نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالا للدكتور عدنان أبو عامر، باحث في الشؤون الإسرائيلية، سلط خلاله الضوء على تصاعد هجمات المستوطنين الصهاينة ضد الفلسطينيين خلال الفترة الماضية، محذرا من أن استمرار هذه الاعتداءات قد يدفع الفلسطينيين إلى الانتفاضة.
وبحسب المقال، الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، استمرت الهجمات التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون على الفلسطينيين في الضفة الغربية، إلى جانب انتهاكات جنود الاحتلال، إلى حد أنها أثارت تنبيهات إسرائيلية، وخوفا من أن تُشعل هذه الهجمات الحالة الأمنية في المناطق الفلسطينية.
عمليات تخريبية
وقال التقرير إن "التنبيهات الأمنية الإسرائيلية تشير إلى وجود معلومات أولية من المستوطنين، تفيد بأنهم قد يقومون بعمليات تخريبية ضد الفلسطينيين ومؤسساتهم وبيوتهم ومزارعهم، بما في ذلك حرق السيارات والمباني والضرب بالهراوات وإلقاء الحجارة، وهذه العوامل وغيرها قد تشعل المنطقة ، لأنها قد تثير محاولات الفلسطينيين للانتقام من أي هجمات عدوانية قد ينفذها المستوطنون".
وأضاف التقرير أنه في ضوء سلسلة الهجمات الفلسطينية التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، تخشى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من أن يؤدي العنف الذي يمارسه المستوطنون ونشطاء الجناح اليميني ضد الفلسطينيين إلى زيادة تفاقم الحالة الأمنية في الأراضي الفلسطينية، لاسيما في ضوء تصاعد التوترات الميدانية بين الفلسطينيين من جهة والمستوطنين الذين يدعمهم الجيش الإسرائيلي من جهة أخرى.
تحذيرات إسرائيلية
وأوضح التقرير أنه بالإضافة إلى العمليات الفلسطينية الأخيرة، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي ووكالة الأمن الإسرائيلية "الشاباك" بمراقبة تصاعد الاحتجاجات الميدانية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وخلال هذه الاحتجاجات، أُلقيت الحجارة والمتفجرات على قوات الجيش وسيارات المستوطنين، وقد استجابوا من جانبهم بإطلاق النار بالإضافة إلى شن عدة حملات اعتقال ضد الشباب الفلسطيني، سواء كان يشتبه في قيامهم بعمليات هجومية أو المشاركة في إلقاء الحجارة وزرع أجهزة متفجرة، بالإضافة إلى هذا، فهناك أشكال أخرى من المقاومة الشعبية تحدث في مختلف مدن الضفة الغربية.
وأشار التقرير إلى أن التحذيرات الإسرائيلية من هجمات دامية قد يشنها المستوطنون ضد الفلسطينيين، تتزامن مع صدور تصريحات إسرائيلية تتهم المستوطنين بإذكاء الوضع الأمني، ومن الأمثلة البارزة على ذلك بيان عمر بار ليف، وزير الأمن العام، الذي أتهم المستوطنين بارتكاب أعمال عنف لإشعال فتيل حالة الأمن الميداني مع الفلسطينيين، مما يضطرهم إلى الرد على الهجمات بالطعن وإطلاق النار، وهناك مخاوف صهيونية من أن تستمر هذه الهجمات خلال الأيام القادمة.
وقد رصد جيش الاحتلال 15 حادثا ضد الفلسطينيين في الأيام الأخيرة، بما في ذلك حالات حرق مبنى وحرق سيارة وإلقاء الحجارة ومداهمة منزل والضرب بالهراوات واستخدام غاز الفلفل وما إلى ذلك، وخلال إحدى هذه الهجمات العنيفة، أُصيب سائق شاحنة فلسطيني في رأسه بالحجارة التي ألقتها عليه مجموعة من المستوطنين اليهود في تشوماش.
كبح السياسة العسكرية
ولفت التقرير إلى أن الهجمات الاستيطانية المستمرة ضد الفلسطينيين ترجع إلى عام 1891 عندما بدأ مشروع الاستيطان اليهودي، وفي السنوات التالية أظهر المستوطنون عداوة شديدة وقسوة تجاه العرب، وهاجموهم دون مبرر وضربوهم بطريقة مهينة دون سبب، وكانوا فخورين بذلك ولم يكن هنالك أحد ليوقف مد هذا الاتجاه الخطير.
ونوه التقرير إلى أنه بالتزامن مع استمرار عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وتواطؤ قوات الاحتلال معهم، دعت بعض الأصوات الإسرائيلية، وإن كانت قليلة، إلى كبح السياسة العسكرية التي يتبناها جيش الاحتلال ووقف سياسة اليد الناعمة عند الزناد، لأنها تكفي لزيادة عدد الضحايا الفلسطينيين.
ولا تعبر هذه الأصوات الإسرائيلية بالضرورة عن حرصها على إنقاذ دماء الفلسطينيين، لكنها تخشى مما تسميه "الجني يخرج من زجاجته"، ثم انتقال الوضع الأمني في الضفة الغربية إلى مرحلة تصعيد غير مسبوق، قد يحرق معه كل شيء، ولذلك فإن هذه الأصوات تدعو إلى تغيير الطريقة التي يعمل بها جنود الاحتلال في الأراضي المحتلة، وخاصة في الضفة الغربية.
قنبلة موقوتة
فبعد أن وضع الاحتلال الإسرائيلي في جنوده سياسة "اليد الناعمة على الزناد"، يبدو الآن غير قادر على تغيير عقلية جنوده، ولعل هيئة الأركان العامة هي المسؤولة عن ذلك، على الرغم من أنها تتظاهر بأنها تحبس أنفاسها عند حدوث أي حالة وفاة فلسطينية جديدة، والنتيجة هي أن المارد خرج من القمقم، والسبيل الوحيد لإعادته هو إحداث تغيير جوهري في السلوك السياسي الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذي حولوه إلى قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
ومن ناحية أخرى، هناك مخاوف إسرائيلية حقيقية من أن يؤدي الاحتلال في نهاية المطاف إلى تدمير نسيج المجتمع الإسرائيلي ذاته، بتحويل جنوده إلى مجموعة من القتلة الذين يطلقون النار على كل شيء متحرك دون تعريض حياتهم للخطر.
وتعتقد هذه الأصوات الإسرائيلية أن جيشها ليس لديه إستراتيجية أو تكتيكات لخوض المعركة، وهم بارعون في أفضل تقدير في الإساءة إلى الفلسطينيين وتعطيل حياتهم اليومية، ويدعون أن الفلسطينيين يهددون حياتهم، بحيث يستمرون في ضربهم وهم مقيدون في المركبات العسكرية، وعندما يصلون إلى قواعدهم، يستمرون في ضربهم وربط بنادقهم بجثث المعتقلين، ويحدث كل ذلك بينما لا يزال المحتجزون مقيدين ومعصوبي الأعين ويتعرضون للإهانات.
واختتم التقرير"القاعدة التي يرفض الإسرائيليون الاعتراف بها ، هي أنه مقابل كل فعل هناك رد فعل، ومن ثم فإن أي انتهاكات يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين تُقابل بعمليات هجومية انتقامية ضد هؤلاء الجنود، وعلى الرغم من ذلك، يواصل جيش الاحتلال جرائمه ضد الفلسطينيين رغم الأسعار الدموية التي يدفعها جنوده ومستوطنوه، ومن الواضح أن موجة العنف المستمرة التي يمارسها المستوطنون تدفع الأراضي نحو الانفجار الذي لا عودة له".
Israeli settler violence pushes Palestinians to the point of no return