رغم ما قدمه السيسي من تنازلات لروسيا.. “بوتين” يحمي سد إثيويبا

- ‎فيعربي ودولي

يرى مراقبون أن سد النهضة بات اليوم تحت حماية روسيا والكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، في وقت يؤكد المدير العام للأرصاد الجوية الإثيوبية أن "التعبئة الثانية لخزان سد النهضة قد تكتمل قبل موعدها المحدد بسبب غزارة الأمطار".

وبنى المراقبون رؤيتهم تلك بعدما وقعت روسيا اتفاقية عسكرية مع إثيوبيا لتعزيز قدرات جيشها، حيث وقَّعت وزارة الدفاع الإثيوبية، الاثنين، اتفاقية للتعاون العسكري مع روسيا، تشمل تعزيز قدرات الجيش الإثيوبي المهارية والتكنولوجية؛ وهو الإجراء الثاني بعد الموقف الروسي في مجلس الأمن الذي تحدث عن حلول أخرى غير العسكرية يمكن التعامل معها في تقسيم مياه النيل، حيث أعلنت روسيا، العضو الدائم بمجلس الأمن الدولي بالجلسة الاستثنائية التي دعت لها مصر والسودان، بشكل واضح، دعمها لموقف إثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة.

 

مفارقة الجاكت الأحمر

ويأتي الموقف الروسي بالرغم من العلاقات الجيدة مع القاهرة منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي زار موسكو مرارا، وأرسى على شركاتها عطاءات ومشروعات عملاقة أهمها "الضبعة النووي" الذي دشنه نظيره فلاديمير بوتين، وكذلك صفقة المقاتلة "سو 35"، وسمح لها بالتواجد ضمن قواعد عسكرية دائمة في سيناء، فضلا عن استصافة موسكو لمؤتمر أفريقي ضم رئيس الوزراء الإثيوبي، وتعهد السيسي فيه طرح مسألة سد النهضة إلا أنه لم يتوصل لشيء إلا لجاكت بنجمة حمراء اتضح لاحقا أنه اللباس التقليدي لحراس أمن الرئيس الروسي. في إهانة بالغة للسيسي عندما كان وزيرا للدفاع في أعقاب الانقلاب مباشرة.

 

قاعدة بالسودان

وفي محاولة لتنفيذ الاتفاق الروسي الإثيوبي، ولاستباق أي تحرك مصري عسكري ينطلق من السودان، بادرت روسيا أيضا إلى إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان. وقالت وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي، إن بلادها ستدرس من جديد الاتفاق مع موسكو حول إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان والذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس السابق عمر البشير. وأكدت مريم المهدي خلال زيارة إلى موسكو أن هذه الوثيقة وُقعت "من قبل الحكومة السودانية السابقة".

وكانت روسيا أعلنت توقيعه في ديسمبر، مشيرة إلى أنه ينص على إنشاء قاعدة عسكرية بحرية في مدينة بورتسودان الإستراتيجية المطلة على البحر الأحمر. كما يسمح الاتفاق للبحرية الروسية بالاحتفاظ بما يصل إلى أربع سفن في وقت واحد في القاعدة بما في ذلك السفن التي تعمل بالطاقة النووية. ويمكن للقاعدة أن تستقبل 300 من العسكريين والمدنيين كحدّ أقصى، كما يمكن زيادة العدد بموافقة السودان.

وينصّ الاتفاق أيضاً على أنه يحقّ لروسيا أن تنقل عبر مرافئ ومطارات السودان “أسلحة وذخائر ومعدات” ضرورية لتشغيل هذه القاعدة البحرية. وفي مطلع يونيو الماضي، أكد مسؤول عسكري سوداني رفيع المستوى أن بلاده بصدد مراجعة الاتفاق مع روسيا لتضمنه بنودا تعتبر "ضارة".

