عصابة العسكر لا تترك شيئا فى مصر إلا طرحته للبيع لأنها غارقة فى دوامة الديون التى لا يعرف أحد أين تم انفاقها ؟ ولماذا لجأت العصابة إلى اقتراض كل هذه المبالغ التى تصل إلى نحول 160 مليار دولار ديونا خارجية بالإضافة إلى 6 تريليونات جنيه كديون داخلية.
آخر ما وقعت عليه عيون العصابة أراضى كورنيش النيل أو ما يسمى بطرح النهر حيث وجّه رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي، بسرعة إجراء حصر شامل ودقيق للأراضي الفضاء غير المستغلة المطلة على كورنيش النيل، وتقييمها ووضع خطة لاستغلالها.
كان جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، قد أعلن في عام 2023، عن طرح قطع أراضي على ضفاف النيل “طرح النهر”، لاستغلالها في أنشطة سياحية، بالمزاد العلني، وتقع هذه الأراضي داخل القاهرة والجيزة بمناطق (جزيرة الزمالك، والمعادي، وجزيرة المنيل، ومصر القديمة، وطرة، ودار السلام، والمعصرة، وإمبابة).
وسبق أن نشر الجهاز، إعلانًا في الصحف الحكومية، في 20 ديسمبر 2022، طرح فيه قطع أراضٍ على ضفاف النيل، للمزاد العلني، بنظام الانتفاع السنوي، فى (الزمالك، والعجوزة، والدقي، وجاردن سيتي، والمنيل، والمعادي، والمعصرة، والمنيب، وإمبابة، والوراق).
كما أصدر في أكتوبر الماضي، خطابات رسمية تقضي بعدم تجديد عقود حق الانتفاع لكافة أراضي النهر الممتدة من شبرا إلى حلوان. وشمل القرار منشآت منها: كلية السياحة والفنادق، والمسرح العائم، ونادي شرطة المسطحات المائية، وحديقة أم كلثوم، ونوادٍ أخرى .
توزيع ملكية
في هذا السياق، أعربت خبيرة التخطيط الاستراتيجي والتسويق الدولي، سالي صلاح، عن قلقها مما وصفته بـ”أكبر عملية إعادة توزيع لملكية أراضي كورنيش النيل في تاريخ مصر”، مشيرة إلى أن ما يجري يتجاوز كونه تطويرًا عمرانيًا، ليصل إلى حد الطرح الشامل للواجهة النيلية في مزادات استثمارية، تمتد من القاهرة والجيزة والقليوبية حتى المحافظات الساحلية.
وأوضحت سالي صلاح في بوست على فيسبوك أن صلاحيات وزارة ري الانقلاب، التي كانت الجهة الرسمية المعنية بإدارة أراضي الكورنيش، جرى سحبها مؤخرًا وتحويلها إلى جهتين رئيسيتين: الشركة الوطنية لحماية الشواطئ والمسطحات المائية التابعة للقوات المسلحة، التي تتولى عمليات البيع وتحصيل العوائد، وصندوق مصر السيادي، الذي يمتلك حاليًا الأراضي ذات الطبيعة السياحية والفندقية.
وأضافت أن الأراضي المعروضة، التي تقدر قيمتها الرسمية بعشرات المليارات من الدولارات وربما تتجاوز ذلك وفقًا لبعض التقديرات، تشمل مساحات واسعة في مناطق روض الفرج، وبولاق أبو العلا، ودار السلام، وحلوان، والمعصرة، فضلًا عن أراضٍ ساحلية في مواقع استراتيجية مثل رأس الحكمة، ورأس شقير، ورأس بناس.
وكشفت سالي صلاح ان الاجتماعات الحكومية الأخيرة، برئاسة مصطفى مدبولي، خرجت بتوجيهات واضحة للإسراع في عمليات الحصر والتقييم والطرح، دون إعلان عن خطة تنموية متكاملة، أو إشراك للرأي العام في صياغة القرارات.
وأشارت إلى أن المشروعات المقترحة عبارة عن مطاعم وكافيهات وأبراج سكنية وفنادق، بما يؤدى إلى تحويل الكورنيش من فضاء عام مفتوح إلى استثمارات مغلقة لا تُتاح للمواطنين.
الديون
وانتقدت سالي صلاح ما اعتبرته “تهيئة مسبقة للصفقة”، مشيرة إلى اقتلاع مساحات خضراء وردم أجزاء من نهر النيل، مشيرة إلى أن مشروعات مثل “ممشى أهل مصر”، حجبت رؤية النهر لمسافة تقدر بنحو 40 كيلومترًا، وحولت الواجهة النيلية إلى منشآت تجارية مستأجرة.
