“إندبندنت”: فقراء مصر يكافحون مع الاقتصاد المترنح

- ‎فيأخبار
People walk through Eshash el-Sudan slum in the Dokki neighbourhood of Giza, south of Cairo, Egypt September 2, 2015. Residents of the slum clashed with police in late August, when about 50 ramshackle huts were destroyed and at least 20 people were injured by teargas, local media reported, as authorities attempt to clear the area and rehouse residents. The slum dwellers, some of whom have called Eshash el-Sudan home for 50 years, say there are not enough apartments built nearby to house them. The residents of the slum eke out a living by disposing of rubbish or baking bread. Schooling is too expensive for most of their children, who play with salvaged rubbish amid shacks made out of discarded wood and leather. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh TPX IMAGES OF THE DAY SEARCH “ESHASH EL-SUDAN� FOR ALL PICTURES TPX IMAGES OF THE DAY

نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا سلطت خلاله الضوء على الأزمة الاقتصادية في مصر وتداعياتها على الطبقتين المتوسطة والفقيرة.

وبحسب التقرير، وقفت مجموعة من النساء أمام بائع خضار في سوق في أحد أقدم أحياء القاهرة، وهن يصرخن من الإحباط، وقالت إحداهن “كل يوم أسعار جديدة، متى ستنتهي هذه الحرب؟”. صاحت أخرى وهي تحتضن طفلا بين ذراعيها.

وقالت الصحيفة إن “الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي دخل الآن عامه الثاني، أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة في جميع أنحاء العالم، مما أضاف طبقة أخرى إلى الأزمة الاقتصادية في مصر، وجاء ارتفاع التضخم وضعف العملة بشدة ومشاكل أخرى بعد عقود من سوء الإدارة الحكومية واضطرابات أوسع نطاقا، بدءا من الاضطرابات الناجمة عن الانتفاضة الشعبية في الربيع العربي عام 2011، ثم سنوات من هجمات المتشددين، تليها جائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا.

وأضافت أن الأزمة قد دفعت العديد من المصريين إلى الخروج من الطبقة الوسطى، في حين أن فقراء البلاد، وهم حوالي ثلث السكان بدؤوا يقللون من أساسيات الحياة، يتساءل الكثيرون إلى متى يمكنهم البقاء على قيد الحياة هكذا؟

وأشار التقرير إلى أن هاني حسن، نادل في مقهى، وجد نفسه يكافح من أجل إطعام أطفاله الأربعة في سن المدرسة. وأصبح راتبه يشتري سلعا ومستلزمات أقل مما سبق.

وقال حسن، 43 عاما، الذي يكسب ما يقرب من 110 دولارات شهريا من العمل في نوبات مدتها 12 ساعة سبعة أيام في الأسبوع “كان العام الماضي الأصعب في حياتي، أخشى ألا أتمكن يوما ما من إطعام الأطفال”.

وبلغ التضخم السنوي 26.5٪ في يناير، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المناطق الحضرية بنسبة 48٪ وفقا للأرقام الرسمية.

وقد تضاعفت تكلفة العديد من الضروريات بما في ذلك الأرز وزيت الطهي والخبز والبيض مؤخرا في محلات السوبر ماركت في القاهرة، وقد تضاعفت تقريبا أسعار الكيلوغرام الواحد حوالي رطلين من الدجاج أو اللحوم الأخرى مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 300 جنيه مصري حوالي 10 دولارات للحوم وحوالي 90 جنيها مصريا للدجاج، وقد جعلت هذه الزيادة هذه البروتينات ترفا باهظا للجميع باستثناء الأكثر ثراء.

ولفتت الصحيفة إلى أن الحرب في أوكرانيا، التي هزت الاقتصاد العالمي، ضربت مصر الضعيفة ماليا، وتحتاج أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وأكبر مستورد للقمح في العالم إلى شراء معظم غذائها من دول أخرى للمساعدة في إطعام سكانها البالغ عددهم أكثر من 104 ملايين نسمة.

وقال كالي ديفيس، الخبير الاقتصادي في أكسفورد إيكونوميكس أفريكا “لذلك، من المهم النظر إلى مشكلة التضخم في مصر في سياق قضايا الموقف الخارجي الأوسع”.

وأضاف ديفيس أن فاتورة الواردات المصرية تضخمت أولا بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية مثل الوقود والقمح التي يتم شراؤها بالدولار ، مما أدى إلى نقص العملات الأجنبية. وقال ديفيس إن “ذلك أجبر البنك المركزي المصري على تمرير سياسات للحفاظ على احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي ، بما في ذلك القيود المفروضة على الواردات ، مما أدى إلى ارتفاع التضخم”.

