يبدو أن التطمينات التي أطلقها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بشأن سد النهضة لم تفلح في طمأنة قطاعات واسعة من المصريين، حيث عبر خبراء عن مخاوف حقيقية إزاء الخطوات الإثيوبية "المريبة".
ورأى مراقبون –بحسب شبكة "الجزيرة" الإخبارية- فى تقرير لها- أن تصريحات السيسي -التي خاطب فيها المصريين وقال فيها "اطمئنوا فالأمور ماشية بشكل جيد، وإن حقوق مصر لن تضيع"- "حاولت أن تبدو دبلوماسية إزاء كارثة قومية".
د. نادر الفرجاني -رئيس فريق تحرير تقرير التنمية العربي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- شدد على أن تصريحات السيسي استمرار لسياسة الخداع المتبعة لكسب تأييد شعبي بين البسطاء".
وأوضح فرجاني أن الاستقامة تقتضي الاعتراف أولا بالخطأ في توقيع اتفاق المبادئ، وتشكيل فريق عمل من خيرة الخبراء لوضع إستراتيجية لمواجهة الكارثة الوجودية التي تحيق بالشعب والوطن.
أما استشاري الإدارة وتنمية الموارد الدكتور فتحي النادي فقال إن هذه التصريحات تمثل استخفافا بالعقول على الرغم من تأكيدات الخبراء و"التصريحات الساذجة" لوزيري المالية والخارجية عن مدى سير المفاوضات.
وأضاف في تصريحاته للجزيرة نت أنه إما أن السيسي يعرف وعاجز عن فعل شيء بعد توقيعه على اتفاق النوايا، وإما أنه لا يعرف، وفي كلتا الحالتين مصر بصدد كارثة.
أما المحامي أحمد قناوي فقال إن تصريحات التطمين في قضية سد النهضة غير كافية، فضلا على أنها قد تكون مضللة، "فالخبراء ووزراء ري سابقون لهم وجهة نظر فنية مفادها أننا نمر بأزمة في منتهى الخطورة".
بدوره، ينطلق رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور هاني رسلان من حقائق جغرافية وتاريخية في تسليط الضوء على اتفاق إعلان مبادئ سد النهضة الذي وقعه رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا في مارس الماضي.
وقال رسلان في حديث للجزيرة نت إن المنطقة التي بني عليها السد الإثيوبي مملوكة للسودان، والتي تغاضى عنها بعد استيلاء إثيوبيا عليها سنة 1902، معتبرا أن "موقف السودان مساند لإثيوبيا في الاتفاقية لأنه مستفيد".
وأوضح أن الحقائق الحالية تقول إن سد النهضة وقت تصريحات السيسي اقترب من نسبة 50% لملئه بالمياه، والملء التجريبي الأول سيكون في يوليو المقبل بارتفاع 145 مترا، محذرا من أن نجاح إثيوبيا في تمرير اتفاقية سد النهضة "سيكون سابقة سيتم تكرارها".
وأضاف أن الجانب الإثيوبي لم يقدم أي التزامات حتى الآن، وقال إن الإثيوبيين "أخذوا المفاوض المصري في مسارات متشعبة حتى مر 15 شهرا من دون أن يتم الاتفاق على أي خطوة"، وقال إن هذا "يؤكد أن هناك سوء نية لا مجال للتهاون بشأنه".
وأشار إلى أن قيام إثيوبيا بمضاعفة السعة بلا مبرر يعني أن الهدف سياسي لتتحكم في 85% من حصة مصر، محذرا من التوجه لخيارات عسكرية "لأنها محفوفة بالمخاطر".
ووفقًا لدراسات وحدة حوض النيل، فإن كل أربعة مليارات متر مكعب تنقص من مياه النيل تجرف بالمقابل مليون فدان وتشرد عشرة ملايين مزارع، وسيزحف هؤلاء للمدن مجردين من المهارات المهنية، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.