هاجم الشيخ بسام جرار، مفسّر القرآن والمتخصص في الإعجاز العددي في القرآن الكريم، برنامج "لا تعارض" – There Is No Clash -الذي تقدمه "كليري فورستير" منذ مطلع 2018، وهي مذيعة بريطانية مسيحية تدفع لها منظمة تحمل نفس اسم البرنامج، لتقديم هذا البرنامج (على اليوتيوب).
وبالأمس كتب الشيخ على حسابه، أن البرنامج يشمل تلاعبا بالنصوص الكريمة لتظهر أنها معجزة علمية، مشيرا إلى أنه من عوامل انتشار البرنامج المذيعة الغربية في مظهرها ودينها تتكلم في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
وقال الشيخ جرار، فلسطيني من البيرة: إن "المذيعة تتكلم في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. وهذا جعل برنامجها ينتشر ويتناقله المسلمون.. وبعد متابعة البرنامج من أهل العلم والاختصاص تبيّن أن هناك تلاعبا بالنصوص الكريمة لتظهر أنها معجزة علمية وسبق في العلوم".
وأضاف أنه "لا تُعرف الجهة التي هي وراء هذه المرأة، وكان كلام البعض أنه من إعداد مسلمين متحمسين لنشر الفكرة الإسلاميّة. ثم بدأت الشكوك من وراء الأمر، فمثل هذا السلوك التحريفي ينتهي تشكيكا في حقيقة إعجاز القرآن الكريم.
وتابع "بدأت تتكشف الأهداف الخبيثة لهذا البرنامج، وإذا بهم يطرحون أفكارا جديدة تتعلق بالتاريخ تنتهي إلى التشكيك حتى في القطعيات، ومنها التشكيك في مكان المسجد الأقصى. ولم يعد لدينا أي شك في أهداف هذا البرنامج الخبيث الذي هو في غاية السخافة والتهافت بالنسبة للمثقفين".
واعتبر أن الإشكال يكمن في تلقي قطاعات واسعة من الناس لمثل هذه الجرعات التي تجعلهم في حيرة وبلبلة وعدم يقين، في وقت تشتد فيه الهجمة على الإسلام والحضارة الإسلاميّة.
داعية غربي
المهتدي المسلم من أصل بريطاني "جون فونتين"، هاجم هو الآخر في فيديو موجود على صفحات التواصل برنامج "لا تعارض"، وكشف عن أن مذيعة البرنامج لا تتكلم عن قناعتها الشخصية، بل هي مجرد "كومبارس" لا أكثر ولا أقل، مستأجرة لتقول ما يُملى عليها أو يعرض أمامها.
وحذر من خطورة ادعاءات القناة والبرنامج، حيث إن تلك المنظمة لا يُعرف من الذي يقف وراءها، معتبرا أن من أخطر الأمور هو الكذب على الله.
وكشف عن أن القناة في تفسيرها لقول الله عز وجل "والتين والزيتون.. وطور سنين"، حيث تقول القناة إن "طور سنين هي قمة جبل في إثيوبيا"، في حين يقول "ابن عباس" وهو أحد أبرز صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا له نبي الله بأن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل، إن طور سنين هو جبل في سيناء.
وقال إن برنامج "لا تعارض" نشرنا تحذيرًا مسبقًا منه؛ لما فيه من ترويج لخرافة التطور، وكذلك لما فيه من لي أعناق الآيات لتوافق توجهانهم الفكرية الخبيثة التي يريدون تصديرها للمسلمين تحت غطاء الدين.
متمعنون بالفيديوهات
وتعليقا على ما نشره الشيخ، اعتبر مراقبون أن قاعدة الترويج الكبير والانتشار الواسع لفكرة ما، ينبغي أن يقابل بإساءة الظن، أو التشكيك في الأمر على أقل تقدير.
