نتنياهو اعتبره “مكافأة لحماس”…صدمة في دولة الاحتلال بعد اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا بالدولة الفلسطينية

- ‎فيعربي ودولي

 

أعلنت كل من بريطانيا وأستراليا وكندا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، لتفتح هذه الخطوة فصلًا جديدًا في التوازنات الدبلوماسية المرتبطة بالصراع الفلسطيني ـ الصهيوني.

الإعلان لم يكن مفاجئًا، لكنه جاء في توقيت حساس للغاية مع استمرار حرب الإبادة في غزة وتزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع، ما أضفى عليه زخمًا سياسيًا وأبعادًا إنسانية عميقة.

ووفقًا لموقع أكسيوس الأمريكي، مثّل القرار صدمة قوية للأوساط الصهيونية، حيث خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بخطاب غاضب وصف فيه الاعتراف بأنه "مكافأة لحماس"، في إشارة إلى حماس.

وأضاف نتنياهو أن دولة الاحتلال لن تسمح بقيام دولة فلسطينية غرب نهر الأردن، مؤكّدًا أن هذه الخطوة ستدفع حكومته إلى إعادة النظر في التزاماتها الأمنية والدبلوماسية.

كما شنّ هجومًا على العواصم الغربية التي اتخذت القرار، متهمًا إياها بأنها تسعى لتحقيق مكاسب سياسية داخلية على حساب أمن دولة الاحتلال.

 

خيار حل الدولتين

 

في المقابل حاولت الدول الثلاث تبرير موقفها بخطاب إنساني وسياسي، ففي لندن، شددت وزارة الخارجية البريطانية على أن الاعتراف جاء استجابة لمعاناة الفلسطينيين اليومية في غزة والضفة، وأنه يهدف إلى إعادة إحياء خيار حل الدولتين الذي يكاد يختفي من المشهد.

وفي أستراليا، أعلن رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز أن بلاده لم تعد تستطيع أن تظل على الحياد بينما تُنتهك حقوق الفلسطينيين بصورة يومية، مؤكدًا أن الاعتراف لا يعني معاداة دولة الاحتلال، بل هو محاولة لتحقيق توازن طال انتظاره.

وفي كندا، وصف رئيس الوزراء جاستن ترودو الخطوة بأنها تعبير عن التزام كندا بالعدالة والشرعية الدولية وحقوق الإنسان.

 

تصحيح مسار تاريخي

 

فيما جاءت ردود الفعل الفلسطينية، سريعة واحتفالية، فقد أعلنت القيادة الفلسطينية أن هذه الاعترافات "تصحيح لمسار تاريخي منحاز"، فيما خرجت مسيرات عفوية في شوارع رام الله وغزة، رافعة الأعلام الفلسطينية ومرددة شعارات تدعو إلى مزيد من الاعترافات الدولية.

 بالنسبة للفلسطينيين، فإن قرار بريطانيا تحديدًا كان له رمزية مضاعفة، إذ يُنظر إليها تاريخيًا على أنها صاحبة "وعد بلفور" الذي مهد الطريق لقيام دولة الاحتلال، وبالتالي فإن اعترافها بدولة فلسطين يُعتبر لدى كثيرين بداية تصحيح لمسار تاريخي طويل من الانحياز.

ومن الناحية التاريخية، لم يكن هذا الاعتراف الأول من نوعه، فقد سبقت السويد دول الغرب الأوروبي حين أعلنت في ٢٠١٤ اعترافها بفلسطين، كما اعترفت أكثر من ١٣٠ دولة في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية منذ إعلان الاستقلال في الجزائر عام ١٩٨٨.

 

3 قوى ديمقراطية

 

غير أن خصوصية الخطوة الأخيرة تكمن في هوية الدول المعترفة: ثلاث قوى ديمقراطية غربية كبرى، اثنتان منهما (بريطانيا وكندا) تُعتبران من أبرز الحلفاء التقليديين لدولة الاحتلال ، وهو ما يجعل وقع الخطوة أثقل بكثير على دولة الاحتلال من اعتراف دول أخرى.

وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية: إن "دولة الاحتلال من جانبها تخشى من "تأثير الدومينو". إذ حذرت دوائر سياسية في الكيان الصهيوني من أن القرار قد يشجع دولًا أوروبية أخرى مثل إسبانيا وإيرلندا وبلجيكا على اتخاذ خطوات مشابهة، ما يعني أن عزلة دولة الاحتلال الدبلوماسية قد تتسع بوتيرة أسرع مما كانت تتوقع".

