تشير الأرقام إلى أن أكثر من 60 % من الأطباء المصريين باتوا يعملون بالخارج، بحسب وزارة الصحة المصرية، كما تتزايد أعداد الأطباء الذين يتقدمون باستقالاتهم من وزارة الصحة سنوياً بغرض السفر، إذ يسافر أغلب الأطباء للعمل في دول الخليج، وبريطانيا، وألمانيا، وأمريكا.
وسط حديث عن تدمير العسكر التعليم في مصر بشكل عام ومن بين هذا الذي حطموه التعليم الطبي بفتح كل جامعات بهدف الربح على حساب جودة التعليم.
وبدأت النتائج تظهر بعدم اعتراف السعودية بكلية طب جامعة 6 أكتوبر الخاصة، وسيتبعها باقى دول الخليج والعالم، ما يعني أن هناك اتجاها مقصودا على ما يبدو لتدمير سمعة الطبيب.
محمد طايع @mtaiea87 أشار إلى دراسة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تفيد بأن إجمالي عدد الأطباء في السعودية يقدر بـ 93966 طبيبًا، منهم 68717 غير سعودي. وتشير الدراسة إلى أن نسبة الأطباء المصريين تصل إلى 72% من إجمالي الأطباء الأجانب. موضحة أن عدد الأطباء المصريين في السعودية يتراوح بين 60000 إلى 70000 طبيب مصري.
جدل جديد
وعقب معلومات، اشتعل جدل كبير في مصر بعدما كتب موقع "سفير الجامعات" التابع لوزارة التعليم السعودية، بعد أن فهم البعض أنه يشير إلى وقف اعتماد خريجي كليات الطب المصرية في السعودية.
لكن سرعان ما اتضح أن التحديث يتعلق فقط بتعليق اعتماد بعض الجامعات لغايات برنامج الابتعاث الحكومي السعودي، وليس إلغاءً عامًا للاعتراف بخريجي الطب المصريين.
وأكّد مختصون أن خريجي كليات الطب المصرية المعترف بها من المجلس الأعلى للجامعات في مصر لا يزالون مؤهلين للعمل في المملكة، شريطة اجتياز الشروط المهنية المعمول بها هناك.
رغم هذا التوضيح، لا تزال حالة من القلق تسود بين الأطباء المصريين، خصوصًا في ظل التوجه المتزايد نحو سعودة القطاع الصحي، ما يراه البعض تنظيمًا للسوق، فيما يعتبره آخرون تهديدًا لمستقبل آلاف الخريجين.
راتب 25 ضعفا
ومما يؤخذ بحسب مراقبين على نقيب الأطباء ظهوره في برنامج يتحدث عن أن "الطبيب المصري في السعودية يتقاضى 25 ضعف مرتبه بمصر"!
وفي نوفمبر 2024، قال الدكتور أسامة عبدالحي، نقيب الأطباء، إن 60 ألف طبيب مصري يعملون في السعودية وهم يمثلون ثلث الأطباء المسجلين في النقابة، حيث إن هناك 110 آلاف طبيب في مصر، مؤكدًا أن الطبيب في السعودية يحصل على 25 ضعف ما يتقاضاه من راتب بمصر.
وأوضح "عبدالحي"، عبر شاشة "القاهرة والناس"، أنه في السعودية عند تقديم شكوى من مريض يتم تحويلها للجنة المسئولية الطبية للبت في الأمر وليس النيابة.
ولفت إلى أن الطبيب المصري ماهر في عمله بشكل كبير، والطبيب المصري هو مورد بشري عظيم ومطلوب من كثير من دول العالم".
وشدد على أن ألمانيا ألغت بند كان مطلوبا لعمل الطبيب المصري في ألمانيا وهو أنه لم يعد يشترط تعلم الطبيب اللغة الألمانية وفقط يعتمد على اللغة الإنجليزية في البداية.
وقالت "نهى" في حديث مع بي بي سي إن "ممارسة الطب في مصر صعبة، وأنا لا أريد أن أقضي حياتي كلها أعمل اليوم بأكمله فقط لأتمكن من توفير الحد الأدنى للحياة".
وتتذكر نهى أنها فور تخرجها عملت كمساعدة في عدد من عيادات التجميل، تقول: "كنت أعمل لنحو 16 ساعة يومياً لأحصل على ما يوازي 20 دولاراً في اليوم الواحد، وفي طريق عودتي للمنزل كنت استخدم المواصلات العامة، مهما كان الوقت متأخراً، حتى أتمكن من ادخار المبلغ".
