قتلوه في ذكرى ميلاده ال20: تصفية الطالب مصطفى النجار و”الداخلية”تزعم “ أنه عنصر شديد الخطورة”

- ‎فيتقارير

 

أعاد مقتل الطالب مصطفى عيد النجار، طالب كلية الطب بجامعة سوهاج، فتح ملف حوادث “التصفية الأمنية” التي تلاحق وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب ، بعد انتشار روايتين متناقضتين حول ظروف مقتله خلال الساعات الـ24 الأخيرة في مركز دار السلام بسوهاج.

فبينما اعتبرت وزارة الداخلية الطالب واحدًا من "عناصر إجرامية شديدة الخطورة" قُتلوا في تبادل لإطلاق النار، يرى أهالي المنطقة وزملاء الضحية أن مصطفى شاب عشريني لم يُعرف عنه أي نشاط إجرامي، وأن تصنيفه بهذه الطريقة جاء لتبرير مقتله برصاص الشرطة.

شاب في مقتبل العمر.. يتحول في بيان الداخلية إلى “عنصر شديد الخطورة”

مصطفى، الذي احتفل بعيد ميلاده العشرين قبل يوم واحد فقط من مقتله، وُصف في بيان الداخلية بأنه ضمن ثلاثة "مسجلين خطر". لكن روايات الأهالي وطلاب جامعة سوهاج تحدثت عن شاب هادئ، مجتهد، معروف بالتزامه وسعيه لتحقيق حلمه في أن يصبح طبيبًا.

ويرى متابعون أن اللغة الجاهزة من قبيل: "عنصر شديد الخطورة" و"تبادل إطلاق نار" أصبحت تُستخدم في كل حادث تصفية تقريبًا، مهما كانت طبيعة الشخص المستهدف، في ظل غياب كامل لأي تحقيق مستقل أو رقابة قضائية.

اتهامات بـ"التغطية" على خطأ أمني

يؤكد مواطنون ونشطاء على التواصل الاجتماعي أن ما حدث قد يكون خطأً أمنيًا تم التغطية عليه عبر إلصاق تهمة خطيرة بالشاب، وهي رواية تكررت في حوادث مشابهة.

الصحفي الصعيدي محمود مشالي كتب:
"إزاي طالب في كلية طب يعتبر عنصر شديد الخطورة؟!… مصطفي عيد النجار ابن دار السلام مش مجرم بشهادة كل الأهالي… ومن حقنا نعرف ما الذنب الذي ارتكبه؟"

كما تداول البعض روايات مضادة يدافع بها مؤيدو النظام، تزعم — دون أدلة — أن مصطفى أطلق النار على نفسه داخل منزله بسبب ضغط نفسي أو رسوب دراسي، وهي روايات وصفها متابعون بأنها محاولات صرف الانتباه عن الروايتين الأساسيتين: رواية الداخلية، ورواية الأهالي التي تصف الواقعة بأنها قتل مباشر خارج القانون.

زملاؤه: “شهادة للناس وللتاريخ.. لم يكن مجرمًا”

زميله محمد عمارة نشر شهادة مؤثرة قال فيها:

"فقدنا شابًا من أنقى شباب الجيل… مصطفى كان إنسانًا هادئًا، حياته كلها كانت علم واجتهاد… اللي حصل له صدمة ومفيش أي تفسير رسمي يشرح لينا ليه حصل كده."

وطالب باسم زملائه بـ تحقيق رسمي شفاف يكشف ملابسات ما جرى، احترامًا لحق المجتمع في معرفة الحقيقة.

حوادث مشابهة: 8 قتلى في إدفو خلال شهرين

حادثة مصطفى لم تكن الوحيدة.
فقد وثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان قبل أيام قيام قوات الشرطة في مركز إدفو بأسوان بـ تصفية ثمانية مواطنين عزّل خلال سبتمبر وأكتوبر الماضيين، مؤكدة أن:

  • الضحايا لم يكونوا مطلوبين أمنيًا

  • لم تصدر بحقهم أي أحكام

  • كانوا معروفين بحسن السير والسلوك

  • وأن ما جرى كان "إعدامًا ميدانيًا من مسافة صفر"

مما يعزز — وفق محللين — نمطًا متكررًا تعتمد فيه الأجهزة الأمنية على القوة المميتة بدلًا من الإجراءات القانونية.

دولة أم “دولة العصابة”؟

تساهم مثل هذه الوقائع في تهشيم الثقة المجتمعية، حيث تتصارع روايتان داخل وعي المصريين:

  1. رواية الدولة التي تؤكد أنها تواجه "عناصر خطيرة" و"تبادل إطلاق نار".

  2. ورواية المجتمع التي ترى أن ما يجري هو قتل خارج القانون، وأن وصف الشباب الضحايا بـ"الخطرين" مجرد ستار يغطّي غياب الشفافية والمحاسبة.

ويقول مراقبون إن الخطر الأكبر ليس فقط في وقوع مثل هذه الحوادث، بل في استمرار غياب جهة قضائية مستقلة تحقق فيها، مما يترك المجتمع بين روايتين متناقضتين ويعمّق الشعور بأن القانون مغيب، وأن حياة الإنسان يمكن أن تُسلب دون مسار قضائي أو حتى تفسير مقنع.

ختامًا: مأساة تتجاوز الحدود الفردية

موت مصطفى في يوم يلي ذكرى ميلاده، وتحول حلمه بأن يصبح طبيبًا إلى جنازة، ترك جرحًا عميقًا في قلوب زملائه وأهله وقطاع واسع من المصريين.

هذه الحوادث — وفق حقوقيين — لن تتوقف إلا بتطبيق القانون، وإجراء تحقيقات شفافة، ومحاسبة المسؤولين عن أي تجاوز، بدلًا من الإفلات المزمن من العقاب الذي صار سمة مؤلمة للواقع الأمني الحالي.