 

الحصن الأخير

 

ونقلت صحيفة هآرتس الصهيونية عن مسئولي الاحتلال قولهم: إن "الحكومة ستضاعف من نشاطها الدبلوماسي للضغط على الولايات المتحدة كي تظل ثابتة في موقفها الرافض للاعتراف، باعتبار أن واشنطن هي الحصن الأخير لدولة الاحتلال في مواجهة المد المتزايد من الاعترافات الدولية".

 

زلزال دبلوماسي

 

واعتبرت تقارير غربية أن هذه الاعترافات ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي إشارة إلى تبدّل في المزاج السياسي الغربي، لافتة إلى أنه بعد سنوات من الانحياز شبه المطلق لدولة الاحتلال بدأت بعض العواصم الكبرى تُدرك أن استمرار الاحتلال والصراع المفتوح لم يعد قابلًا للتسويق أمام شعوبها ولا أمام المؤسسات الدولية.

وقالت التقارير : "مع ذلك، يبقى السؤال الكبير، هل سيتحوّل هذا الاعتراف إلى ضغط فعلي يغيّر حسابات الاحتلال، أم سيظل خطوة معنوية بلا ترجمة على الأرض؟ موضحة انه في كل الأحوال، فإن اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا بالدولة الفلسطينية لم يكن مجرد خبر عابر، بل هو زلزال دبلوماسي يُعيد فتح ملف القضية الفلسطينية في قلب العواصم الغربية، ويضع دولة الاحتلال أمام تحديات غير مسبوقة في سعيها للحفاظ على تحالفاتها التاريخية".

 

نقلة نوعية

 

وعلقت صحيفة "الجارديان" البريطانية على اعتراف المملكة المتحدة وكندا وأستراليا بدولة فلسطينية، واصفة الخطوة بأنها نقلة نوعية وشرارة صراع دبلوماسي عالمي.

وحذرت الصحيفة من اشتعال صراع دبلوماسي بين الدول المعترفة بفلسطين كدولة والاحتلال الصهيوني، الذي يدرس ضمّ أراضٍ في الضفة الغربية ردًا على ذلك.

وقالت: إن "الرد الصهيوني المتوقع يمكن أن يؤدي إلى تعميق الخلاف مع أوروبا، وتوسيع هوة خلافها مع الدول العربية، وزيادة بُعد الولايات المتحدة عن حلفائها حول العالم، في ظلّ استمرار إدارة ترامب في دعم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو في حربه على غزة".

 

المصالح الأمريكية

 

كانت واشنطن قد حذّرت حلفاءها قبل إعلان يوم الأحد من أن دولة الاحتلال سترد "رمزيًا"، وكان كبار المسؤولين على دراية بأن ردّ الاحتلال قد يُعرّض مبادرات إدارة ترامب الأساسية، بما في ذلك اتفاقيات إبراهيم للخطر.

وقالت واشنطن: إن "من شأن الاعتراف أيضًا أن يزيد من حدة التوترات بين تلك الدول والولايات المتحدة بحكم عضويتها في تحالف "العيون الخمس".

وفي رسالة مفتوحة، حذّر كبار المشرعين الجمهوريين في الولايات المتحدة رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، ورئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، ورئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، من أن المضي قدمًا في الاعتراف سيضع بلادكم في خلافٍ مع السياسة والمصالح الأمريكية الراسخة، وقد يستدعي اتخاذ إجراءات عقابية ردًا على ذلك .

 

"مكافأة لحماس"

 

فيما شهدت الولايات المتحدة موجة من الأصوات الجمهورية التي تدين الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين من قِبل المملكة المتحدة وكندا وأستراليا.

وقالت الصحيفة:  إنه "من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستؤيد بفعالية رد الاحتلال – بما في ذلك الاستيلاء المحتمل على أجزاء من الضفة الغربية – أو ما إذا كانت إدارة ترامب قد وافقت فقط على عدم الوقوف في طريق نتنياهو، حيث يبدو أن دولة الاحتلال تمسك بزمام المبادرة في علاقتها مع الولايات المتحدة بشكل متزايد ".

وأضافت، لكن حتى لو لم تُعتمد الخطة المتطرفة التي أقرها وزير المالية الصهيوني اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش لضم الضفة الغربية، فقد يعلن نتانياهو، ولو بشكل رمزي، ضمًا لأراضٍ معترف بها دوليًا كأراضٍ فلسطينية محذرة من أن هذه الخطوة ستُثير غضب دول عربية كما ستزيد من دعم فرض عقوبات ورسوم جمركية جديدة في الاتحاد الأوروبي، مما يزيد التوترات بين دولة الاحتلال وبروكسل.