أكاذيب رسمية تخفي انهيار منظومة حماية الآثار المصرية
في الوقت الذي تتوالى فيه التقارير الدولية عن تدهور حالة عدد من المواقع الأثرية في مصر، وتزايد حوادث التهريب والإهمال، خرجت وزارة السياحة والآثار لتنفي بشكل قاطع ما نشرته وسائل إعلام أجنبية عن تعرض مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون في البر الغربي بالأقصر لخطر الانهيار، أو وجود شقوق تهدد سلامتها.
الوزارة وصفت ما نشر بأنه “ادعاءات غير صحيحة”، بينما أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار محمد إسماعيل خالد أن المقبرة “في حالة ممتازة من الحفظ”، وأنها “ليست معرضة لأي خطر إنشائي أو جداري”، مشيراً إلى تعاون المجلس مع معهد بول غيتي في أعمال الصيانة الدورية. لكن خبراء آثار مصريين مستقلين، تحدثوا لوسائل إعلام دولية، شككوا في مصداقية بيانات الوزارة، مؤكدين أن المقبرة بالفعل تعاني من مشكلات في التهوية والرطوبة تهدد اللوحات الجدارية، فضلاً عن تآكل في بعض الأجزاء نتيجة الإهمال وسوء الإدارة السياحية.
وأشاروا إلى أن غياب الشفافية واحتكار الوزارة للمعلومات جعل من الصعب التأكد من حقيقة الوضع الميداني.
ويؤكد مختصون أن الحكومة تسعى عبر هذه البيانات إلى “تلميع الصورة” في ظل فضائح متكررة لتهريب الآثار المصرية إلى الخارج، كان آخرها ظهور قطع أثرية فريدة في مزادات أوروبية، دون أن تتحرك السلطات بشكل جاد لاستعادتها.
كما اعتبروا أن تصريحات الوزارة ليست سوى محاولة للتغطية على فشلها في حماية التراث الأثري الأهم في العالم، في وقت تترك فيه مقابر نادرة وأبنية فرعونية عرضة للإهمال والعبث.
وفي حين تقول الوزارة: إن "العلامات الظاهرة على الجدران “قديمة وثابتة منذ اكتشاف المقبرة عام 1922”، يرى خبراء أن عدم تحديث الدراسات العلمية منذ أكثر من عقد، والاكتفاء بزيارات شكلية لمواقع أثرية، يضاعف من خطورة الوضع ويجعل أي انهيار محتمل “مسألة وقت لا أكثر".
الجدير بالذكر أن مقبرة الملك توت عنخ آمون اكتُشفت على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر عام 1922، وتُعدّ من أعظم الاكتشافات في تاريخ علم المصريات، كونها المقبرة الملكية الوحيدة التي عُثر عليها شبه سليمة بمحتوياتها الثمينة.
لكن مئة عام بعد هذا الاكتشاف، يبدو أن المقبرة الأسطورية تواجه خطر الاندثار تحت وطأة الفساد الإداري والإهمال المتعمد، بينما تواصل وزارة الآثار نفيها وبياناتها المكررة، في وقت تتسرب فيه آثار مصر إلى الخارج، وتُترك كنوزها التاريخية فريسة للرطوبة والإهمال.