وأضاف أحدهم أن البرنامج يردد أن "الأرض مسطحة"، تمهيدا منهم للتشكيك في القرآن. يقول الباحث الجزائري حسان بن عابد: "التمعن في فيديوهات القناة الزائفة There is no clash يكشف المزيد من البلاوي، لدرجة أن هذه القناة صارت تحرف القرآن على المباشر،
فمثلا الآية الكريمة: (خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ.. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) )ترجمَتها في القرآن المترجم للإنجليزية: (He was created from a fluid, ejected, Emerging from between the backbone and the ribs)، لكن القناة حرفت كلمة الصُّلب التي تعني الظهر، فجعلت معناها الحديد، وحرفت معناها الإنجليزي بنفس الطريقة أيضا، من Backbone إلى Steel، وحرفت الترائب التي تعني الأضلاع، فجعلت معناها الإسمنت، وكذلك في الترجمة الإنجليزية حرفت Ribs (الأضلاع) إلى (Cement إسمنت)، معتبرا أنه "تحريف خبيث ولعب بالكلمات لتلفيق الإعجاز الزائف وخداع قليلي العلم".
مديح مشكك
وتحت عنوان "كلير فوستر والخطاب الديني"، تطوعت صحيفة إماراتية "الإمارات اليوم" بنشر مقال للكاتب "د. علاء جراد"، يدافع فيه عن المذيعة وعن المنظمة "الإسلامية" التي ترعى البرنامج.
وكتب "طالعتنا مذيعة الـ«بي بي سي» السابقة، كلير فوريستر، بمجموعة من الحلقات المذاعة عبر الـ«يوتيوب»، تقدم فيها تفسيرا علميا أكثر من رائع لآيات ومعجزات من القرآن الكريم، تشرح فيها قضايا علمية غاية في الدقة، شرحها القرآن منذ أكثر من 1450 عاما، ثم اكتشفها العلماء منذ بضع سنوات".
وعن تفسير الآية رقم 35 من سورة النور، كتب أنه قرأ كثيرا تلك الآية وقرأ تفسيرها من بعض المفسرين القدامى والجدد، وقال كلاما غريبا: "ولم يقترب أحد من التفسير العلمي الذي قدمته كلير فوريستر، لا من قريب ولا من بعيد، وللموضوعية لا يمكن أن نلوم المفسرين، لأن ما تقدمه هذه المذيعة مبني على اكتشافات علمية حديثة، ويعتمد على قدر عال من التكنولوجيا لم يكن متوفرا آنذاك"!.
ملتقى أهل التفسير
وعلى الشبكة العنكبوتية، كتب الشيخ عدنان الغامدي مقالا على موقع "ملتقى أهل التفسير"، يحذر فيه من البرنامج الذي أثار جدلا كبيرا، فهو يقدم توافقات علمية مزعومة بين آيات قرآنية ونظريات علمية يزعم فيها المعدّ بأن تلك الآيات القرآنية تعني بأن القرآن سبق لتلك المعارف العلمية منذ نزوله قبل ألفٍ وأربعمائة عام.
وأضاف أن العامة تداولوا تلك المقاطع المرئية بالانبهار والاندهاش، ليس لأجل التفسيرات القرآنية والتوافقات التي عرضت، بل لكون تلك الشقراء السافرة المسيحية تقدم البرنامج وكأنه اعتراف غربي بعظمة القرآن وانفتاحه على الحضارة الإسلامية، فتوالت ملايين المشاهدات على تلك المقاطع، وقدمت المنظمة المعنية بتقديم تلك المادة "لا تعارض"- -ThereisNoClash روابط للتبرع للمنظمة لتقديم المزيد من تلك الحلقات، ويحظى طلبهم بالقبول والتأييد ظناً من المسلمين بأن ذلك سيسهم في انتشار الاسلام والتعريف بحقيقة الوحي القرآني.
وعلى 3 أوجه أوضح أن ادعاء تطابق مفهوم الآيات مع تلك النظريات إنما هو فهم لمعد الحلقات وليس حقيقة النص القرآني، وفي حال ظهور بطلان تلك النظرية فسينتهز أعداء الإسلام تلك الفرصة للإساءة للقرآن واستعمالها كحجة على عسف المسلمين للنصوص خارج سياقها، وأن الأخطاء التي تظهر تعني خطأ في القرآن.
وأضاف أن المادة المقدمة تحمل بكل وضوح تعسفا كبيرا في التوفيق بين النص القرآني والنظريات العلمية، وهي مليئة بالثغرات والتناقضات التي لا يمكن جمعها الى بعضها البعض لتشكل وحدة يمكن الانطلاق منها للبحث المبدئي.