مع افتتاح منصة السكن البديل…المستأجرون لا يملكون ثمن وحدات حكومة الانقلاب ومصيرهم التشرد فى الشوارع

- ‎فيتقارير

 

 

آثار إعلان حكومة  الانقلاب عن فتح باب التقديم لمستأجرى الإيجار القديم، للحصول على وحدات بديلة أو إعادة تنظيم العلاقة الإيجارية وفقًا للقانون الجديد عبر منصة إلكترونية خُصصت لهذا الغرض ، حالة من القلق لدى مئات الآلاف من الأسر التى ارتبطت حياتها بهذا النظام منذ عقود طويلة.

صدور قانون الايجار القديم، وضع المستأجرين أمام واقع جديد، إما التقدّم للحصول على وحدة بديلة عبر المنصة، أو سداد القيمة الإيجارية الجديدة بعد إعادة التقدير وفى نهاية الفترة الانتقالية التى تقدر بسبع سنوات لوحدات الايجار السكنى و5 سنوات للإدارى سيجد المستأجرون أنفسهم مشردين فى الشوارع خاصة أن أغلبهم لن يتمكنوا من الحصول على وحدات بديلة لأنهم لا يمتلكون المبالغ الكبيرة التى خصصتها حكومة الانقلاب لهذه المساكن .

كانت حكومة الانقلاب قد أعلنت أن منصة السكن البديل لمستأجري الإيجار القديم ستكون متاحة من اول اكتوبر ٢٠٢٥، مع فترة تسجيل تمتد لثلاثة أشهر، لتلقى طلبات المستأجرين الراغبين فى تسوية أوضاعهم والذين تنطبق عليهم القواعد للحصول على وحدات بديلة .

وقالت إن التقديم سيكون إلكترونيًا عبر الموقع المخصص، أو ورقيًا من خلال مكاتب البريد لمن لا يجيدون التعامل الرقمى.

وأشارت وزارة الإسكان بحكومة الانقلاب إلى أن تقديم الطلب سيكون عن طريق إنشاء حساب إلكترونى يمكن من خلاله متابعة حالة الطلب واستكمال المستندات عند الحاجة، وإدخال البيانات المطلوبة وفقًا للنموذج الإلكترونى للطلب.

 

أين نذهب ؟!

حول هذا القلق قال الحاج محمود، رجل ستينى خرج على المعاش بعد خدمة أكثر من ثلاثين عامًا فى وظيفة حكومية : أقيم فى شقة بمنطقة العمرانية منذ أكثر من ٣٥ سنة، وادفع إيجارًا لا يتجاوز ٥٠ جنيهًا شهريًا، مشيرا إلى أنه اليوم يقف أمام مستقبل غامض بعدما علم أن القيمة الجديدة قد تصل إلى ٤٠٠ أو ٥٠٠ جنيه .

وتساءل الحاج محمود : المعاش اللى باخده ١٨٠٠ جنيه يعنى نصه هيروح فى الإيجار، طيب أنا هاكل وأشرب وأتعالج منين؟

وأضاف : الخوف الأكبر إنى فى يوم ماقدرش أدفع وأتطرد.. أنا كبرت فى السن ومش قادر أبدأ من جديد أين نذهب يا حكومة الانقلاب ؟!

 

نترمى فى الشارع

 

وأعربت أم ياسين، ربة منزل عن مخاوفها وقلقها من قانون الايجار الذى اصدرته حكومة الانقلاب، وقالت : إحنا مش ضد إن المالك ياخد حقه بالعكس بس نخاف نترمى فى الشارع، عندى ٣ أولاد فى مدارس، ومصاريفهم فوق طاقتى، لو حصل طرد، نروح فين؟

وأكدت أم ياسين أن الشقق الجديدة إيجارها بالآلاف، والمرتبات على قدها وبالتالى لا نستطيع الحصول على شقة جديدة .

وقال محمد، موظف شاب منتفع بشقة ايجار قديم باسم والده المتوفى : الاعلان عن المنصة وامكانية الحصول على سكن بديل خطوة كويسة لو فعلًا هتدينا فرصة نثبت موقفنا وننظم العلاقة، لكن خوفى من إن الإجراءات تكون معقدة وندخل فى دوامة محاكم لسنين .

وأضاف : إحنا محتاجين وضوح وضمانات من حكومة الانقلاب إن مش هنترمى فى الشارع أحنا وأهلينا  

 

الزيادة السنوية

 

وأعربت منى مُعلمة فى إحدى المدارس الحكومية، عن مخاوفها من الزيادة السنوية المقررة للإيجارات القديمة بنسبة ١٥٪ قائلة: أنا متخوفة من النقطة دى بالذات يعنى لو الإيجار بدأ بـ ٤٠٠ جنيه، بعد ٥ سنوات ممكن يوصل لـ٨٠٠ جنيه .

