زاهي حواس… من تهريب الآثار بزمن مبارك إلى ترويج التطبيع بأمر السيسى يطل من شاشة” إسرائيلية “

- ‎فيتقارير

 

وزير آثار الانقلاب الأسبق يطل من شاشة إسرائيلية مبررًا فتح المتحف "للجميع"

في خطوة أثارت غضبًا واسعًا في الأوساط الثقافية والأكاديمية المصرية، أجرى زاهي حواس، وزير السياحة والآثار الأسبق وأحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في ملف التراث المصري، مقابلة مطوّلة مع قناة "كان" التابعة لهيئة البث الإسرائيلية، تحدث خلالها عن افتتاح المتحف المصري الكبير، وفتح أبوابه أمام الزائرين من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم الإسرائيليون.

 

حواس وتاريخ التطبيع الثقافي

 

لم تكن المقابلة مجرد ظهور إعلامي عابر، بل وُصفت بأنها حلقة جديدة في مسلسل التطبيع الثقافي الذي يتورط فيه عدد من الوجوه الرسمية في النظام المصري الحالي، إذ لم يُبدِ حواس أي تحفظ على الظهور عبر وسيلة إعلام إسرائيلية، واكتفى بردٍ مقتضب حين سُئل عن زيارة الإسرائيليين للمتحف قائلًا:

 

"المتحف مفتوح لكل الناس في كل مكان في الدنيا."

 

تصريح بدا في ظاهره عامًا، لكنه حمل في طيّاته قبولًا ضمنيًا للتطبيع مع الاحتلال، خصوصًا في ظلّ غياب أي موقف رافض أو حتى تحفظ لفظي من شخصية أكاديمية يفترض أنها تمثل الإرث الحضاري المصري أمام العالم.

 

من حارس الآثار إلى المتهم بتهريبها

 

ويأتي هذا الظهور الإعلامي في وقت لم تُمحَ بعد من ذاكرة المصريين اتهامات طالت حواس في حقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك، حين شغل منصب رئيس هيئة الآثار، ثم وزيرًا للسياحة والآثار، واتُهم آنذاك بتسهيل عمليات تهريب قطع أثرية نادرة إلى الخارج تحت غطاء "التعاون البحثي"، فضلًا عن احتكاره الإشراف على البعثات الأجنبية العاملة في التنقيب.

 

ويرى مراقبون أن إعادة تلميعه إعلاميًا في عهد عبد الفتاح السيسي تأتي ضمن سياسة توظيف الرموز القديمة التي خدمت نظام مبارك، وأبدت استعدادًا لدعم الانقلاب العسكري والانخراط في مشاريع "الوجه الحضاري" للنظام، وفي مقدمتها المتحف المصري الكبير، الذي أُعيد إطلاقه رسميًا في نوفمبر الماضي.

 

تبريرات غير مقنعة

 

وخلال المقابلة، قال حواس إن افتتاح المتحف المصري الكبير هو "أهم حدث في العالم كله"، متباهياً بأنه شارك في وضع أساساته مع الوزير الأسبق فاروق حسني منذ عام 2002، معتبرًا أن حضوره الافتتاح الرسمي "فرحة كبيرة" له، دون أن يتطرق إلى الجدل الشعبي حول تكلفة المشروع الباهظة أو جدوى افتتاحه في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

 

جدل متجدد بعد ظهور سابق مثير

 

وسبق أن أثار حواس الجدل في مايو الماضي بعد ظهوره في حلقة من البودكاست الأمريكي الشهير "ذا جو روغان إكسبيريانس". حيث وصف المذيع الأمريكي الحلقة بأنها "الأسوأ" في تاريخ البرنامج، متهمًا حواس بالانغلاق الفكري ورفض النقاش العلمي حول فرضيات بناء الأهرامات.

لكن بدلًا من تقديم مراجعة موضوعية، اتهم حواس مقدم البرنامج بالترويج "لأساطير"، معتبرًا نفسه حاميًا للحقيقة التاريخية، رغم الانتقادات الواسعة لأدائه وضعف حججه العلمية.

 

موقف المثقفين والأثريين

 

في المقابل، عبّر عدد من المثقفين والباحثين في الآثار عن استيائهم من ظهور حواس على قناة إسرائيلية، معتبرين ذلك "تطبيعًا ثقافيًا مرفوضًا"، وتعديًا على موقف النقابات المهنية والاتحاد العام للآثاريين الذي أعلن مرارًا رفضه لأي شكل من أشكال التعاون أو الظهور الإعلامي مع مؤسسات الاحتلال.

 

وقال أحد أعضاء نقابة الأثريين (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية):

 

"ما فعله زاهي حواس ليس زلة، بل استمرار لنهج رسمي يسعى لغسل صورة الاحتلال من بوابة الثقافة المصرية، كما يُستخدم لإضفاء شرعية على التطبيع في عهد السيسي."

 

بينما طالب مثقفون بإعادة فتح ملف اتهامات تهريب الآثار، التي أُغلقت سياسيًا في زمن مبارك، مؤكدين أن حواس يمثل نموذجًا لتزاوج الفساد الثقافي مع الولاء للنظام والانقلاب والتطبيع في آنٍ واحد.