علاقات شيطانية قوامها “اغتصاب الأطفال” .. تورط أسماء إماراتية وأمريكية في فضيحة “إبستين”

- ‎فيتقارير

 

كشفت الوثائق التي أفرج عنها الكونجرس الأمريكي مؤخرًا، وتجاوزت 23 ألف صفحة، عن أسماء جديدة وعلاقات غير متوقعة تربط إبستين بشخصيات سياسية واقتصادية من الشرق الأوسط، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة. هذه التسريبات تفتح الباب أمام أسئلة محرجة حول طبيعة النفوذ، والحدود بين المال والسياسة، وأخلاقيات العلاقات الدولية.

رسالة "الأحذية الذكية"

 

من أبرز ما ظهر في الوثائق رسالة مؤرخة في 22 سبتمبر 2011، أرسلها سلطان أحمد بن سليم، رئيس شركة موانئ دبي العالمية (DP World)، إلى إبستين بعنوان "Smart Shoes". الرسالة تقترح فكرة أحذية مدمجة بنظام تحديد المواقع (GPS) لتتبع "الأطفال والعملاء". إبستين رد على الرسالة قائلاً: "شكراً، فكرة رائعة، أحب صديقك حقاً". هذه المراسلة، رغم أنها قد تبدو تقنية في ظاهرها، إلا أن ورود كلمة "الأطفال" في سياقها أثار جدلاً واسعًا، خصوصًا بالنظر إلى السمعة الإجرامية التي ارتبطت بإبستين لاحقًا.

 

https://x.com/Megatron_ron/status/1988846115454591380

وسلطان أحمد بن سليم"، مقرب من رئيس الامارات محمد بن زايد، ونائبه محمد بن راشد حاكم دبي، ومن أبرز رجال الأعمال الإماراتيين بحكم موقعه على رأس موانئ دبي العالمية منذ 2007، وهو أيضا رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي وينتمي إلى عائلة تجارية وسياسية بارزة في دبي، وكان والده مستشارًا رئيسيًا لأسرة آل مكتوم الحاكمة في دبي.

 

وأسس وقاد شركات كبرى مثل نخيل العقارية و"استثمار العالمية"، وأشرف على تطوير المنطقة الحرة لجبل علي، أحد أهم المشاريع الاقتصادية في الإمارات.

موانئ دبي العالمية تُعد أداة رئيسية في السياسة الاقتصادية للإمارات، خصوصًا في التوسع العالمي للموانئ واللوجستيات، وهو مجال يحظى بدعم مباشر من القيادة العليا.

 

ووجوده في المجلس التنفيذي لإمارة دبي وارتباطه بمشاريع استراتيجية يجعله قريبًا من دوائر صنع القرار، بما في ذلك محمد بن زايد على المستوى الاتحادي.

الوثائق لم تتوقف عند هذه الرسالة، بل أشارت إلى استمرار المراسلات بين إبستين وابن سليم لسنوات بعد إدانته، تضمنت وساطات محتملة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وصفقات متعلقة بالموانئ، وعروض تقنية مثيرة للجدل. الأخطر كان ظهور صورة لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد على جدار منزل إبستين، دون تفسير رسمي، وهو ما زاد من علامات الاستفهام حول طبيعة العلاقة بين الطرفين.

 

توم باراك: حلقة الوصل بين ترامب والإمارات

 

اسم آخر برز بقوة هو توم باراك، رجل الأعمال الأمريكي وصديق ترامب المقرب، الذي لعب دورًا محوريًا في حملة ترامب الانتخابية وفي إدارة علاقاته مع الشرق الأوسط. باراك، وفقًا للمدعي العام الأمريكي هيرال ميهتا، زود الإماراتيين بمعلومات حساسة عن نقاشات داخل إدارة ترامب بشأن حصار قطر. كما أظهرت رسائل مسربة بينه وبين إبستين طلبات غريبة تتعلق بصور مع أطفال. رغم تبرئته لاحقًا من بعض التهم، فإن ارتباطه الوثيق بالإمارات، وضخ استثمارات إماراتية ضخمة في شركاته، يثير تساؤلات حول طبيعة هذه العلاقات.

 

وقال ابستين عن ترامب: "هو الأسوأ على الإطلاق، ليس في جسده خلية صالحة واحدة. ".

https://x.com/clashreport/status/1988848661124550831

 

 

رشاوى الإمارات لباراك

وظهر توم باراك مبعوثا لترامب في سوريا وسفير أمريكا إلى تركيا وهو متورط مع ابستين في الاعتداء على الأطفال في الجزيرة المشبوهة والجرائم المثبتة باستغلال الأطفال جنسياً، وعنه قال مساعد المدعي العام الأمريكي هيرال ميهتا في مرافعته الاولى:  "توم باراك زود الإماراتيين بمعلومات حساسة، عن المناقشات داخل إدارة ترمب بشأن حصار الإمارات لقطر".

وكشفت التحقيقات أن باراك صديق محمد بن زايد، وعليه قضايا جنسية وتجسسية، وكانت الصحف الامريكية في يوليو 2021 قد كشفت أن توم باراك رئيس هيئة تنصيب ترامب في دورته الرئاسية الأولى استدعي للمحكمه الامريكية بتهمة العماله للامارات حيث تقاضي رشوه بمقدار 250 مليون دولار، وكان اسم طحنون بن زايد مستشار الامن الوطني الاماراتي  جزءا من التحقيقات.

