من إسطنبول ..قيادات عربية وإسلامية تتعهدبدعم صمود القدس وغزة

- ‎فيعربي ودولي

شهدت مدينة إسطنبول، انطلاق أعمال مؤتمر "العهد للقدس (إرادة)" بمشاركة واسعة لقيادات سياسية ودينية وفكرية من العالمين العربي والإسلامي، في وقت تتواصل فيه الإبادة الجماعية في غزة وتتسارع الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والضفة.

 

وقد اتسمت الجلسة الافتتاحية بسلسلة رسائل مركزة دعت إلى تجديد الإرادة الشعبية وتوحيد الجهود في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

 

في كلمته الافتتاحية، شدد رئيس مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر على أن عقد المؤتمر في هذا التوقيت يعبر عن إصرارٍ على حماية القدس ورفض كل أشكال التطبيع.

 

وقال إن "غزة لن تضيع… والقدس ليست للتنازل"، متعهدًا بمواصلة العمل لتجميع طاقات الأمة وتفعيل حضورها الدولي في الدفاع عن المدينة المحتلة.

 

أما رئيس مجلس الأمناء الجديد للمؤسسة، المفكر المصري محمد سليم العوا، فاعتبر أن الانتساب لمؤسسة القدس هو انحياز إلى جوهر القضية الفلسطينية، مؤكدا أن التحرير لا يتجزأ وأن "فلسطين تستعاد كاملة من بحرها إلى نهرها".

 

 

وأشار إلى أن انتخابه خلفا للعلامة الراحل يوسف القرضاوي يضع على عاتق المجلس مسؤولية مضاعفة في حماية الهوية المقدسية وتعزيز صمود أهل المدينة.

 

وقدم رئيس حركة حماس خارج فلسطين خالد مشعل رؤية تحررية من عشر نقاط ركزت على مواجهة محاولات الاحتلال إعادة هندسة غزة سياسيًا وأمنيًا بعد الحرب.

 

وحذر من استمرار القتل اليومي في القطاع، داعيًا إلى تشكيل تحالف دولي يدعم الرواية الفلسطينية ويحصّن المقاومة ويعزز الوحدة الوطنية، مشددًا على أن المعركة لم تنتهِ بعد.

 

وفي السياق نفسه، دعا أمين منبر المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري إلى الانتقال من الشعارات إلى الخطوات العملية، مؤكدًا أن فلسطين هي طريق الوحدة، فيما رأى الشيخ محمد الحسن الددو أن العهد للقدس هو عهد للتحرير وأن دعم غزة والأسرى والمقدسيين واجب لا يقبل التأجيل.

 

 

ومن جهته، أكد رئيس لجنة فلسطين في الرئاسة الإيرانية، الشيخ محمد حسن أختري، أن الجرائم الإسرائيلية تتواصل رغم الصمت الدولي الرسمي، إلا أن الدعم الشعبي العالمي للقضية في تصاعد مستمر، خصوصًا لدى الشباب. وهو ما أكده أيضًا الأب إبراهيم دبور، الأمين العام لمجلس كنائس الأردن، بالتشديد على أن فلسطين وطن موحد لأبنائه كافة، وأن الاحتلال هو من حوّل الصراع إلى إطار ديني.

 

وشدد الأمين العام لمنتدى الوسطية، المهندس مروان الفاعوري، على أن صمود غزة "أذهل العالم وكشف هشاشة رواية الاحتلال"، داعيًا إلى استثمار التحول الدولي المتزايد لصالح القضية الفلسطينية.

 

وفي الاتجاه ذاته، قال مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي إن المقاومة "واجب تفرضه المرحلة"، مضيفًا: "لو كان خيار الاستسلام ممكنا لكان أولى يوم استشهاد السيد حسن نصر الله… لكننا لم ولن نختار هذا الطريق".

 

 

ومن جنوب شرق آسيا، شدد البروفيسور حفيظي محمد نور، مؤسس منظمة الأقصى الشريف بماليزيا، على أن الوقوف مع فلسطين واجب لا يُعد فضلاً، مؤكدًا أن "300 مليون مسلم في المنطقة يقفون مع الشعب الفلسطيني" وداعيًا إلى تصعيد العمل الإسلامي نصرة لفلسطين.

 

وفي المحور التركي، نقل نائب مفتي إسطنبول رسالة رئيس الشؤون الدينية التركية الدكتور صافي أرباغوش، الذي جدّد التأكيد على أن فلسطين قضية دينية وأخلاقية للشعب التركي، فيما شدد رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الفلسطينية–التركية الدكتور حسن توران على دعم بلاده الكامل للشعب الفلسطيني، قائلاً: "من أراد أن يتعلم العزة… فليتعلم من غزة".

 

وقد حملت الجلسة الافتتاحية بعدا إنسانيًا لافتًا مع شهادة الناشطة العالمية تارا أوغريدي، التي تحدثت عن تجربتها في أسطول الصمود وسجن النقب، وأعلنت بدء التحضير لإطلاق أسطول جديد عام 2026 لكسر الحصار عن غزة.

 

وقالت إن العالم بات يتعايش مع "تطبيع الإبادة"، مشيرة إلى أن كتابات الأسرى ما تزال تلاحق ذاكرة الأحرار في العالم.

 

 

 

وتخلل الحفل تكريم المناضل العربي معن بشور تقديرًا لمسيرته الطويلة في خدمة القدس وفلسطين، إلى جانب عرض مسرحي بعنوان "صدى البحر" جسّد معاناة أهالي غزة في رحلة النزوح تحت القصف، في لوحة إنسانية لاقت تفاعلًا واسعًا.

 

ويأتي انعقاد مؤتمر "العهد للقدس" بدعوة من مؤسسة القدس الدولية وبمشاركة واسعة من المؤسسات الشعبية العربية والإسلامية، استكمالًا لمسار تاريخي لمؤتمرات شكلت محطات فارقة في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، من مؤتمر 1931 في المسجد الأقصى إلى مؤتمرات عمّان وبيروت وإسطنبول في العقود الماضية. وفي لحظة تتعرض فيها فلسطين لإبادة معلنة، يعيد المؤتمر التأكيد على أن الإرادة الشعبية للأمة هي الحصن الأخير في مواجهة محاولات محو الحق الفلسطيني بالقوة.