ارتفاع الدين الخارجي لـ200 مليار دولار بحلول 2030.. التعافى الاقتصادى أرقام على الورق من اختراع حكومةالسيسى!

- ‎فيتقارير

تكشف مؤشرات التعداد الاقتصادي السادس عن تناقض صارخ بين ما تتحدث عنه حكومة الانقلاب من نمو وتحسّن اقتصادى على الورق، وبين واقع يواجه فيه المصريون تضخمًا خانقًا، ودينًا عامًّا متصاعدًا، وضعفًا في القطاعات الإنتاجية.

ورغم التطمينات الرسمية المستمرة بشأن تعافي مؤشرات الاقتصاد التي ظلت تحت أزمة خانقة لسنوات، يخشى الشارع المصري مزيدا من التضخم وارتفاع الأسعار.   

فى هذا السياق تتزايد أرقام العجز دون بذل أى محاولات لتحسين كفاءة الاستثمارات وتعزيز كفاءة عوامل الإنتاج ومساهمتها في مخرجات الصناعة المحلية ما يعني أن الاقتصاد المصري ما زال عرضة للصدمات الخارجية، وأن التعافي لم يتحوّل بعد إلى تحسن مستدام في هيكل الصادرات أو في الميزان التجاري.

التحدي الأهم ليس في الأرقام، بل في كيفية انعكاسها على حياة المصريين. فالتضخم الذي التهم الدخول خلال العامين الماضيين ترك أثرًا عميقًا على الطبقات المتوسطة، التي فقدت قدرتها الشرائية كما يعاني سوق العمل من بطء في خلق وظائف جديدة وفي ظل غياب توسع حقيقي في القطاعات الإنتاجية، تبقى فرص التشغيل محدودة، ما يزيد من اتساع الفجوة الاجتماعية.

هذه المعادلة تجعل أي حديث عن “تعافٍ اقتصادي” ناقصًا ما لم يُقترن بتعافٍ اجتماعي يعيد الثقة والقدرة الشرائية للفئات الأوسع من المواطنين. 

 

دفعة مؤقتة

 

من جهته قال أستاذ الاقتصاد السياسي، الدكتور كريم العمدة: لا يمكننا القول إن الاقتصاد المصري يعيش حالة ازدهار في الوقت الراهن، موضحا أن الوصف الأدق هو أننا في مرحلة استقرار بعد أزمة، أو كما يمكن تسميتها “مرحلة توقف النزيف”. خلال الفترة الماضية، نسير من سيئ إلى أسوأ، أما الآن فقد يتوقف التدهور، وتبدأ المؤشرات في التحسن بشكل تدريجي.

وأوضح العمدة في تصريحات صحفية أن الأمور لا تصل إلى مرحلة الإنجاز أو الطفرة، لكنها بالتأكيد لم تعد في منحنى الانحدار ذاته الذي كنا عليه، مشيرا إلى أن التحسن النسبي الذى تعلن عنه حكومة الانقلاب يأتي نتيجة الصفقات الاستثنائية التي تلجأ إليها ، وهي أدوات تُستخدم في أوقات الأزمات الاقتصادية الكبرى، عندما تتوقف الاستثمارات ويتعطل النشاط الاقتصادي.

وأضاف : في أوقات الأزمات الحادة، لا يمكن انتظار تدفق الاستثمارات الأجنبية بشكل طبيعي، ولذلك نلجأ إلى حلول استثنائية لضخ سيولة عاجلة في الاقتصاد، حتى تعود الدورة الاقتصادية إلى التحرك مجددًا لكن لا يمكن أن نعتمد على هذه الآليات بشكل دائم، فهي مجرد “دفعة مؤقتة” يجب أن تتبعها إصلاحات هيكلية حقيقية تعتمد على أدوات السوق والاستثمار والصناعة والإنتاج.  