وقال الناشط الفلسطيني خالد الطرعاني @turaani في ذلك العام 2021 إن محمد بن زايد ضخ  1.86 مليار دولار في شركة توم باراك، صديق ترامب المقرب، والمعتقل الان بتهمة العمل وكيلاً بدون ترخيص لصالح الامارات. وأنه بعد اقل من سنتين من الاستثمار الاماراتي، انهار سهم الشركة لاقل من ربع قيمته ولم يتعاف من ذلك الانهيار حتى وقت النشر.

جورج نادر: المستشار المثير للجدل

إلى جانب باراك، يظهر اسم جورج نادر، رجل الأعمال اللبناني-الأمريكي، الذي لعب دور الوسيط بين قادة الشرق الأوسط ومسئولين أمريكيين. نادر أدين عدة مرات بجرائم تتعلق باستغلال الأطفال وحيازة مواد إباحية، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات في 2020. رغم ذلك، كان مستشارًا مقربًا لمحمد بن زايد، وشارك في اجتماعات سرية مع محمد بن سلمان. دوره في الترويج للإمارات والسعودية داخل واشنطن، مقابل مبالغ مالية ضخمة، يسلط الضوء على التداخل بين النفوذ السياسي والفضائح الأخلاقية.

وعمل جورج نادر بشكل قريب كوسيط غير رسمي بين مسئولين أمريكيين ومحمد بن زايد ومحمد بن سلمان (ومنها قمة يخت سرية في 2018) ومحكوم عليه عدة مرات بجرائم جنسية ضد الأطفال، بما في ذلك نقل قاصر لأغراض جنسية وحيازة مواد إباحية للأطفال.

وجورج نادر (مواليد 1959) رجل أعمال لبناني أمريكي، وكان شاهداً رئيسياً في تحقيق مولر حول التدخل الروسي في انتخابات 2016.

وعمل أيضا مستشارًا لشركة "بلاك ووتر" للمرتزقة والأمن الدولي،  ومحكوم بجرائم إباحية أطفال: 1991 (6 أشهر)، 2003 (عام في تشيك)، 2020 (10 سنوات، أفرج عنه 2025).

ويبدو أن ما تكشفه الوثائق ليس مجرد فضائح شخصية، بل شبكة نفوذ عابرة للحدود، تمتد من وول ستريت إلى أبوظبي، ومن البيت الأبيض إلى قصور الخليج. القضية لم تعد مرتبطة برجل واحد مثل إبستين، بل بمنظومة كاملة من العلاقات التي تجمع المال بالسياسة، وتفتح الباب أمام استغلال النفوذ لتحقيق مصالح اقتصادية وجيوسياسية، حتى لو كان الثمن التورط في قضايا مشينة.

 

وتسعى الإمارات لتقديم نفسها كقوة اقتصادية حديثة ووجهة استثمارية عالمية، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ أخلاقي كبير. ظهور أسماء بارزة مثل سلطان بن سليم أو ارتباط شخصيات مقربة من القيادة الإماراتية بإبستين، يهدد هذه الصورة. الصمت الرسمي يزيد من الشكوك، ويجعل من الصعب الفصل بين الحقائق والشائعات. في عالم مترابط، حيث الوثائق المسربة تنتشر بسرعة، يصبح من الضروري تقديم توضيحات شفافة لحماية السمعة الدولية.

وقالت الناشطة الفلسطينية في الولايات المتحدة سمر جراح @SamarDJarrah إن "..الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان على علم بتفاصيل أكبر في قضية الاتجار الجنسي التي تورّط فيها إبستين أكثر مما كان يعترف به سابقاً".

وأشارت الصحفية المصرية شيرين عرفة  إلى من هو توم باراك الذي ظهر في مؤتمر صحفي من داخل القصر الجمهوري اللبناني، في شهر أغسطس الماضي، موجها خطابه للصحفيين. قائلا : .."أريدكم أن تصمتوا قليلا ، لأنه في اللحظة التي يصبح فيها هذا الوضع فوضويا، وأقرب إلى السلوك الحيواني، سنغادر".

وأضاف : "تريدون معرفة ما حدث، تصرفوا بتحضر ولطف وتسامح، لأن هذا هو جزء من مشاكل تلك المنطقة".

وأوضحت "هذا المتعجرف سليط اللسان قد أهان المنطقة العربية بأكملها، ونزع عنها صفة التحضر والاحترام" معلقة على ما كشفت عنه الأيام ".. وبعد شهور قليلة.. يشاء الله الحكيم الخبير، أن تخرج الكثير من أوراق فضيحة "أبستين" إلى العلن، وتنشرها الصحف والفضائيات .. وهي القضية التي أُدين فيها الملياردير الأمريكي "جيفري أبستين" بإدارة شبكة للدعارة والاتجار بالأطفال والقاصرات والاعتداء عليهم جنسيا، داخل جزيرة يمتلكها وتعاونه في ذلك شريكته "غيلاين ماكسويل" ابنة الإعلامي البريطاني اليهودي "روبرت ماكسويل"".

https://www.facebook.com/photo?fbid=846928224497949&set=a.257588296765281

يبدو أن فضيحة إبستين لم تنتهِ بوفاته، بل تحولت إلى مرآة تكشف عن عمق الفساد الأخلاقي والسياسي في شبكات النفوذ العالمية. وما يظهر اليوم ليس مجرد تفاصيل فضيحة، بل مؤشرات على أزمة قيم عالمية، حيث يُدار النفوذ بعيدًا عن الشفافية، ويُترك الأطفال والضعفاء ضحايا لشبكات لا تعرف الرحمة.