وتبلغ رسوم امتحانات المعادلة التي تسعى نهى للتقدم لها للسفر إلى الولايات المتحدة نحو 1000 دولار، إضافة إلى تكاليف الدورات التدريبية والاختبارات التقييمية التي تحتاجها إلى السفر للعمل هناك.
تقول نهى إن غالبية زملائها من الأطباء إما يستعدون للسفر أو يفكرون في السفر، "حتى في الجامعة أشجع طلابي على إجراء اختبارات المعادلات اللازمة للسفر في وقت مبكر، وأخبرهم أن هناك طريقاً للخروج إذا كانت الظروف في مصر صعبة".
ونقل التقرير عن الطبيب محمد محيسن العودة لممارسة الطب في مصر في وقت قريب، كان محمد من أوائل دفعته، عمل كطبيب مقيم في أحد المستشفيات الجامعية في مصر لسبع سنوات قبل أن يسافر إلى بريطانيا لاستكمال دراسته العليا في عام 2016، ثم قرر الاستقرار ومواصلة عمله هناك.
يعمل محيسن، حالياً كاستشاري لأمراض القلب في مستشفى "سومرست" التابعة لهيئة الصحة الوطنية البريطانية، ويقول في حديث مع بي بي سي إن السفر لم يكن هدفه من البداية، لكنه وجد ظروف العمل في مصر صعبة وطاردة، ومن بين الصعوبات التي ذكرها "نقص في فرص التدريب والتعلم.".
وبينما تتعالى التحذيرات من الارتفاع المستمر في أعداد الأطباء المصريين المهاجرين سنوياً، وتأثيره على النظام الصحي بالبلاد، تشجّع الحكومة المصرية هذا الاتجاه، وتقول إنها تعمل على رفع رواتب الأطباء وزيادة أعداد الخريجين من كليات الطب لسد العجز في أعداد الأطباء بالداخل.
ويبلغ معدل الأطباء في مصر نحو 9 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، وهو أقل من نصف المعدل العالمي المحدد بـ 23 طبيباً، بحسب النقابة العامة لأطباء مصر.
وقال مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي إن الحكومة تعمل على زيادة عدد خريجي كليات الطب من نحو 10 آلاف طالب سنوياً في الوقت الحالي إلى 29 ألف خريج سنويا بعد 6 سنوات.
وأضاف مدبولي: "إذا هاجر منهم 7 أو 8 آلاف طبيب سنوياً، فهذا شيء جيد، أن يخرج جزء من شباب مصر وقوتها الناعمة للعمل بالخارج، ويحقق عائداً مالياً واقتصادياً، هذا يعود بالنفع على الدولة، نحن نرى ارتفاعاً في تحويلات المصريين بالخارج".
وحذرت نقابة الأطباء في مصر بالمقابل من أن الزيادة في أعداد خريجي كلية الطب دون توفير التدريب اللازم ومعالجة الأسباب التي تدفع الأطباء للسفر، هو أمر قد يفاقم المشكلة ولا يحلها.
ونقلت عن نقيب الأطباء المصريين أسامة عبد الحي في حديث مع بي بي سي إن "أي زيادة في أعداد طلاب كليات الطب يجب أن تكون مشروطة بزيادة في فرص التدريب والتعليم، لأنه بدون التدريب ستضر هذه الزيادة بالنظام الصحي، وستؤثر على مهارة الطبيب، لأن هؤلاء الأطباء لن يتلقوا تعليماً أو تدريباً كافياً، ولن يكون هناك إقبال على جذبهم للعمل من الدول الخليجية أو الأوروبية".
وأضاف عبد الحي: "حالياً نرى أطباء يهاجرون فور تخرجهم، وقبل حتى أن يبدأوا العمل في مصر، يعملون على الإعداد للشهادات المطلوبة للسفر وهم في مراحل الدراسة، ويسافرون فور التخرج".
ويطالب نقيب الأطباء بضرورة تحسين بيئة عمل الأطباء ومعالجة الأسباب التي تدفعهم للهجرة، ويقول إن الدخل المادي ليس هو السبب الوحيد لهجرة الأطباء، أيضاً الاعتداءات المتكررة في المستشفيات من أهم أسباب هجرتهم، يجب تأمين المستشفيات وتحسين وتنظيم العمل فيها لتخفيف العبء على الأطباء، سيحسن ذلك من بيئة العمل، ويقلل من الأسباب التي تدفع الأطباء للهجرة".