الأسرة للعلاج المجاني، دون تحمل أي رسوم من المرضى أو أسرهم .
وشدد صفوت على أن النتائج المتوقعة لهذا القرار واضحة، وتتمثل في ارتفاع عدد المنتحرين، وزيادة الضغط على أقسام الطوارئ، وتحميل الشرطة عبئًا إضافيًا، وارتفاع عدد السجناء من المرضى النفسيين، علاوة على تزايد عدد المرضى في الشوارع، وارتفاع معدلات الجريمة، والتسبب في خسائر اقتصادية فادحة، وانهيار مستقبل العديد من الأسر.
وكشف أن نسبة مرضى الفصام عالميًا هي 1% من السكان، ومصر بها أكثر من 100 مليون نسمة، بخلاف ملايين اللاجئين، معقبا: «يعني لدينا ما لا يقل عن مليون مريض فصام، هذا غير مرضى الاضطرابات الأخرى والإدمان .
وتساءل صفوت : هل من رجل رشيد يُبصر ويتحرك قبل أن تقع الكارثة؟