بينما تتوفر أمام مصر بدائل طبيعية وأقل تكلفة من دول عربية وإسلامية مثل قطر والجزائر، يصر المنقلب عبد الفتاح السيسي على الاعتماد المتزايد على الغاز المستورد من كيانات معادية مثل إسرائيل أو شركات أميركية عملاقة تفرض شروطها، في مشهد يكشف التبعية السياسية والاقتصادية لنظامه.
فقد أعلنت شركة شيفرون الأميركية عن تعزيز إمدادات الغاز لمصر، وسط ارتفاع الطلب المحلي وتراجع الإنتاج الوطني، بحسب ما كشفه رئيس الشركة لقطاع الغاز العالمي فريمان شاهين، في تصريحات نقلتها وكالة بلومبيرغ على هامش مؤتمر "غازتك" بميلانو.
مصر من دولة مكتفية ذاتياً إلى مستورد رئيسي
منذ سنوات قليلة فقط، تباهى النظام بتحقيق "الاكتفاء الذاتي" من الغاز، لكن الواقع سرعان ما فضح تلك الدعاية؛ إذ تراجع إنتاج حقول مثل "ظهر"، وعاد النظام إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال بكثافة، حيث تضاعفت الواردات مقارنة بعام 2018.
لكن الأخطر أن القاهرة باتت تعتمد بشكل كبير على الغاز الإسرائيلي القادم من حقلي ليفياثان وتمار، وهما الحقلان اللذان تشغلهما شيفرون الأميركية.
تهديدات إسرائيل… وتبعية مصر
في الأسابيع الماضية، لوّحت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتقليص صادرات الغاز لمصر لصالح تلبية احتياجاتها الداخلية، وهو ما كشف هشاشة الوضع المصري وتبعية قرارات القاهرة لإرادة تل أبيب. ورغم هذا التهديد، لم يتحرك النظام للبحث عن بدائل عربية قريبة مثل الجزائر أو قطر، بل هرع إلى توقيع عقود طويلة الأجل مع شركات أميركية.
لماذا شيفرون وإسرائيل؟
يطرح هذا السلوك تساؤلات جوهرية:
- لماذا يحرص السيسي على تعزيز الاعتماد على الغاز الإسرائيلي رغم خطورته السياسية والأمنية؟
- لماذا يُهمَّش التعاون مع الدول العربية المنتجة للغاز، في حين تُفتح الأبواب لشركات أميركية وصهيونية تتحكم في مستقبل الطاقة المصري؟
- هل يتعلق الأمر بصفقات سياسية تضمن بقاء النظام مقابل مزيد من التنازلات الاقتصادية؟
مصر من مركز إقليمي إلى ورقة ضغط بيد تل أبيب
لطالما روّج النظام لفكرة أن مصر أصبحت "مركزاً إقليمياً للطاقة"، لكن الوقائع تثبت العكس؛ إذ تحولت إلى سوق استهلاكية أسيرة لإرادة إسرائيل وشركات الطاقة الدولية، هذه التبعية تهدد الأمن القومي وتفرغ حلم "مركز التسييل والتصدير" من مضمونه، ليبقى مجرد شعار للاستهلاك المحلي والدعاية السياسية.