خلال شهر أغسطس 2017، وُجهت رسالة سرية من واشنطن إلى القاهرة، تحذر سلطات الانقلاب بشأن سفينة غامضة تبحر باتجاه قناة السويس، وشددت الرسالة على أن سفينة الشحن التي تحمل اسم “جي شون” وترفع العلم الكمبودي، قد أبحرت من كوريا الشمالية بطاقم كوري شمالي، في حين تحمل على متنها شحنة مجهولة مغلفة بأقمشة مشمعة سميكة.
انتظر عملاء الجمارك دخول السفينة إلى المياه المصرية، وفور وصولها اكتسح المسئولون السفينة ليكتشفوا مخبأ يحتوي على أكثر من 30 ألف قاذف صاروخي أو “آر بي جي”، تتوارى تحت صناديق من خام الحديد، ووفقا لما جاء في تقرير للأمم المتحدة، في وقت لاحق، مثلت تلك الحادثة “أكبر عملية ضبط للذخائر في تاريخ العقوبات المفروضة على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية”.
إلا أنَّ الشيطان يسكن دائمًا في التفاصيل، وبعد تلك الحادثة بعامين فقط كشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن وثائق داخلية حصلت عليها تُدين حكومة الانقلاب بشأن الصفقة، ووصفتها “بالفاضح وغير مسئول”.

من وراء ترامب
يقول الناشط محمود بسيوني: “السيسي شكله لعب بديله من ورا سيده ترامب واشترى خاطر المجنون بتاع كوريا الشمالية وجاب منه سلاح.. جهز نفسك يا معلقة عشان هيمدك على رجليك”.
ويقول الإعلامي شريف منصور: “تخيل يا مؤمن واحد كان مدير مخابرات حربية ومعاه المخابرات الحربية كلها.. ويفشل في إخفاء صفقة أسلحة من كوريا الشمالية ويتفضح على رؤوس الأشهاد.. يبقي ده بأف والّا مش بأف يا متعلمين يا بتوع المدارس؟”.
ومن شأن ما كشفته الصحيفة الأمريكية توريط مصر والأجيال القادمة في عمليات “ابتزاز”، تنال من سيادة قرارها الوطني وأمنها القومي، في وقت تتخبط فيه عصابة الانقلاب في سعيها للتقليل من انكشاف أمر الصفقة المشبوهة.
وضغط المسئولون الكوريون الشماليون في اتجاه المطالبة بدفع قيمة الشحنة، التي تقدر بنحو 23 مليون دولار، وإلا الكشف عن جميع المعلومات المتعلقة بشحنة الأسلحة، بحسب الوثائق التي حصلت عليها واشنطن بوست.
وأكدت الصحيفة الأمريكية أن الوثائق تظهر، على ما يبدو، اعترافًا صريحًا بدور عصابة صبيان تل أبيب، التي يقودها جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، في شراء 30 ألف قنبلة صاروخية، في تحد للعقوبات الأمريكية والدولية المفروضة على بيونج يانج.

الفرق كبير
من جهته علق عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان المصري السابق، محمد جابر، قائلا: “نحن أمام نظام فاشي يتحكم في مصر ويورطها في مختلف الأعمال الخارجة عن القانون، ويضعها رهن المساءلة الدولية في أي وقت من الزمان”.
وأوضح: أن “مثل هذه التصرفات المخالفة للعقوبات الدولية لا يأتي الكشف عنها عبثًا، وإنما لاستخدامها كأوراق ضغط ضد مصر لتمرير قرارات أو أمور ربما لا توافق عليها مصر وتضر بمصالحها الحالية والمستقبلية”.
ورأى أن “الفرق كبير بين الدول المستقرة التي تحمي شعبها وأراضيها وتحترم القوانين والمعاهدات الدولية، وبين دول تتجه نحو القرصنة وأعمال البلطجة الدولية من أجل عمولات أو عوائد مالية، عادة ما تعود لأفراد ولا تعود للدولة بفائدة”.
وحذَّر جابر “من توريط مصر في أزمات دولية وكوارث مستقبلية تؤثر على سيادتها على قرارها وأمنها القومي، وتدفع فاتورتها الأجيال القادمة من أجل منفعة شخصية”، مشيرا إلى أن “توريط بلد بحجم ومكانة مصر في أعمال قرصنة مشين ومسيء لتاريخها”.