احتجاجا على سياسة الاستنزاف التى تمارسها حكومة الانقلاب عبر فرض الرسوم التى تتزايد باستمرار لجأ المواطنون إلى مقاطعة الخدمات الرقمية والدفع الالكترونى والتحويلات الفورية مؤكدين أنها هذه المعاملات تحولت إلى عبء مالي إضافي، ولم تعد وسيلة تسهيل مالي.
ورصد محللون أن مصر فى زمن الانقلاب تشهد مسارًا عكسيًا، فى مجال الشمول المالي مؤكدين أن هناك تراجع في مؤشرات الاعتماد على نظم الدفع الإلكتروني والتحويلات البنكية بعد أن بلغت ذروتها بين عامي 2022 و2024.
وقال المحللون ان هذا التراجع جاء بسبب فرض رسوم تتراوح بين 1.5% و2% على عمليات الدفع الفوري وبطاقات الائتمان في كثير من المنشآت التجارية، بجانب تأخر عمليات التحصيل من البنوك وشركات الدفع الفوري، وتباطؤ التحصيل من قبل بعض التجار مع وجود صعوبات بشبكات الصرافات والدفع الفوري وممارسات احتكارية من بعض الشركات التي تحمّل العميل التكلفة بدلًا من التجار والموزعين.
الدفع النقدي
فى هذا السياق كشفت تقارير غير رسمية صادرة عن عدد من البنوك وشركات التكنولوجيا المالية أن نحو 28% من المستخدمين النشطين لتطبيقات التحويل البنكي خفّضوا استخدامهم الشهري خلال النصف الأول من العام 2025، فيما ارتفع الاعتماد على الدفع النقدي المباشر بنسبة تقارب 12% مقارنة بالعام الماضي.
وأشارت التقارير إلى أنه بعد سنوات من المبادرات الرسمية التي شجعت 53.8 مليون شخص على استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني والتحويلات الفورية حتى يونيو 2025، بدأت الثقة الشعبية تتلاشى، وأخذ المواطنون يعودون إلى المعاملات النقدية التقليدية، هرويا من "الإتاوات" والرسوم على التحويلات البنكية الفورية.
وأوضحت أنه مع بطء الخدمات الرقمية وصعوبات التعامل في كثير من المناطق والمحال التجارية. يشعر مواطنون بأن التحول الرقمي أصبح مكلفًا ومعقدًا وغير مضمون، فيعودون إلى النقود الورقية كخيار آمن وسريع.
مؤسسات حكومة الانقلاب
هذه الظاهرة وصلت أيضا إلى بعض مؤسسات حكومة الانقلاب ففي نادي 6 أكتوبر التابع لوزارة الشباب والرياضة بمدينة 6 أكتوبر أكد الموظف محمد حسام رفض النادي قبول دفع الاشتراك السنوي إلا نقدًا، أو تحميل العضو 2% في حالة إصراره على الدفع بالبطاقة البنكية.
وأكد حسام فى تصريحات صحفية أن هذا الإجراء ينفذ بتعليمات من قبل إدارة النادي المعينة من وزارة الشباب، بما دفع كثيرًا من الأعضاء إلى سحب "الكاش" من الصرافات الآلية الموجودة على مسافة أمتار من مكتب دفع الاشتراكات بالنادي لتسليمها للموظف المختص.
في سوق الذهب، كشفت ناهد عبد العال اشتراط محل ذهب شهير بالقاهرة الدفع نقدًا، وفي حالة سداد قيمة المشتريات بالكارت يطلب 2% على قيمة المدفوعات.
عمولة 2%
من جانبه أكد الخبير المصرفي الدكتور أحمد شوقي أن الكثير من المحال التجارية والمستشفيات تطلب من العملاء دفع عمولة 2% مقابل استخدام البطاقة البنكية، رغم أن البنك هو الذي يتحمل هذه النسبة قانونا.
وكشف شوقي في تصريحات صحفية أن البنك المركزي يتيح سحب ماكينة الدفع من أي تاجر مخالف حال الإبلاغ عنه، غير أن ضعف الرقابة وتردد المواطنين في تقديم شكاوى يجعلان هذه الظاهرة تتفاقم.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة امتدت إلى محال بيع الدخان وسداد فواتير الهواتف والإنترنت والخدمات العامة وبيع السلع الاستهلاكية والمعمرة، والتى تلزم العملاء بسداد ما بين 1% و3% من قيمة الفاتورة المصدرة.
ضربة للشمول المالي
واعتبر الخبير الاقتصادي أحمد خطاب عضو مجلس الأعمال المصري – الكندي أن عودة المواطنين لاستخدام النقد تمثل ضربة غير مباشرة لجهود الشمول المالي، ومكافحة دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي ، مؤكدا أنها تضيف تكلفة إضافية على الاقتصاد الكلي.
وأعرب خطاب فى تصريحات صحفية عن أسفه لانتشار فرض الرسوم أو العمولة الإضافية عند بعض صغار تجار التجزئة الذين يسعون إلى زيادة هامش الربح من عوائد مشاركتهم في أنظمة الدفع الفوري والشمول المالي.
وقال : رغم أن هذه الممارسات مجرمة بالقانون، لكن التجار يلجأون إليها بحكم الأعراف التجارية التي تمنحهم حق جني ثمار المشاركة في هذه الأعمال المكلفة لهم، مطالباً البنك المركزي بأن يخصص محفزات لهذه الفئة، تشمل منحهم نسبةً من الفائدة تصل إلى 0.5% من النسب التي تحصل عليها شركات الدفع الفوري وتحويل الأموال، أو محفزات مالية وضريبية تمكنهم من الاستمرار في تلك الممارسات التي تساعد على توسيع قاعدة الشمول المالي وتدخل صغار التجار المنتشرين في السوق الموازية إلي الاقتصاد الرسمي، بحيث يدخلونه رغبة في ممارسة مهام الشمول المالي والتعامل بالنقد الرقمي، بدلًا من التكالب على " الكاش" والعمل بعيدًا عن عيون دولة العسكر .
وكشف خطاب عن قيام بعض الإدارات الحكومية مثل المرور بتحصيل مبالغ مالية من الجمهور بعيدًا عن أنظمة الدفع الرقمي، لعدم تقييد هذه الرسوم" الكاش" في الدفاتر الرسمية التي تحددها وزارة مالية الانقلاب، حيث يجرى تخصيص بعضها لصرف حوافز للعاملين أو شراء مستلزمات تشغيل، يصعب تدبيرها عبر الموارد المالية التي تأتي من مالية الانقلاب، التي تضع قيودًا مشددة على الصرف، لا تمكن المسئولين من تقديم حوافز للعاملين الذين يقومون بأعمال إضافية، لا يستطع رؤساؤهم إثابتهم عليها إلا بالصرف من " الصناديق الخاصة" التي تجمع بها الأموال نقدًا.