نشر موقع "المونيتور" تقريرا سلط خلاله الضوء على تنظيم الأزهر الشريف برنامجا تدريبيا لعدد من الأئمة الماليين في محاولة لمواجهة التطرف، مؤكدا أن "البرنامج يأتي في إطار جهود سلطات الانقلاب لزيادة دورها في مالي والتصدي لنفوذ تركيا من أجل إرضاء فرنسا ورئيسها ماكرون الذي يتفاخر بعدائه للمسلمين في فرنسا ويحرمهم من أدنى حقوقهم".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، أعلن الأزهر في 2 أغسطس عن دورة تدريبية لـ 23 إماما وخطيبا من مالي لمحاربة التطرف، في الوقت الذي تكثف فيه مصر جهودها لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية.
وقال حسن الصغير رئيس أكاديمية الأزهر الدولية في بيان إن «الهدف من وراء الدورة التدريبية هو تمكين الأئمة الماليين من تصحيح المفاهيم الخاطئة والأفكار الخاطئة عن الإسلام ومواجهة التطرف».
وقال مامادو مانجارا، سفير مالي في القاهرة، في بيان إن «بلاده تأمل في أن يتمكن الأئمة المدربون من مواجهة الأفكار التي يروج لها المتطرفون».
وجود قوي للأزهر بإفريقيا
ويتمتع الأزهر بوجود قوي في مالي، وفي اجتماع مع رئيس وزراء مالي موسى مارا في عام 2014، أعلن الإمام الأكبرشيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب "نشر شيوخ وأساتذة من الأزهر للعمل في قطاع التعليم في مالي من أجل غرس قيم السلام والاعتدال في قلوب الطلاب".
كما أنشأ الأزهر فرعا للجمعية العالمية لخريجي الأزهر في مالي، وقال المركز الإعلامي للأزهر في بيان في فبراير 2019 إن "الجمعية تهدف من خلال فروعها وبرامجها في مالي ودول أفريقية أخرى إلى تحسين القوة الناعمة للأزهر من خلال خريجيها".
وفي مارس من هذا العام، نظمت جمعية الأزهر وبعثته في مالي مؤتمرا دينيا أُطلق عليه اسم «الاعتدال في الإسلام» في أحد مساجد مالي، تركز خلاله النقاش على خطر التطرف والأصولية وأهمية غرس قيم السلام والتعايش السلمي في المجتمع.
وبالتعاون مع الجمعية العالمية لخريجي الأزهر في مالي، تحرص بعثة الأزهر، التي تتكون من عدد من الدعاة المصريين في مالي، على عقد أنشطة وندوات لمحاربة التطرف ونشر روايات معتدلة.
وخلال زيارته للقاهرة في مايو، أشاد وزير الخارجية المالي زيني مولاي "بدور الأزهر في تعزيز الروابط الثقافية بين مصر ومالي من خلال نشر تعاليم الإسلام المتسامحة ومكافحة الأفكار المتطرفة"، وخلال لقاء مع مولاي، شدد وزير الخارجية في حكومة الانقلاب سامح شكري على «الدور المصري في مكافحة الإرهاب والتطرف من خلال الأزهر من خلال إيصال المفاهيم الصحيحة للإسلام في مالي».
ولا يقتصر دور الأزهر في مالي على الدعوة، ولكنه يشمل أيضا المساعدات الإنسانية، ففي 10 أغسطس، نظمت الجمعية العالمية لخريجي الأزهر في مالي سلسلة من الأنشطة الخيرية التي ركزت على النازحين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في شمال مالي بسبب الهجمات الإرهابية، وعرضت الجمعية مساعدات إنسانية في محاولة لتخفيف معاناة الناس.
تعاون أمني وسياسي
وأشار الموقع إلى أن الأزهر يدعم جيش مالي في محاربة "الجماعات المتطرفة" ففي مايو 2020، أشادت الجمعية "بجهود الجيش المالي في مكافحة المنظمات الإرهابية، وشددت على أن هذه الجماعات لا علاقة لها بالإسلام وليس لها أي احترام أو اعتبار لا للمؤمنين ولا لأي روح بشرية أو ممتلكات فردية أو عامة".
