معارضة من وحي “القاهرة 30”.. السيسي يستنسخ موسى مصطفى موسى من جديد

- ‎فيتقارير

تماما كما كان يبحث عن مرشح يتنافس أمامه في مسرحية انتخابات الرئاسة الهزلية يناير الماضي، يبحث الآن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي عن معارضة يستطيع بها التنفيس من حالة القمع التي يعيشها الشعب المصري، ولكن بشروطه المعتادة التي تعبر عن حالة السفه والاستفزاز، في ظل رفض نظام الانقلاب لأي شكل من أشكال المعارضة حتى ولو كانت كرتونية كما كانت في عهد سلفه الرئيس المخلوع حسني مبارك.

يقسم قائد الانقلاب العسكري خلال حوار تلفزيوني في مؤتمر من مؤتمراته التي يخرج بها بين الحين والاخر، على أنه يريد أن يترشح في انتخاباته الهزلية ولو عشرة مرشحين، ولكنه يعرف جيدا أنه لن يترشح أحد، لأن النتيجة معلومة للقاصي والداني، فيستدعي مرشحا من كواليس فيلم “القاهرة 30” ليتكمل به ديكور “زفة العروسة” التي نصبها للشعب المصري من أجل التسلية او استفزاز الحسرة في صدورهم.
يخرج المشهد مجددا مرة اخرى، ولكن هذه المرة من اجل رسم صورة معارضة على مقاس عبد الفتاح السيسي، يظهر فيها في ثوب الإنسان الذي اتفقت عليه الإنس والجن، واجتمعت على حسن خصاله البشر والحجر والورق والشجر.

ليتم استدعاء موسى مصطفى موسى مجددا، ويستكمل المشهد بالإعلان عن تشكيل ائتلاف معارض لنظام السيسي، وعلى الفور ترحب “طرازانات” برلمان العسكر، بالفكرة، وتكشف بسذاجة سر ترحيبها، وهو محاولة لاستنساخ معارضة مستأنسة، لقطع الطريق علىا لشعب المصري في الاستماع لأي معارضة حقيقة في ظل تردي الأوضاع المعيشية.

وقال محمد الكومى، عضو برلمان العسكر، في تصريحات صحفية، إن ائتلاف “المعارضة الوطنية” الذي أنشأه موسى مصطفى موسى، تحتاجه دولة عبد الفتاح السيسي، إلى المساندة ضد كل من اتهمهم بالفساد والإرهاب.

وكان قد كشف موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد، عن استعداداته النهائية لإعلان وثيقة “ائتلاف المعارضة الوطنية” والذى سيتم الإعلان عنها خلال الأسبوع الجارى، زاعما أن هناك أشخاص تفهم موضوع المعارضة بشكل خاطئ فى مصر، فالمعارضة ليست أن يقوم البعض لمعارضة رئيس أو نظام.

وطنية موسى
واعتدل عبد الفتاح السيسي وواجه الجمهور في واحدة من المرات النادرة بخطاباته -عوضا عن وضعه المعتاد وهو يولي ظهره لهم- وشكر منافسه الخاسر في الانتخابات الرئاسية موسى مصطفى موسى، ممتدحا “وطنيته وإنقاذه شكل مصر أمام العالم”، رغم أن السيسي بذل جهدا ليتذكر اسمه، وناداه بمصطفى، ليصحح خطأه بعد جملتين.

وبحسب مراقبين وقتها، فإن دور رئيس حزب الغد موسى مصطفى في الانتخابات لم يكن سوى “كومبارس” بعد أن استبعد السيسي منافسيه الأقوياء بالسجن والوعيد.
هذه المرة اختار موسى أن يقدم نفسه زعيما “لمعارضة مساندة للسيسي”، بحسب تصريحات أدلى بها لإحدى الفضائيات.

وحتى وقت إعلان السباق الرئاسي المسرحي أوائل العام الحالي، لم يكن معظم المصريين يعرفون موسى مصطفى، إذ جرى استدعاؤه على عجل قبل إغلاق باب الترشح بساعات، عندما فشل النظام في إقناع شخصيات سياسية أخرى للترشح، عقب انسحاب المرشحين خالد علي ومحمد السادات، واعتقال رئيس أركان الجيش السابق الفريق سامي عنان، وإجبار رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق على الانسحاب.

ويقول موسى في تصريحاته بشأن الجبهة المزمعة إنها تحمل اسم “ائتلاف المعارضة المصرية الوطنية”، ومن وجهة نظره فإن “المعارضة الحقيقية لا بد أن تعمل مع الحكومة وأجهزة الدولة”. متابعا “هذا الائتلاف المعارض سيكون داعما للسيسي وليس معارضا له”.

ويتواصل موسى حاليا مع مئات النواب الحاليين والسابقين بالبرلمان وقيادات أحزاب لإعداد وثيقة تتضمن مبادئ وأهداف هذا الائتلاف الذي سيكون “الأكبر في مصر”، مشددا على أنه “لا مكان للأحزاب الدينية في هذا الائتلاف”.

وأثارت هذه التصريحات السخرية بين المواطنين، فاعتبر عصام عبد الغني -وهو باحث علوم سياسية- أن من يقف وراء تشكيل الجبهة يستحضر “أدوات السوق” القائلة بضرورة أن يأكل التاجر نفسه قبل أن يأكله غيره، وهؤلاء يريدون أن يقطعوا الطريق على أي “جبهة معارضة حقيقية وجادة”.

وتقول المحامية رضوى سالم إن هدف المعارضة في أي دولة حول العالم هو المنافسة على السلطة، “أما هنا فالمعارضة لتمكين السيسي”.

وقال السفير معصوم مرزوق “هذه الجبهة المعارضة عبارة عن مسرحية كوميدية هدفها كسب ود السلطة فقط”.

ونفى مرزوق -الساعي لتأسيس حزب يسمى الناس- نجاح هذه الخطوة في إقناع العالم بـ”هذه المسرحية”، فالجميع يدرك جيدا حقيقة ما يحدث في مصر. والمعارضة الحقيقية برأيه، هي “انتقاد سياسات النظام”، مؤكدا أن السلطة الحالية لا تريد إلا “المعارضة المستأنسة الشكلية، التي لا تغني ولا تسمن من جوع”.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية سعيد صادق أن الجبهة المعارضة الجاري تشكيلها هي معارضة كرتونية مجاملة للنظام. ولا يستغرب صادق صدور مثل هذا الاتجاه من سياسي ترشح للرئاسيات أمام السيسي وهو “في الأصل مؤيد له”، مؤكدا عدم وجود معارضة حقيقية في مصر.

ويضيف أن “الشيء الوحيد الذي ستنجح فيه هذه الدعوة برأيه هو خطب ود السلطة والتقرب منها للحصول على مكاسب محددة، أما العالم الخارجي فسياسيوه ليسوا سذجا لهذه الدرجة، لكي يجري إيهامهم بأن في مصر حراكا سياسيا حقيقيا”.