رشوان يحذر من صدامات في غزة.. وتلميحات إلى "تفويض مصري" جديد؟
في تصريحات أثارت تساؤلات حول الدور الذي يسعى إليه نظام عبد الفتاح السيسي في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، حذّر ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، من أن تكليف أي قوة دولية بنزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة "قد يقود إلى صدامات مسلحة"، مؤكداً أن الفلسطينيين "لن يقبلوا بقوة أجنبية تتولى أمن القطاع أو تستبدل الاحتلال بوصاية جديدة". .
لكن مراقبين رأوا في حديث رشوان تلميحاً إلى أن القاهرة تعتبر نفسها الطرف العربي الوحيد القادر على الإمساك بملف الأمن في غزة، في وقت تتكثف فيه التحركات الأمريكية والإسرائيلية لإقرار خطة "ترامب المعدّلة" التي تتضمن نشر قوة دولية لمدة عامين، تتولى مهاماً تنفيذية تشمل نزع سلاح المقاومة وإدارة الحدود وتدريب شرطة فلسطينية جديدة.
بين نزع السلاح و"نزع الدور العربي" رشوان أشار إلى أن "أي دولة عربية أو غير عربية لن تقبل تحمّل هذه المهمة"، في عبارة اعتبرها محللون إشارة ضمنية إلى رغبة النظام المصري في الاحتفاظ بالدور الأمني والسياسي الحصري في غزة، خاصة مع تصاعد الحديث عن احتمال إشراف القاهرة على مرحلة "الانتقال الأمني" بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
غير أن مراقبين انتقدوا تجاهل الخطاب الرسمي المصري لموقف حركة "حماس" الذي يرى أن نزع سلاح المقاومة لا يمكن أن يتم إلا بعد قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، تتسلم مهام الأمن والدفاع.
هذا الموقف الذي تعتبره المقاومة ضمانة لعدم إعادة إنتاج الاحتلال بصيغة دولية أو عربية.
من "قوة حفظ الاستقرار" إلى "مجلس السلام" رشوان ميّز في تصريحاته بين "قوة حفظ الاستقرار" المنوط بها الفصل بين قوات الاحتلال والمقاومة خلال مرحلة الانسحاب الإسرائيلي، وبين ما يسمى بـ"مجلس السلام" الذي يرأسه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمكلّف بتشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية لإدارة شؤون غزة اليومية.
ورغم إقراره بأن الخلط بين هذين المفهومين "مربك للجميع"، إلا أن تصريحاته لم تُبدِ اعتراضاً واضحاً على فكرة إدارة أجنبية مؤقتة للقطاع، ما يعزز الشكوك بأن القاهرة تسعى إلى تثبيت دورها كضامن أمني لمصالح واشنطن وتل أبيب، مقابل استمرار السيطرة السياسية الإقليمية. سياق سياسي متشابك تأتي هذه التصريحات في ظل تراجع التأثير العربي العام في ملف غزة، ووسط ضغوط غربية لإشراك النظام المصري في ترتيبات ما بعد الحرب، بما يشمل الرقابة على المعابر والإشراف على إعادة الإعمار تحت مظلة دولية.
ويرى محللون أن تحذير رشوان من "صدامات محتملة" ليس رفضاً للمبدأ بقدر ما هو دعوة ضمنية لتفويض مصري في إدارة الأمن بغزة، بديلاً عن أي وجود دولي مباشر، ما يضع القاهرة في موقع "الوصاية الجديدة"، تماماً كما حذّر هو نفسه من استبدال الاحتلال بها.
تناقض الموقف الانقلابي حديث رشوان يكشف تناقضاً في الموقف المصري الرسمي: فهو يرفض القوة الدولية "نظرياً"، لكنه في الوقت ذاته يطرح النظام المصري كبديل أو شريك أوصياء على غزة، متجاهلاً المبدأ الذي تؤكد عليه حماس وهو أن السلاح جزء من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وليس ورقة تفاوض في يد الأنظمة أو القوى الخارجية.