وتساءلت منى : هل المرتبات سوف تزيد بنفس المعدل؟، محذرة من أن هذه الزيادات سوف تمثل حملا ثقيلا على أصحاب شقق الايجار القديم ومش كل الناس هتكون قادرة تدفع هذه المبالغ .

 

 

نزاعات قضائية

 

فى هذا السياق قالت الدكتورة الهام المهدى إن إعلان الوزارة لمنصة الايجار القديم يأتى تنفيذًا للمادة رقم (8) من القانون بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، التى تهدف بالأساس إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر فى ضوء التحديات القائمة .

وأضافت الهام المهدى فى تصريحات صحفية: القانون الجديد قد يمثل خطوة لتصحيح خلل تاريخى ظل عالقًا لعقود، حيث بقيت بعض العقود القديمة مجمدة عند قيم إيجارية زهيدة لا تعكس الواقع السوقى ولا معدلات التضخم، مشيرة إلى أن الآلية الحالية لتحديد القيمة الإيجارية — بزيادة سنوية ثابتة قدرها 15% هناك من يعتبرها نسبة عادلة تحقق استقرارًا تدريجيًا وتحدّ من حدة الصدام وفى المقابل، يرى آخرون أن معدلات التضخم المرتفعة تجعل هذه الزيادة غير كافية لتحقيق العدالة للمالك، فيما تمثل فى بعض الحالات عبئًا ثقيلًا على المستأجر.

وأكدت أنه فى كافة الأحوال لن يتفق الطرفان على أى نسبة أيا كانت  وهذه إشكاليات متوقعة حيث إن تطبيق القانون قد يفتح الباب أمام موجة نزاعات قضائية جديدة، خصوصًا فى الحالات المرتبطة بالخلاف حول تقدير القيمة السوقية للوحدة، أو تفسير بعض النصوص، أو حتى اعتراضات اجتماعية من فئات غير قادرة على تحمل الزيادات، مشددة على ضرورة ايجاد آليات بديلة وفعّالة لتسوية النزاعات دون إثقال كاهل المحاكم وايضا من اجل الفصل السريع فى تلك النزعات الشائكة.  

 

حق المستأجر

 

وأوضحت الهام المهدى أنه من حيث الأثر على السوق العقارى فمن المتوقع أن يترك القانون أثرًا مزدوجًا على السوق:

إيجابيًا: تحرير الوحدات القديمة تدريجيًا وإعادتها للتداول بأسعار أقرب للواقع، ما قد ينعش السوق العقارى. سلبيًا: احتمالية ارتفاع أسعار الإيجارات الحرة نتيجة زيادة الطلب من المستأجرين الذين يتركون وحداتهم القديمة بحثًا عن بدائل مناسبة.

واقترحت عدة مقترحات عملية لتعزيز العدالة والفاعلية :

أولًا. إنشاء لجان متخصصة لفض المنازعات داخل وزارة إسكان الانقلاب أو بالمحاكم الاقتصادية، تفصل بسرعة فى الخلافات دون إطالة أمد التقاضى.

ثانيا.. إعادة النظر فى الزيادة الثابتة (15%) بآلية مرنة تتوافق مع العدالة طبقا للدخول المحددة للأطراف المتضررة من المستأجرين لضمان عدالة متوازنة.

ثالثا..تخصيص برامج دعم للمستأجرين محدودى الدخل عبر صندوق الإسكان الاجتماعى، لتجنب الإضرار بالفئات الهشّة.

رابعا.. إطلاق حملات توعية شاملة تشرح حقوق والتزامات الطرفين بوضوح، للحد من الارتباك وسوء الفهم عند التطبيق.

وقالت إن نجاح القانون الجديد لن يُقاس فقط بصرامة نصوصه، بل بالقدرة على تطبيقه بسرعة ومرونة، وإيجاد حلول عملية للنزاعات، ودعم الفئات الأكثر هشاشة، لافتة إلى أنه فى نهاية المطاف، يقف القانون على خيط رفيع بين حق المالك فى عائد عادل يواكب قيمة عقاره، وحق المستأجر فى الاستقرار والسكن الملائم، والاختبار الحقيقى يكمن فى قدرة دولة العسكر على إدارة هذا التوازن الدقيق بحكمة وعدالة،.