كما أدت الحرب إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في مصر، وفي فبراير، عدل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية توقعاته لنمو مصر هذا العام إلى 4.3٪، انخفاضا من توقعاته السابقة البالغة 5٪.

بالنسبة للكثيرين، بدأت المصاعب في عام 2016 عندما شرعت حكومة عبد الفتاح السيسي في برنامج إصلاح يهدف إلى عكس التشوهات طويلة الأمد في الاقتصاد المصري مقابل قروض من صندوق النقد الدولي، وأدخل البرنامج ضرائب جديدة وتضمن تخفيضات كبيرة في الدعم الحكومي للسلع الأساسية، وهي سياسة تعود إلى عقود.

وأشادت الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية بإجراءات التقشف، ومع ذلك، فقد جعلوا الحياة صعبة على المصريين العاديين، وألقى السيسي باللوم على الحرب في أوكرانيا في ارتفاع التضخم الأخير.

وقال في خطاب ألقاه مؤخرا “الظروف صعبة على العالم بأسره، هذه الأزمة ليست أزمتنا».

ولمساعدة الأسر الفقيرة والمتوسطة على مواجهة تداعيات هذه التدابير، عززت حكومة السيسي برامج الرعاية الاجتماعية، ورفعت رواتب موظفي الخدمة المدنية، وأرجأت التخفيضات في الخبز المدعوم وخطط لرفع أسعار الكهرباء.

كما أنشأت مئات الأسواق المملوكة للحكومة في جميع أنحاء البلاد والتي تبيع المواد الغذائية الأساسية بأسعار أرخص.

ثم لجأت حكومة السيسي إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض إنقاذ جديد العام الماضي، وهو الرابع في ست سنوات، والأمل هو أن تساعد الصفقة التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار في توليد 14 مليار دولار أخرى من شركاء مصر الدوليين والإقليميين، بما في ذلك دول الخليج الغنية.

لكن دول الخليج العربية تبدو مترددة بشكل متزايد في مساعدة مصر كما فعلت خلال العقد الماضي.

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في التجمع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، في يناير “نحن بحاجة إلى رؤية الإصلاحات. نحن نفرض ضرائب على شعبنا، ونتوقع أيضا من الآخرين أن يحذوا حذوهم، وأن يبذلوا جهودهم. نريد المساعدة، لكننا نريدك أيضا أن تقوم بدورك”.

وتعهدت حكومة السيسي بدعم الإصلاحات التي يوجهها صندوق النقد الدولي، بما في ذلك سعر الصرف العائم بحرية وتقليل قبضة الجيش القوية على الاقتصاد، وهو تنازل كبير.

وتبنت حكومة السيسي في ديسمبر مبادرة للخصخصة قائلة إنها ستنسحب من الصناعات التي لا تعتبر استراتيجية بحلول عام 2024 وتهدف السياسة إلى تعزيز مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65٪ بحلول عام 2025 من 30٪ في عام 2021.

ويواجه القادة انتقادات بسبب تعاملهم مع الاقتصاد ومشاريع البنية التحتية المكلفة، بما في ذلك مبنى رأسمالي جديد بقيمة 45 مليار دولار، ومشاريع أخرى وطرق سريعة، ولجأ الكثيرون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للشكوى، ودعا البعض الحكومة إلى التنحي.

وقال أحد أغنى أغنياء البلاد، رجل الأعمال الملياردير نجيب ساويرس، مؤخرا لصحيفة لبنانية إن “مصر بحاجة إلى إصلاح سياسي واقتصادي”.

دافعت حكومة السيسي مرارا وتكرارا عن مثل هذه المشاريع الضخمة باعتبارها ضرورية لتحسين الظروف المعيشية وخلق فرص عمل للسكان المتزايدين.

وقال إتش إيه هيلير، الخبير الجيوسياسي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية ومقره لندن، إن “الضغوط على الاقتصاد المصري ستكون مذهلة لأي حكومة”.

وقال “تم اتخاذ بعض الخطوات الجيدة، والسؤال هو ما إذا كانت هذه كافية لتغيير الأزمة الاقتصادية أم لا ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فما هي الخيارات الأخرى التي ترغب السلطات في التفكير فيها؟”

في غضون ذلك، يزداد يأس المصريين.

تجولت سميرة عبد الوهاب، وهي محاسبة تعمل في شركة الكهرباء الحكومية، من منصة إلى أخرى في سوق شارع المغربلين في حي الدرب الأحمر بالقاهرة، بحثا عن أرخص الأسعار.

وقالت الأم لثلاثة أطفال البالغة من العمر 37 عاما، “أخشى أن يكون الضرر غير قابل للإصلاح”.

 

 

https://www.independent.co.uk/news/world/americas/us-politics/egypt-ap-ukraine-russia-cairo-b2291772.html