330 % زيادة بأسعار الدواء ومديونيات هيئة الجيش 7 مليارات جنيه .. فتش عن”اللواء بهاء”!

- ‎فيتقارير

ليست في مصر أزمة أدوية بالمعنى  الحقيقي وإنما بالمعنى المصطنع حيث كشف عن ذلك حجم صادرات مصر من الأدوية والمستحضرات الطبية خلال عام 2024/2025 الذي بلغ نحو 1.5 مليار دولار.

وخلال أول شهرين فقط من عام 2025، بلغت الصادرات نحو 135 مليون دولار، بزيادة 28% عن نفس الفترة من 2024. كما تستهدف الحكومة رفع قيمة الصادرات إلى 3 مليارات دولار بحلول 2030، مع توطين صناعة المواد الفعالة وتقليل الفاتورة الاستيرادية.

إلا أنه وحتى منتصف عام 2025، تواجه هيئة الشراء الموحد أزمة مديونيات ضخمة تجاه شركات الأدوية والمستلزمات الطبية، أثّرت بشكل مباشر على توفر الأدوية في السوق، خاصة أدوية الأمراض المزمنة.

وبلغ حجم مديونيات الهيئة نحو 7 مليارات جنيه مصري لصالح شركات الأدوية والمستلزمات الطبية، وفقًا لتصريحات من مسئولين في شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية.

وتراكمت هذه المديونيات بسبب تأخر السداد وتغير سعر الصرف، ما أدى إلى فجوة بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع المعتمد من هيئة الدواء.

وقلصت شركات الأدوية الإنتاج أو أوقفت توريد بعض الأصناف للهيئة، ما تسبب في نقص حاد في أدوية الضغط، السكر، القلب، والمضادات الحيوية.

وطالبت بعض الشركات بإعادة تسعير الأدوية أو تسوية المديونيات بالدولار بدلًا من الجنيه، نظرًا لاعتمادها على مواد خام مستوردة

 

وطالبت 100 شركة دواء بزيادة أسعار نحو 500 صنف، على أن تتراوح نسب الزيادة المطلوبة في الأسعار بين 10% إلى 30%، تُضاف إلى زيادات بنحو 300% لأسعار الدواء منذ الانقلاب لتصبح الزيادة 330%.

وعبر مراقبون ومنهم نواب ببرلمان السيسي عن مخاوف مثارة من تأثيرات مباشرة على توافر الأدوية مع دخول فصل الشتاء، حيث يزداد الطلب بشكل ملحوظ على أدوية البرد والسعال والمضادات الحيوية، خاصة في ظل تأكيد رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أن السبب الرئيسي وراء أزمة نقص الأدوية، هو ضغوط من بعض الشركات التي تسعى لرفع أسعار الدواء عبر تقليل المعروض في السوق.

وقال د. محمود فؤاد – مدير المركز المصري للحق في الدواء في تصريحات صحفية:

"الزيادات في أسعار الدواء أصبحت تهدد القدرة العلاجية لفئات واسعة، خصوصًا مرضى الأمراض المزمنة الذين يعتمدون على أدوية شهرية".

وأشار إلى أن أسعار أكثر من 130 صنفًا دوائيًا استراتيجيًا ارتفعت خلال شهر واحد فقط، رغم استقرار سعر الدولار رسميًا، مؤكدًا أن أدوية القلب والسكري والمضادات الحيوية أصبحت تُباع بأسعار مضاعفة دون وجود بدائل حكومية كافية.

وقال د. محمد العبد – عضو مجلس نقابة الصيادلة: "أكثر من 15 ألف صيدلية أغلقت أبوابها خلال السنوات الأخيرة بسبب تآكل هامش الربح وثبات الأسعار رغم ارتفاع المصروفات التشغيلية". مطالبا بإعادة النظر في سياسات التسعير وهامش الربح، محذرًا من انهيار شبكة الصيدليات التي تُعد خط الدفاع الأول لتوفير الدواء للمواطن.

أما د.علي عوف – رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية- فأوضح أن نقص الأدوية كان نتيجة لتوقف تسعيرها وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب سعر الدولار، ما جعل الشركات تواجه خسائر، مشيرًا إلى أن نحو 3000 صنف دوائي كان مفقودًا في السوق خلال الفترات السابقة.

وفي ظل الهيئة الموحدة للشراء وهيئة الدواء المصرية باتت أزمة الأدوية ذات أبعاد مختلفة ومع بدأ الهيئة مؤخرًا إجراءات لتسوية المديونيات، تشمل جدولة السداد وتوفير سيولة جزئية، أكدت الشركات أن هذه الخطوات غير كافية لتغطية الفجوة، وأن الجهاز العسكري (الانضباط بحسب ما يروج محليا) ليس كافيا ولا بد من جهات مدنية تتدخل مثل وزارة المالية والبنك المركزي لتوفير دعم نقدي عاجل للهيئة فضلا عن الشركات صاحبة المديونية التي ترفع الأسعار في محاولة للاستمرار أمام مصالح اللواءات.

