بينما يتداول الإعلام الإسرائيلي مقاطع مصوّرة تُظهر طائرات مسيّرة تُهرَّب من داخل الأراضي المصرية إلى المستوطنات القريبة من الحدود، محمّلة بالأسلحة والذخائر، يلتزم نظام المنقلب السفيه السيسي صمتًا كاملًا، دون أي تعليق أو تحرك، في مشهد يعكس هشاشة الأمن القومي المصري وتخاذل السلطة أمام تل أبيب.
المستوطِنون في رامات نيغيف وبئر ميلكا أكدوا أن هذه الظاهرة لم تعد استثناءً، بل أصبحت "روتينًا يوميًا"، حيث تعبر مئات المسيرات الحدود، محمّلة بعتاد يُهدد أمن الاحتلال. في المقابل، لا يُبدي النظام المصري أي رد فعل، وكأن السيادة الوطنية مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي.
تخاذل أمام إسرائيل
ما يُثير الاستغراب أن نظام السيسي، الذي يزعم حماية الأمن القومي، لم يعترض هذه الطائرات ولم يفتح تحقيقًا، رغم أنها تنطلق من أراضٍ يُفترض أنها خاضعة لرقابة عسكرية مشددة.
الصمت هنا يفتح الباب أمام تفسيرين:
إمّا عجز حقيقي للجيش المصري عن حماية حدوده.
أو تواطؤ ضمني مع تل أبيب، في إطار علاقات تطبيع عسكرية وأمنية لا يُعلن عنها.
قمع مفرط في الداخل
في الوقت ذاته، يُظهر النظام شراسة غير مسبوقة في الداخل:
السجون: توثّق منظمات حقوقية حالات انتحار لمعتقلين يائسين من ظروف الاحتجاز القاسية، نتيجة الحرمان من الزيارة والعلاج وسوء المعاملة.
سيناء: يُهجَّر السكان قسرًا من قراهم تحت ذريعة "محاربة الإرهاب"، بينما تُترك الحدود لإسرائيل مكشوفة.
الاقتصاد: ينهار الإنتاج المحلي بفعل سياسات عسكرية تُحوّل المصانع والمزارع إلى مشروعات تحت إدارة الجيش، فيما يُبدد السيسي المليارات على قصور شخصية وعاصمة إدارية لا يستفيد منها المواطن.
الحريات: أي صوت معارض، من صحفيين أو ناشطين، يواجه الاعتقال أو النفي، في حين يُغلق المجال العام بالكامل أمام الشعب.
معادلة مقلوبة
المشهد يفضح معادلة عبثية: لينٌ أمام الخارج، بطشٌ بالداخل. فالجيش الذي يعجز عن اعتراض مسيرات تخترق أجواء مصر، يتفنن في مطاردة طلاب يرفعون لافتة أو مواطنين يشتكون من الغلاء.
خلاصة
حادثة المسيرات ليست مجرد قضية تهريب أسلحة، بل فضيحة سياسية وأمنية تكشف أن النظام لا يرى في حماية الحدود أولوية، بل ينحصر همه في حماية كرسي الحكم. وهكذا تُستباح السيادة الوطنية على الحدود مع إسرائيل، بينما يُقمع الشعب المصري في الداخل بلا هوادة.