 

غرفة الإنعاش

 

وأكد العمدة أن مرحلة الازدهار الحقيقية تحتاج إلى استقرار طويل المدى يمتد لعشر سنوات من العمل المتواصل والنمو الحقيقي، وليس لعام واحد فقط موضحًا أنه من غير الدقيق ما يُقال عن أننا في حالة ازدهار، لأن الازدهار لا يتحقق إلا بعد سنوات من الاستمرار في النمو. ما يحدث الآن أننا نخرج من غرفة الإنعاش، والمريض يبدأ في التحرك والتحدث، لكنه لم يستعد عافيته بعد ليخوض سباقات أو يتحمل مجهودًا كبيرًا.  

وشدد على أن استمرار التحسن الاقتصادي يتطلب سياسات نقدية ومالية رشيدة، وانتخاب برلمان قوي قادر على مراقبة حكومة الانقلاب ودعم الإصلاحات، مؤكدًا أنه لا يمكن الحكم على المسار الاقتصادي قبل خمس سنوات على الأقل، أي بحلول عامي 2028 أو 2029. حينها فقط يمكن تقييم الأداء بناءً على زيادة القوة الشرائية للمواطنين، ونمو الصادرات بشكل واضح، وتحسن نسبتها إلى الواردات، وهذه هي المؤشرات التي يمكن من خلالها القول إن الاقتصاد المصري يتعافى بالفعل.  

 

دائرة الضغوط

 

فى المقابل قالت الدكتورة تغريد بدر الدين، – مدرس الاقتصاد المساعد بكلية السياسة والاقتصاد-، جامعة بني سويف، إن ما يشهده الاقتصاد المصري في الوقت الراهن يمكن وصفه بمرحلة “تعافٍ حذر”، مؤكدة أن مؤشرات الأداء الكلي تُظهر تحسنًا ملموسًا في النمو والاستقرار النقدي، لكنها لا تزال بحاجة إلى دعم إصلاحي عميق لضمان استدامتها. 

وارجعت تغريد بدر الدين في تصريحات صحفية التحسن الذى تتحدث عنه حكومة الانقلاب إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في البنية التحتية والطاقة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج إصلاح مالي ونقدي جديد بقيمة 8 مليارات دولار بدعم من صندوق النقد الدولي. 

وشددت على أن هذه المؤشرات لا تعني خروج الاقتصاد من دائرة الضغوط، لكنها تؤكد وجود استقرار نسبي بعد فترة تراجع حاد، لا سيما مع تحسن سعر الصرف واستعادة الثقة في أدوات الدين الحكومية وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي. 

وتوقعت تغريد بدر الدين أن يظل التضخم عند المستويات الحالية 15.2% حتى نهاية العام، قبل أن يبدأ في الانخفاض التدريجي خلال 2026 وصولاً إلى المستهدف البالغ 7% ±2 نقطة مئوية في الربع الأخير من 2026. 

 

الدين الخارجي

 

وحذّرت من استمرار مخاطر الدين العام، مشيرة إلى أن تقديرات صندوق النقد الدولي تتوقع ارتفاع الدين الخارجي من 162.7 مليار دولار في (2024/2025) إلى أكثر من 200 مليار دولار بحلول 2030، مؤكدة أن هذا يتطلب ضبطًا ماليًا حقيقيًا وزيادة الإيرادات غير الضريبية لتفادي أعباء إضافية على الموازنة . 

وأوضحت تغريد بدر الدين أن من بين التحديات المستمرة بيئة الاستثمار التي لا تزال تعاني من البيروقراطية وعدم وضوح قواعد المنافسة، رغم إطلاق خريطة استثمارية جديدة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات دولة العسكر . 

ولفتت إلى أن العوامل الخارجية تلعب دورًا جوهريًا في مسار الاقتصاد المصري، موضحة أن تداعيات الحرب في الشرق الأوسط أثّرت على إيرادات قناة السويس، بينما تسببت تقلبات أسعار الطاقة في ضغوط إضافية على الموازنة. 

وأكدت تغريد بدر الدين أن التعافي الذى تتحدث عنه حكومة الانقلاب ما زال غير متوازن ويعتمد بدرجة كبيرة على تدفقات رأس المال والإصلاحات المنتظرة معتبرة أنه يمثل مرحلة انتقالية دقيقة، إما أن تتحول إلى انطلاقة حقيقية عبر إصلاحات هيكلية جريئة، أو أن تتعثر إذا ظلت المعالجات جزئية ومؤقتة.