 

دور مشبوه

ولروسيا دور مشبوه في المنطقة العربية والإسلامية؛ فقبل نحو أسبوع ارتكبت جريمة بشعة بحق مصلين نحروا على أعتاب مسجدهم في دولة إفريقيا الوسطى، اعتبرها مراقبون دليلا على أن الكرملين يمكن أن يفعل أي شيء في سبيل تدعيم نفوذه.

والدور الروسي في ليبيا لا تخطئه عين بالتدخل العسكري المباشر من خلال مرتزقة فاجنر والتي تنتشر في المنطقة الإفريقية بشكل واسع. ومن الدول التي ظهرت فيها تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى.

ويعلم الجميع أنّ مدير "فاجنر" بريغوجين يعمل لصالح الكرملين، رغم عدم وجود أدلةٍ مثبتة يمكننا استنباطها من كافة مشاريعه، وهذا ببساطة لأن المال يُستخدم بكثرة، ولأن الأشخاص الذين يبحثون وراء هذا النوع من العلاقات ينتهي بهم المطاف مقتولين عادةً.

 

المصالح الروسية

ويتفق المراقبون على أن روسيا تدفع بعيدا عن السيسي في مسألة سد النهضة وترقب مصالحها، وأنها لهذا غابت عن دعم القاهرة في مجلس الأمن، بل ودعمت الجيش الروسي في ظل تداول معلومات عن تزويد روسيا لإثيوبيا بمنظومة صواريخ الدفاع الجوي "بانتسير" ومعلومات أخرى أن الممول للصفقة هي أبوظبي محمد بن زايد. المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، رفضا لخطابات التهديد المصرية السودانية، أكد أن بلاده لن تسمح بأي عمل عسكري ضد إثيوبيا، وأنها تشعر بالقلق من تنامي الخطاب التهديدي في الأزمة.

بالمقابل قالت وزيرة الدفاع الإثيوبية، مارتا لويجي، أن موسكو مؤيدة لبلادها بمختلف القضايا والساحات الدولية، بما في ذلك ملف سد النهضة، موجهة الشكر لبوتين. وفي تصريح لعربي 21، قال الباحث د. أشرف الصباغ: "هناك انعدام ثقة متبادلا ومكتوما مع روسيا، رغم أحاديث العلاقات الدافئة والإستراتيجية؛ فالقيادة القومية اليمينية المتطرفة بروسيا لم تنس طرد الخبراء الروس عام 1972، ولا توقيع القاهرة معاهدة (كامب ديفيد) بدون موسكو".

وأضاف، "روسيا تعرف أن مصر لن تقوم بعمل عسكري، ولكن مندوبها أراد فقط تسجيل نقاط ضد الغرب على حساب مصر، وأن يقدم أوراق اعتماد بلاده للرأي العام الإثيوبي".

وأوضح أن "موسكو، تحاول الحفاظ على العلاقات مع مصر بإبداء مرونة بملفات غير مجدية وغير ملحة، والتشدد بملفات مهمة وخطيرة واتخاذ مواقف خبيثة تتضمن أشكالا من الضغط والمساومة".

ورأى أن "مواقف الأمريكيين والأوروبيين من أزمة السد، أكثر اعتدالا ومنطقية من روسيا والصين إذ تلعبان بطريقة كلاسيكية وخشنة، وحاليا، الكرة بملعب القاهرة بعد وضوح الجوانب المهمة لمواقف الأطراف الدولية".

الموقع الإلكتروني أشار إلى اعتراف الانقلاب من خلال مقال للكاتب جمال رشدي، بصحيفة "الأسبوع" قال إن سبب تغيرات الموقف الروسي، إقامة "منتدى غاز شرق المتوسط" بالقاهرة، كطوق نجاة للدول الأوروبية لاستيراد الغاز بعيدا عن روسيا. ويلفت إلى أن إلغاء السودان اتفاقية إنشاء قاعدة عسكرية بالبحر الأحمر أغضب موسكو، فيما يرى أن الموقف الروسي وسيلة ضغط ومساومة لمصر والسودان لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية وعسكرية من الدولتين.