في محاولة للتغطية على الدور الخبيث لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد المتصهين بالمنطقة، حاول عبد الفتاح البرهان، في خطاب آخر بعد الأول بأقل من 24 ساعة، ليبرر فيه لقاءه نتنياهو.
خطاب عصر الأربعاء، قال فيه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان: إن لقاءه مع بنيامين نتنياهو في أوغندا كان بترتيب أمريكي، يهدف إلى رفع السودان من قائمة الإرهاب.
الغريب أن الصهاينة والأمريكان أنفسهم ومن خلال وسائل إعلامهم أكدوا أن لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، على هامش قمة عنتيبي الإفريقية الصهيونية، تم بترتيب إماراتي وعلم من السعودية وكيان الانقلاب.
غصة التصريحات
وأصابت تصريحات الفريق البرهان السودانيين، الذين ثاروا ليس ليتولى من اخترقوا ثورته ودماء شهدائه التطبيع مع الصهاينة، غصة لم يجد معها مدير السياسة الخارجية بمجلس السيادة السوداني، رشاد فراج الطيب السراج، إلا أن يعلن أنه يستقيل احتجاجا على لقاء البرهان مع نتنياهو.
ومما زاد من حنق الوزير المستقيل، أن البرهان كشف عن أن اليسار المتمثل في “الحكومة” غير المنتخبة يعلم بالجريمة، فقال: إنه أخطر رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بلقاء عنتيبي قبل يومين من موعده، وأن حمدوك رحب بالخطوة!.
وزادهم من الشعر بيتا، فأعلن أنه “ليس لقوى الحرية والتغيير اعتراض على الخطوة ولكن اعتراضها على عدم التشاور حولها قبل الذهاب”، مشيرا إلى أن “عددا من قادة القوى السياسية لا يرفضون التطبيع إنما يخشون من مؤسساتهم التي ترفض الأمر”.
ثمن الخيانة
واستعرض عبد الفتاح البرهان ثمن خيانته وحكومة اليسار السوداني بقيادة حمدوك، فقال: “أتوقع إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”. مضيفا “اللقاء هو إبداء لحسن النية للعالم أجمع أنه ليس للسودان عداوة مع أي دولة”.
وأن المقابل لذلك هو قوله: “اتفقت مع نتنياهو على التعاون المستقبلي بين البلدين والخطوة التالية متروكة للجهات التنفيذية في السودان”، مضيفا أنه “تم تجاوز الخلافات مع مجلس الوزراء وملف العلاقات مع إسرائيل بيد الجهاز التنفيذي وستشكل لجنة للنظر فيه”.
وأشار إلى أن “نتائج اللقاء من المتوقع أن تظهر قريبا وأهمها الاندماج مع المجتمع الدولي وتحسين الاقتصاد”.
ولفت البرهان إلى أن اللقاء مع نتنياهو “تم بقناعتي الشخصية لأهمية طرق كافة الأبواب من أجل مصلحة الشعب السوداني والنهوض بالدولة”.
ومن بين مزاعمه التي تفيد السودان قوله: “لنا الحق في العيش ضمن المنظومة الدولية مثل الآخرين ولن يمنعنا أحد من السير في هذا الطريق”.
ولكن كلامه متضارب، فمن جهة قال إن اللقاء مع نتنياهو لم يتطرق لصفقة القرن نهائيا، مشددا على “ثبات الموقف من القضية الفلسطينية”، ثم يقول “قربنا من إسرائيل قد يكون مفيدا في مساعدة الفلسطينيين على حل مشاكلهم”.
ومما زاد الطين بلة إعلانه مشاركة واضحة من الحكومة في دراسة التطبيع، مدعيا أنها “علاقة” فقال: “سنشكل لجنة من مجلسي السيادة والوزراء لدرس مزايا وعيوب العلاقة مع إسرائيل”.
ذلك في حين كشف البرهان بنفسه أن “الاتصالات مع نتنياهو وبومبيو بدأت منذ 3 أشهر، وطرحنا فيها ما يستفيد منه السودان”.
الجيش مؤيد
المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية بدأ كلمته بأن “البرهان أكد أن العسكريين ليس لهم أي طموح في حكم السودان”!.
وأعاد المتحدث باسم الجيش السوداني تصريحات البرهان السالفة، وزاد أن “لقاء البرهان مع نتنياهو يأتي في إطار المصلحة العليا للسودان”، مضيفا توقعه “أن يعود علينا التفاهم مع نتنياهو بفوائد وتتغير به الصورة الذهنية المرسومة عن السودان”. وأضاف “لقاء البرهان مع نتنياهو هدفه رفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب”.
الطريف أن أقرب تصريحات حمدوك كان إعجابه وترحيبه “بالتعميم الصحفي للبرهان بشأن لقائه مع نتنياهو” وقال رئيس الوزراء السوداني حمدوك: “على علم بخطوة رئيس مجلس السيادة تجاه إسرائيل”.
المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية يصف لقاء البرهان ونتنياهو بأنه "خطوة جريئة" تصب في المصلحة العليا للبلاد pic.twitter.com/aDjLADO5Sv
— أبو إسلام العقاد (@K1hFm1UrCmuxl74) February 5, 2020
أولى بالشكر
وقال المحلل الفلسطيني ياسر الزعاترة، تعليقًا على موقف رئيس وزراء السودان الذي خرجت ضد مظاهرات أول أمس: إن “حمدوك يرحّب بلقاء البرهان مع نتنياهو.. ثمن رخيص للبقاء، وربما للتعيين قبل ذلك.. الشعب السوداني الرائع بريء من هذه المواقف المخزية”.
وعلق الزعاترة أيضا على مجمل اللقاء وعناق البرهان لنتنياهو الذي يتصدر الأخبار، فقال: “بومبيو يشكره، وكان الأولى أن يشكر الجهات التي تدفع وتشجّع، والتي تعمل مقاول علاقات عامة لنتنياهو، ومُنشّطا لاقتصاد ترامب كي يواصل تبجّحه بالإنجاز.. حين قالت أنظمة العرب (لا) لـ”صفقة القرن”؛ تطوّع البرهان لتضميد جراح نتنياهو!!.. إنه عار مضاعف”.
وعلى الجانب الآخر قال سفير شيطان العرب على السوشيال ميديا المدعو “يوسف علاونة”: “أؤيد قرار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.. نحن نقيم علاقات مع الإسرائيليين ونتعايش معهم واقعيا ولا توجد حالة حرب ولا حل للقضية إلا بالسلام والمفاوضات.. بالتالي ليس طبيعيا أن نطلب من إخواننا العرب عكس ما نفعل”.
قصة اختراق
وعلى المدى القريب، ومنذ بداية الثورة السودانية سعى محمد بن زايد إلى إبعاد خطوات الثورة السلمية التي تعتمد على الانتخابات، والتي ستأتي بأعدائه من الإسلاميين، وبدأ يستقطب اليسار والحركات المتمردة عسكريا على نظام البشير في دارفور غربا إلى جنوب السودان، وحتى أولئك الذين انفصلوا فعليا بدولة جنوب السودان.
إلى أن ظهرت ملامح هذا الاستقطاب في تعيين رئيس وزراء موالٍ للإمارات، عبد الله حمدوك، ومجلس من الحكومة من فاقدي الأهلية الشعبية أمام سلطات واسعة للمكون العسكري في مجلس السيادة والحكومة على السواء.
وتجلى هذا الاختراق في أول زيارة رسمية للبرهان وحمدوك، في 8 أكتوبر الماضي لأبو ظبي، وكان بانتظارهما محمد دحلان لتبدأ السودان مارثون التطبيع الذي لم يجلب إلا الخراب على من ولغ فيه·
ظهر منذ اللحظة الأولى أن عبد الله حمدوك يميل إلى القروض دون النظر إلى ما يمكن أن تقدمه الأرض لأبنائها، فأعلن في 24 أغسطس الماضي أن “السودان يحتاج 8 مليارات دولار مساعدات خارجية على مدار العامين المقبلين”.
انكشف المستور
تعليقات السياسيين ونشطاء الثورة السودانيين كانت تميل إلى حسن الظن بحمدوك، لكنها سرعان ما تكشفت، ومن هؤلاء الناشط السوداني “د.أحمد مقلد” الذي كتب في أعقاب زيارة نائب العسكر حميدتي للإمارات: “هل يجتمع المجلس السيادي بشكل دوري؟ .. هل من حق كل فرد في المجلس السيادي التصرف بانفراد؟.. هل لزيارة حميدتي للإمارات أي صدى في المجلس السيادي أو حكومة حمدوك؟”. وحذر مضيفا “إمارات حفتر هي إمارات حميدتي ويا نايم اصحى فإن إمارات بن زايد تعمل ليل نهار لعسكرة السودان”.
أما الناشط السوداني “Yousif” يوسف فقال: “ليعلم الأحمق البرهان أن سياسة فرض الرأي وقبول الواقع لم ولن تنجح مع الشعب السوداني البطل وإصداره لمثل هذه التصريحات غير مدروسة ومقبولة لا تساعد كثيرا، وليعلم تمامًا أن زمن سيطرة العسكر قد ولى ولن يعود، و صدقني لن تنفعك إسرائيل ولا أي دولة مثل الإمارات في شيء وإنما شعبك”.
هكذا يرتزقون بي فلذات اكبادهم اني اراء انهو عصر العبوديه لقد اتي من جديد بصوره مختلفه شويه الاوهي الارتزاق لماذا تتجارون بنا ايها الاوقاد حميدتي. برهان. حمدوك .بن زايد. بن سلمان. السيسي .كلهم قتله خونه عملاء مرتزقه يهود؟ pic.twitter.com/7ht7GiEKdJ
— Zahir Abdo (@ZahirAbdo6) January 30, 2020