ولا تقتصر الجهود المصرية لتعزيز وجودها في مالي على دور الأزهر، حيث تتوسع العلاقات الثنائية أيضا إلى الزيارات الدبلوماسية، وخلال زيارته للقاهرة في مايو، التقى وزير الخارجية المالي زيني مولاي عبد الفتاح السيسي الذي أعرب عن حرص مصر على المساعدة في استعادة الاستقرار في مالي.
وأشار السيسي إلى أن "مصر مستعدة للتعاون مع مالي في مكافحة الإرهاب والتطرف، والتنسيق المشترك على المستويين الأمني والعسكري".
على المستوى الاقتصادي، نمت التجارة الثنائية بين البلدين في السنوات الماضية، وأشار تقرير صدر عام 2020 عن إدارة البلدين والمنظمات الأفريقية ووحدة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (COMESA) في هيئة التمثيل التجاري إلى أن "حجم التداول بين مصر ومالي ارتفع إلى 12.1 مليون دولار في عام 2018، مقارنة بـ 10.8 مليون دولار في عام 2017".
وذكر التقرير أن "الصادرات المصرية إلى مالي ارتفعت إلى 12.1 مليون دولار في 2018 مقارنة بـ 10.5 مليون دولار في 2017".
مواجهة النفوذ التركي
تأتي جهود حكومة الانقلاب في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا مع تزايد النفوذ التركي في مالي، وكتبت صحيفة لوموند الفرنسية في 5 أغسطس أن "وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو كان أول مسؤول أجنبي يزور مالي منذ انقلاب 2020 في سبتمبر من العام الماضي".
وتابعت لوموند أن «هذه الزيارة هي علامة تشير إلى دعم تركيا للانقلاب، وهو في حد ذاته هجوم على المصالح الفرنسية».
وذكرت صحيفة نورديك مونيتور السويدية في تقرير صدر في سبتمبر 2020 أن «جاويش أوغلو زار مالي بهدف تثبيت مرحلة انتقالية تتماشى مع سياسات حكومته».
وفي 18 أغسطس 2020، قادت مجموعة من الجنود انقلابا عسكريا في مالي، وأطاحت بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي أُجبر على الاستقالة وحل البرلمان والحكومة.
على الرغم من أن الأهداف التركية في مالي تعارضت تاريخيا مع النفوذ الفرنسي هناك، إلا أن الجهود المصرية لا تتعارض مع مصالح فرنسا في مالي، كما كشفت دراسة أجراها المركز المصري للدراسات الإستراتيجية.
ووجدت الدراسة، التي صدرت في ديسمبر 2020، أن "هناك تقاربا كبيرا بين الرؤيتين المصرية والفرنسية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، بما في ذلك مالي، والقضاء على الإرهاب من خلال مكافحة الأفكار المتطرفة".
وقال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمحاضر في برنامج تدريب الأئمة الماليين، للمونيتور«الأزهر له حضور كبير في مالي، والدورة التدريبية تأسست على تثقيف الأئمة والوعاظ وإدخال الفكر المعتدل».
وقال إن «مصر حريصة على تعزيز النفوذ في مالي؛ لأنها تدرك أن النفوذ المصري في ليبيا مرتبط بوجودها في مالي، ليبيا المجاورة».
وأشار فهمي إلى أن "مصر لجأت إلى الأزهر لتعزيز وجودها في مالي، وهو ما قد تستفيد منه فرنسا في ضوء انتشار الجماعات المتطرفة في الدولة الأفريقية، وبالتالي، فإن إيصال أيديولوجية معتدلة في البلاد هو رغبة فرنسية، ولا يمكن القيام به إلا من خلال مؤسسة مصرية عريقة، مثل الأزهر".
وخلص إلى أن «تركيا تحاول تعزيز وجودها في مالي من خلال القروض والمساعدات الإنسانية، وهو ما تعرفه مصر جيدا، ولهذا السبب تسعى إلى تعزيز دورها في مالي وفي منطقة الصحراء والساحل».
https://www.al-monitor.com/originals/2021/08/egypt-counters-turkeys-influence-mali-al-azhar