ووصفت هذه الخطوات بأنها تمثل مخالفة للدستور والقانون، خاصة في ظل ما تواجهه البلاد من أزمة مائية، مؤكدة أن هذه السياسات ترتبط بالدين العام، الذي ارتفع من نحو 65 مليار دولار إلى 160 مليار دولار خلال سنوات قليلة، رغم العوائد الناتجة عن صفقات كبرى مثل رأس الحكمة .
وأكدت سالي صلاح أن بيع الأصول العامة لسداد جزء من الديون لم يوقف تضخم الدين، ولم ينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين أو مستويات معيشتهم، مشيرة إلى منشآت ثقافية وخدمية، عرضة للهدم أو الإزالة ضمن هذه الخطة، منها: المسرح العائم، ونادي أعضاء هيئة التدريس، وكلية السياحة والفنادق، ونادي القضاة، وحديقة أم كلثوم، ومسرح فاطمة رشدي .
واعتبرت أن ما يجري يُفضي إلى تفريغ النيل من هويته المعمارية والثقافية، مؤكدة ان ما يحدث يمثل “بيعًا للتاريخ والحاضر والمستقبل”، حيث تتحول ضفاف النيل، التي طالما كانت فضاءً عامًا مجانيًا للمصريين، إلى واجهة استثمارية مغلقة، تُدار بمنطق “التسريع في البيع والتصفية” بدلًا من أن تستند إلى رؤية لبناء الدولة أو تنمية الاقتصاد الإنتاجي.
فضاءات مفتوحة
وأكد المهندس يحيى الزيني، مؤسس ديوان المعماريين وعضو لجنة شباب المعماريين بجمعية المعماريين المصريين، أن ضفاف الأنهار هي في الأساس فراغات عامة لسكان المدن، ولا ينبغي توجيهها للاستثمار العقاري أو السياحي المكثف، مشددًا على أن الاستخدام الأمثل لها يتمثل في الحدائق والمتنزهات المفتوحة والملاعب العامة، بما يضمن استفادة جميع المواطنين من هذا المورد الطبيعي.
وقال الزينى فى تصريحات صحفية : توجه دولة العسكر إلى استغلال هذه الأراضي عبر إنشاء منشآت استثمارية أو تحويلها إلى مطاعم وكافيهات أو أبراج سكنية ليس الاستخدام الأمثل، معتبرا أن أي تدخل من هذا النوع يُفقد نهر النيل وظيفته الأساسية كواجهة طبيعية مفتوحة للجميع، والحد الأقصى المقبول هو وجود منشآت خفيفة تخدم المتنزهات والفراغات العامة، دون أن تتحول الضفاف نفسها إلى مشروعات استثمارية مغلقة .
وحول قرارات نزع الملكية أو توسعة الطرق على الكورنيش، أوضح إن الطرق الموازية للأنهار يجب أن تكون محلية منخفضة السرعة، وأن أي توسعات كبيرة تفصل بين المدينة وموردها الطبيعي تعد توجها غير صحيح عمرانيًا وبيئيًا، مؤكدًا أن استغلال ضفاف النيل في إنشاء طرق سريعة أو استثمارات مغلقة يعمق عزلة السكان عن النهر بدلاً من دمجه في حياتهم اليومية.
وأشار الزيني ، إلى أن الفراغات العامة في مصر شهدت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، موضحًا أن أغلب الحدائق أصبحت محاطة بالأسوار وتحتاج إلى تذاكر دخول، وهو ما يناقض مفهوم الفراغ العام الذي يجب أن يظل مفتوحًا ومجانيًا. معتبرا أن فرض رسوم على المواطنين يتجاهل كونهم بالفعل يدفعون ضرائب عامة وعقارية يفترض أن تُوجَّه لصيانة وتطوير هذه المساحات.
وانتقد الزيني الاتجاه المتزايد لتحويل الأراضي العامة إلى أندية خاصة أو مشروعات استثمارية بفكرة “حق الانتفاع”، معتبرًا أن هذه الرؤية تحرم المواطنين من حقهم في الطبيعة وتعيد إنتاج نموذج النخبوية العمرانية، حيث تُحجب الأنهار والبحار خلف أسوار النوادي والكافيهات، مؤكدًا أن الضفاف النهرية يجب أن تبقى فضاءات عامة مفتوحة، تعكس العدالة العمرانية وتخدم جميع الفئات الاجتماعية، وأي رؤية خلاف ذلك تُختزل في مجرد نظرة استثمارية قصيرة المدى لا تحقق المصلحة العامة.