أبعاد وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على سوق النفط

- ‎فيعربي ودولي

قال الرئيس الأمريكي جو بايدين إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بشأن احتمال فرض حظر على النفط والغاز الروسيين.

وقال البيت الأبيض إنه يقيم المخاوف المتعلقة بسوق النفط العالمي واحتياجات الأمريكيين عند النظر في استهداف قطاع الطاقة الروسي بإجراءات عقابية بسبب حربها على أوكرانيا.

من جانبه قال داليب سينج نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض أن إدارة الرئيس جو بايدن تبحث سبل تقليل استهلاك الولايات المتحدة من النفط الروسي.

وأضاف سينج في مقابلة مع شبكة سي إن إن يوم الأربعاء الماضي إننا نبحث سبلا لخفض استهلاك الولايات المتحدة من النفط الروسي مع الحفاظ على إمدادات الطاقة العالمية وكان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قال قبل أيام إنهم يخططون لحظر استيراد النفط الخام من روسيا.

وفي الأثناء ارتفع سعر خام نفط برنت ووصل إلى حاجز 120 دولارا للبرميل اول أمس في أعلى مستوى له منذ مايو من عام 2012 وفي السياق اتفق وزراء الطاقة في تحالف أوبك بلس يوم الأربعاء الماضي على خطتهم الحالية لزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا في إبريل المقبل.

وعقب الاجتماع قال ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي إن أوبك بلس تواصل اجتماعاتها الشهرية عبر الإنترنت لمواصلة مراقبتها الوثيقة لسوق النفط.

في السياق طالب خبراء طاقة في أوروبا حكوماتهم والمواطنين باتخاذ إجراءات فورية لتقليل اعتمادهم على الغاز المستورد من روسيا في ظل هجوم روسيا على أوكرانيا شرقي القارة الأوروبية، كما أكد وكالة الطاقة الدولية أيضا وجوب تأجيل إعلان الإغلاق الموزع للعديد من محطات الطاقة النووية كما يجب المضي قدما في بناء المزيد من محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتكثيف الجهود لتحسين كفاءة الطاقة في المنازل والشركات فورا.

جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي يعتمد في نحو 40 بالمائة من استهلاكه للغاز على روسيا ومنذ بداية الأزمة الأوكرانية الأخيرة والعالم ينظر بقلق متزايد إلى مؤشرات الطاقة وكيف يمكن تعويض الغاز الروسي الذي يمثل ثلث استيرادات أوروبا من الغاز كما يمثل برميل النفط الروسي واحدا من عشرة براميل تصدر في سوق البترول العالمية.  

وقال الدكتور نهاد إسماعيل، الكاتب المتخصص في شؤون الطاقة والنفط، إن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على سوق الطاقة العالمي حتى الآن تتمثل في ارتفاع الأسعار بسبب المخاطر الجيوسياسية من حوالي 95 دولار إلى 115 دولار وهناك مخاوف من أنه إذا تم تطبيق عقوبات على قطاع الطاقة الروسية قد تصعد الأسعار إلى 150 دولار وهو ما يهدد الاقتصاد العالمي ويؤدي إلى تراجع الطلب على النفط وارتفاع التضخم وهو ما سيتسبب في ركود اقتصادي على غرار ما حدث في 2008 و2009 و2014.

وأضاف في حواره مع برنامج كل الأبعاد على "تليفزيون وطن" أن هناك مخاطر حقيقية لارتفاع أسعار النفط بشكل غير مسبوق ولكن الاقتصاد الروسي سيتضرر بشكل كبير إذا تم تطبيق عقوبات على قطاع الطاقة لأن روسيا تنتج 16.5 بالمائة من غاز العالم كما تنتج 10 بالمائة من النفط العالمي وإذا توقف تصدير الغاز والنفط الروسي ستخسر روسيا يوميا 600 مليون دولار، كما أنه يضع أوروبا في مأزق.             .

وأوضح أن توقف تصدير الغاز والنفط الروسي قد يرفع سعر برميل النفط إلى 125 دولار للبرميل، فروسيا تصدر حوالي 5.5 مليون برميل يوميا ونقص هذه الكمية من السوق سترتفع الأسعار حتما، كما أن هناك تنبؤات أمريكية من بنوك استثمارية تقول إنه قد يصل حتى إلى 150 دولارا للبرميل وهذا يشكل أزمة خطيرة للولايات المتحدة لأن أسعار الوقود في محطات البنزين أمر حساس جدا لإدارة بايدن.

وأشار إسماعيل أن كل تطورات أزمة النفط يعتمد على الفترة الزمنية التي تستمر فيها حرب أوكرانيا وكلما استمرت الحرب تعطلت لوجيستيات سلاسل التوريد والإمداد بسبب إغلاق الموانئ ومنع الطائرات الروسية من التحليق في الأجواء وتسليم واستلام البضائع، ما يعني حدوث نقص في الأسواق في جميع السلع وأهمها النفط الذي يحرك مع الغاز الطبيعي الاقتصاد.

ولفت إلى أن تزامن الحرب على أوكرانيا مع جائحة فيروس كورونا سيكون تداعيات كبيرة على قطاع الطاقة، حيث أثر وباء كورونا على إمدادات الطاقة في العالم فاشتعلت حرب أسعار في مارس وأبريل 2020 انتهت باتفاق أوبك+ الذي أدى إلى انتعاش الأسعار ثم جاءت أزمة أوكرانيا فعقدت الأمور، وأدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتعطيل الإمدادات بشكل أكبر، بعد أن بدأ العالم يتعافي تدريجيا من تأثير الجائحة.

ونوه إلى أنه من الصعب الآن العثور على سفينة تستطيع حمل أي سلع لأي مكان، حتى أن القمح بات مهددا بألا يصل إلى البلدان المستوردة مثل مصر ولبنان وليبيا وغيرها من الدول العربية، مضيفا أن الأسواق باتت في وضع حرج جدا بسبب حدوث تغير جيوسياسي أضاف إلى أسعار النفط على الأقل 15 دولار إضافية في وقت يعاني فيه العالم من تبعات جائحة كورونا، موضحا أن الاقتصاديات الآن بدأت تنغلق، وفقدت روسيا شركات كبرى كانت تعمل في مجال الطاقة مثل بريتش بتروليوم وشيل وإكسون وإيني التي غادرت البلاد وتراجع الاستثمار في روسيا خلال هذه الفترة القصيرة.

أوروبا ثالث أكبر مستورد للبضائع الروسية ورابع أكبر مصدر لروسيا، لذلك أوروبا وروسيا مهمان جدا لبعضهما البعض وفصل الاقتصادين بالمقاطعة والعقوبات ستخسر أوروبا وروسيا معا، موضحا أن 27 شركة أوروبية كبرى لديها مصالح ومشاريع وشراكات مع الشركات الروسية وهذه الشركات تقدر خسارتها الآن بـ100 مليار دولار، مؤكدا ان روسيا لن تنهار اقتصاديا على الرغم من المشاكل العديدة التي تواجهها حاليا، فلديها احتياطات ذهب تقدر بـ 130 مليار ولديها احتياطي عملة أجنبية 640 مليار دولار وتبادل تجاري مع العالم قبل الأزمة بأكثر من 800 مليار دولار سنويا ولديها معادن غير متوفرة في أماكن أخرى ولديها محاصيل زراعية ومقومات كبيرة للصمود لكن النمو الاقتصادي الروسي سيتراجع ويرتفع التضخم ويعاني المواطنون.