اللواء بهاء الدين زيدان

ويعد بهاء الدين زيدان رئيس هيئة الشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي العسكري (عمل مزدوج تماما كما كامل الوزير) وبات من مهام الهيئة أن تتولى دون غيرها إجراء عمليات الشراء للمستحضرات والمستلزمات الطبية لجميع الجهات والهيئات الحكومية، وإعداد خطط وبرامج وقواعد التدبير والشراء الموحد من الداخل أو الخارج، وإعداد الموازنة التقديرية السنوية اللازمة للشراء، والتنسيق مع الشركات الطبية لتعزيز المخزون الاستراتيجي الطبي للدولة لمواجهة أي ظروف استثنائية، وإدارة التخزين والنقل والتوزيع للمستحضرات والمستلزمات الطبية!

وخبرة "بهاء الدين زيدان" أنه لواء كان يشغل مناصب في الخدمات الطبية للقوات المسلحة، ويتماثل مع الفريق كامل الوزير في الخلفية العسكرية
بإدعاء الحزم في إدارة المشروعات القومية، والبنية التحتية والسكك الحديدية.

ويعتبره السيسي وإعلامه رمزا للقيادة العسكرية في القطاع المدني، مع تركيز على الإنجاز السريع والانضباط المؤسسي وانسحب هذا الوصف على بهاء زيدان وبهاء غنام من قيادة القوات الجوية ورئيس جهاز مستقبل مصر.

ويبدو أن المقارنة كانت هذه المرة صعبة فقطاع الدواء المنوط ببهاء زيدان الإشراف عليه أكثر تعقيدًا من حيث التسعير، والتصنيع، والتوزيع، ويعتمد على شركات خاصة بشكل كبير في وقت بدا فيه أداء هيئة الشراء الموحد محل جدل، خاصة في ظل نقص الأدوية وتأخر سداد مستحقات الشركات، وهو ما يتوافق مع مديونيات النقل الأكبر في القطاع المدني والحوادث المتكررة التي باتت مزمنة على طرق (تمسك مصر كدة) تودي بقطاع النقل إلى الهاوية.

من المسئول؟

 

ولا ينكر المراقبون أن السبب في ارتفاع أسعار الأدوية مؤخرًا لا يعود إلى جهة واحدة فقط، بل هو نتيجة تداخل عوامل متعددة تشمل كلا من شركات الأدوية والجهات الحكومية مثل هيئة الشراء الموحد وهيئة الدواء المصرية.

حيث شركات الأدوية، تواجه ضغوطًا كبيرة بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة، وصعوبة الإفراج عنها من الموانئ نتيجة نقص السيولة الدولارية، لذلك تطالب الشركات بشكل دوري بإعادة تسعير الأدوية لتعويض تكاليف الإنتاج المرتفعة، خاصة بعد تقلبات سعر الصرف.

وبعض الشركات ترى أن الزيادات الأخيرة لم تكن كافية، وتضغط لمزيد من التحريك في الأسعار.

 

ويرى مراقبون أن  "هيئة الشراء الموحد" ليست مسئولة مباشرة عن التسعير، لكنها تؤثر على السوق من خلال إدارة الإمدادات وسداد مستحقات الشركات وتسبب تأخرها في سداد مديونيات ضخمة للشركات، بخلق فجوة مالية أثرت على استقرار السوق.

ونسب المراقبون لـ" هيئة الدواء المصرية" المسئولية المباشرة عن تحريك الأسعار، حيث منوط بها دراسة طلبات الشركات وتقرر ما إذا كانت تستحق زيادة في السعر، بناءً على دراسة تكاليف الإنتاج وسعر الدولار.

إلا أن انتقادات، وعبر الصحف المحلية قبل المعارضة، تحمل الهيئة ضعف إدارة نواقص الأدوية وعدم عدالة التسعير، بحسب تصريحات من خبراء.

ومن الانتقادات البارزة والتي تحرك الأسعار فرض الهيئة رسوما مرتفعة على الشركات تصل إلى 500% عن السابق، مما يزيد تكلفة الإنتاج، إضافة لتأخر في تطبيق نظام تتبع الأدوية من المصنع إلى الصيدلية، ما يسمح بتسربها إلى السوق السوداء.

وقال أطباء إن تسريب بعض الأصناف النادرة إلى تجار غير رسميين، خاصة أدوية الخصوبة، حيث يُباع 90% منها خارج الإطار القانوني.