قرر عمال شركة لينين جروب للنسيج والمفروشات بالمنطقة الحرة بالعامرية في الإسكندرية مواصلة اضرابهم عن العمل الذى بدأوه ، منذ الأربعاء الماضى عقب وفاة طفلة رضيعة على ذراع أمها العاملة دعاء محمد بعد رفض الإدارة منحها إجازة أو إذنًا للذهاب بابنتها المريضة إلى المستشفى، واحتجاز الأم لثلاث ساعات داخل الشركة .
كانت والدة الرضيعة المتوفاة قد توجهت بصحبة عدد من زميلاتها إلى قسم شرطة الدخيلة لتحرير محضر ضد الإدارة بالتسبب في وفاة ابنتها.
وتحاصر قوات شرطة الانقلاب مدعومة بسيارات الأمن المركزي بوابات الشركة، فيما هدد ضباط أمن الانقلاب العمال الغاضبين بالقبض عليهم إذا لم يفضوا تجمهرهم .
وأكد العمال، أن قوات الشرطة الموجودة أمام الشركة تعدت على عاملين من العمال المحتجين بالضرب، واحتجزتهما داخل إحدى سيارات الشرطة، إلى أن اضطرت إلى إطلاق سراحهما، بعد ضغط العاملات ومحاصرتهن للسيارة المحتجز بها زميلاهما.
إجازة
وقالت العاملة دعاء محمد والدة الرضيعة المتوفاة : كنت في إجازة وضع لمدة ثلاثة أشهر، رجعت منها منذ 10 أيام، بنتي تعبت جدًا امبارح، عندها ميكروب في المعدة، حاولت أتصل بالتليفون علشان أخد إجازة ما عرفتش، اضطريت أجي الشركة الساعة 7 صباحًا، علشان كنت غايبة قبلها بيوم معاها في المستشفى، لأن اللي بيغيب بدون إذن لمدة يومين بيتخصم منه الـ2000 جنيه بدل غلاء المعيشة، واحنا محتاجين كل جنيه من المرتب.
وأكدت دعاء محمد أن المديرة رفضت منحها إجازة أو إذنًا رغم أنها رأت ابنتها المريضة على يدها، وظلت ثلاث ساعات تتوسل، حتى أبلغها موظف في الإتش آر أنه وافق على الإجازة على الرغم من رفض المديرة، "يدوب خرجت من الشركة والبنت ماتت على إيديا، روحت المستشفى قالولي انتي صبرتي عليها ليه ده كله".
وأشارت إلى أنها كانت في حكم المحتجزة لأن الأمن يرفض خروج أي عامل قبل موعد انصراف الوردية إلا بإذن أو تصريح خروج.
محاسبة المسئولين
وقالت عاملة اخرى إنه عقب وفاة الرضيعة دخل عمال مصنع "التفصيل 1" الذي تعمل به دعاء، ومصنع "الأتوماتيك" في إضراب عن العمل، منذ يوم الأربعاء الماضى، ثم انضم إليهما كل مصانع الشركة، التي توقفت تمامًا عن الإنتاج.
وطالب العمال بمحاسبة المسؤولين عن موت الطفلة، وإلغاء الشروط التعسفية التي تضعها الشركة لاستحقاق بدل غلاء المعيشة، وصرف الراتب بحد أقصى يوم 5 من كل شهر .
وأكد العمال أن الشركة اعتادت في الشهور الأخيرة على تأخير المرتب ليوم 10 و15 من كل شهر، واحنا كلنا ورانا التزامات وبنصرف على بيوتنا وعندنا عيال عايزة تاكل وتشرب وتتعالج، مرتب شهر 8 مثلًا لسه متحول من يومين بعد موت الطفلة.
بدل غلاء المعيشة
وقال مصدر عمالي إن اجتماعًا عُقد بين الإدارة وأعضاء من النقابة المستقلة بـ"لينين جروب" طالب فيه أعضاء النقابة بالتحقيق مع المسؤولين عن احتجاز أم الرضيعة المتوفاة ورفض منحها إجازة، وإلغاء تعقيدات حصول العمال على الإجازات، وصرف الرواتب في موعدها، وصرف بدل مخاطر 7 أيام شهريًا، وإلغاء شروط الحصول على بدل غلاء المعيشة، "التي هدفها الخصم من رواتب العمال"، و"أكل حقوقهم" لكن الاجتماع لم يتوصل إلى شيء.
وأشار المصدر إلى أن الإدارة تحايلت على تطبيق الحد الأدنى، باحتساب بدل غلاء المعيشة كجزء منه، ومع ذلك تقوم بخصم البدل كاملًا (2000 جنيه) إذا تغيب العامل يومين، إضافة إلى خصم يوم الغياب بيومين، كما يُجبر العمال على نصف ساعة إضافية بلا أجر.
إذلال العمال
من جانبه اعتبر شريف المصري رئيس اتحاد النقابات العمالية أن ما يحدث مع عمال لينين جروب هو نوع من إذلال العمال، وكأن العمال يتسولون رواتبهم، وإجازاتهم الرسمية التي يكفلها القانون.
وأضاف المصري فى تصريحات صحفية أن أجر العمال وإجازاتهم حق لا ينبغي لأحد أن يمنعه أو يعطله، وعلى الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة العمل أن تحفظه وتضمن تنفيذه، وأن تضمن عدم تشغيل العمال أكثر من ساعات العمل الرسمية، والتزام رجال الأعمال بذلك وعدم مخالفتهم لقانون العمل.
وأعلن الاتحاد المصري للنقابات العمالية (تحت التأسيس)، في بيان له، تضامنه مع أم الرضيعة المتوفاة، ومع إضراب عمال لينين جروب ونقابتهم المستقلة، دفاعًا عن حقوقهم المشروعة وكرامتهم الإنسانية.
واعتبر البيان أن هذه الواقعة المفجعة تمثل جريمة إنسانية وأخلاقية وقانونية تتحمل مسؤوليتها إدارة الشركة أولًا وأخيرًا، وأن ما حدث لا يعد مجرد مخالفة لقانون العمل أو انتهاك لحقوق العمال فقط، بل هو انتهاك صريح للدستور المصري، وللمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تكفل الحق في الأجر العادل وفي بيئة عمل آمنة وكريمة. وهو أيضًا استخفاف بكرامة الإنسان وبأبسط الحقوق في الحياة.
وطالب بتطبيق الحد الأدنى للأجور المقرر قانونًا، والالتزام بساعات العمل القانونية، وتوفير معايير السلامة والصحة المهنية، وصرف بدل مخاطر، والدخول في مفاوضة حقيقية مع ممثلي العمال، وإبرام اتفاقية عمل جماعية.