عندما يكون المسئول منتخبا من شعبه يكون رده هكذا على المستعمرين، فقد قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، مخاطبا مبعوثي الاتحاد الأوروبي بنبرة قاسية نادرة بسبب طلبهم إدانة روسيا في أوكرانيا "باكستان ليست عبدة لكم ، كتب سفراء الاتحاد الأوروبي رسالة تطالبنا بإدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ، أريد أن أسأل عما إذا كنتم قد وجهتم أي رسالة من هذا القبيل إلى الهند ، هل نحن عبيدكم نفعل أي شيء تقولونه؟
ووقعت عصابة الانقلاب بمصر في حالة تخبط بين غرام بايدن وبوتين، إلا أنها حسمت أمرها بترجيح كفة الأمريكان والغرب ، وأيدت قرارا أمميا يدعو لانسحاب روسيا من أوكرانيا، فيما رفضت استخدام العقوبات الاقتصادية ضد موسكو.
ودعا سفراء مجموعة السبع باكستان إلى إصدار "إدانة واضحة" للغزو الروسي غير المبرر، ودعم وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا، مؤكدين أن المجموعة تعمل على فرض المزيد من العقوبات على روسيا خلال الأيام القادمة، إلا أن باكستان رفضت أن تكون ألعوبة ودمية وتابعا ذليلا كما يفعل السفاح السيسي.
نشر غسيلهم المتسخ..!
بين الدب الروسي وأبناء العم سام، تبدو سياسات السفاح السيسي متأرجحة بين القوتين الأكبر عالميا، ما يدفع للتساؤل حول مدي مكسب أو خسارة مصر من ذلك التأرجح، وهل السفاح حائر بينهما بالفعل أم أنه يتبع سياسة التوازن؟
وأعرب الكاتب الصحفي أنور الهواري، عن مخاوفه من أن يؤدي تقلب سياسات السفاح السيسي بين موسكو وواشنطن أو أن يخسرهما، وقال عبر صفحته بفيسبوك إن "تأرجح السيسي وتنقلاته المباغتة بين الروس والأمريكان من شأنها أن تُفقد مصر ثقة الروس وثقة الأمريكان معا ، أن السيسي ملاح تائه فاقد للبوصلة في بحار إقليمية ودولية هائجة ومضطربة".
وانتهز رئيس الوزراء الباكستاني الفرصة ونشر غسيل الغرب المتسخ، وقال في خطاب شديد اللهجة ألقاه أمام تجمع في منطقة فيهاري، شمال شرقي إقليم البنجاب بحضور سفراء الاتحاد الأوروبي "عندما انتهكت الهند القوانين الدولية في كشمير المحتلة، هل قطع أحد منكم العلاقات مع الهند أو أوقف التجارة؟
وتابع عمران خان "لن ندعم أي دولة في حالة حرب، سندعم جهود استعادة السلام، ما الذي كسبناه من دعمنا لحلف شمال الأطلسي الناتو في أفغانستان، بخلاف فقدان 80 ألفا من الأرواح وخسارة 150 مليار دولار؟ هل اعترف الناتو بتضحياتنا؟ هل كتب سفراء الاتحاد الأوروبي يوما رسالة يشيدون فيها بجهودنا في أفغانستان؟
وختم بالقول "في المقابل، تم إلقاء اللوم على باكستان في فشل الناتو في أفغانستان، بما أننا محايدون ولسنا في أي معسكر، سنحاول التعاون مع هذه الدول لإنهاء الحرب في أوكرانيا".
ويعلق الناشط السياسي محمد الأمين بقوله " هكذا يتكلم المسؤول الوطني الذي لم يتربَ في أروقة المخابرات الغربية، بينما في أفريقيا يتسابقون إلى إدانة روسيا لإرضاء أوروبا، وخاصة فرنسا وأمريكا، المسؤول الخائن لبلده لا يقول مثل هذا الكلام الشجاع الوطني أبدا".
الباب الخلفي
وفي تعليقه أكد المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، تاريخيا استطاعت مصر أن تحافظ على علاقة متوازنة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، بالرغم من وجود منحنيات مالت فيها مصر إلى أحد الطرفين بصورة أكبر، وذلك من أجل تحقيق مصالحها فيما يتعلق بالتسليح لاسيما في مجال الدفاع الجوي الذي تعتمد فيه بصورة كبيرة على روسيا".
وأضاف الأكاديمي "ولكن في ظل النظام الراهن فإن مصر تحاول أن تعقد مقايضات لصالح النظام أكثر من كونها سياسات تنطلق من المصلحة الوطنية المصرية، ومن ثم فإن معظم تحركات السياسة الخارجية الراهنة تعمل على شراء شرعية للنظام من الدول الكبرى".
وأوضح أن عصابة العسكر تحقق ذلك الهدف من خلال فتح الباب أمام تلك الدول لبيع سلاحها أو عقد تسهيلات تجارية معها، وكذلك من أجل تخفيف الضغط على النظام فيما يتعلق بسجله في حقوق الإنسان وقمع الحريات".
وبين الزواوي، ولذلك فإن لجوء النظام المصري إلى دولة سلطوية كروسيا تمثل متنفسا له بعيدا عن الضغوط الغربية، بالرغم من أن التوجه الإستراتيجي طويل الأمد للدولة المصرية هو التحالف مع الولايات المتحدة والانضواء تحت التحالف الغربي لاسيما فيما يتعلق بالتسليح.
وتابع ، ولكن تظل روسيا دائما بمثابة الباب الخلفي الذي يقدم خدمات استثنائية للنظام المصري في حال أزماته الداخلية وما يتعلق بالضغوط الدولية عليه.