رفض حماس هدنة مؤقتة دون وقف تام لإطلاق النار يضع نتنياهو على المقصلة

- ‎فيأخبار

مع انتصارات حماس الميدانية وإفشالها كل خطط إسرائيل التي سوقتها خلال إطلاق حربها على غزة، والتي تحولت لمجرد أحلام غير قابلة للتحقق، باتت إسرائيل الآن أكثر إلحاحا على هدنة مع حماس، التي تتمسك بشروطها ورؤيتها الشاملة لوقف الحرب وضمانات استمرار المساعدات وتخلي إسرائيل عن المسار العسكري وإعادة إعمار غزة، وحماية حقوق الفلسطينيين، فيما تراوغ إسرائيل للحصول على هدنة مؤقتة تحصل من خلالها على إراحة لجنودها التي أرهقتهم قذائف القسام وأكمنتهم، بجانب بعض الأسرى لإسكات الشارع الإسرائيلي الثائر على حكم نتنياهو المهزوم.

وفي هذا السياق، قالت وكالة رويترز: إن “مصر تسعى للتوسط في هدنة جديدة بغزة، تتخللها صفقة أخرى لتبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، وسط إصرار الحركة على عدم مناقشة أي أمر غير الإنهاء الكامل للهجوم الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني”.

 

تقدم بالمفاوضات

وأشارت إلى أن زيارة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس إلى القاهرة خلال الساعات الماضية، تشير إلى وصول الأمور إلى نقطة متقدمة، حيث تعد تلك الزيارة بمثابة تدخل شخصي نادر من هنية في الجهود الدبلوماسية، وهو أمر قام به في السابق فقط عندما بدا إحراز التقدم مرجحا.

وكانت آخر زيارة لهنية إلى مصر في أوائل نوفمبر الماضي، قبل الإعلان عن الهدنة الوحيدة في حرب غزة حتى الآن، واستمرت أسبوعا وشهدت إطلاق حماس سراح حوالي 110 أسرى إسرائيليين.

وتصف الولايات المتحدة المفاوضات الحالية بأنها جادة للغاية، بحسب ما قاله المتحدث بالبيت الأبيض جون كيربي، الأربعاء.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن: إنه “لا يتوقع التوصل إلى اتفاق ثان لإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحماس قريبا، لكنه صرح للصحفيين قائلا نمارس الضغوط”.

وقال مصدر مطلع على المفاوضات في القاهرة: إن “المبعوثين يركزون في مناقشاتهم على تحديد الأسرى الذين يمكن إطلاق سراحهم في حال إبرام هدنة جديدة وكذلك المحتجزين الفلسطينيين الذين قد تفرج إسرائيل عنهم في المقابل”.

وقالت حركة الجهاد الإسلامي، التي تحتجز أيضا أسرى إسرائيليين في غزة إن زعيمها سيزور مصر في الأيام المقبلة أيضا لبحث وضع حد للصراع.

وتنقل “رويترز” عن طاهر النونو المستشار الإعلامي لإسماعيل هنية، قوله: إن “حماس ليست مستعدة لمناقشة إطلاق سراح المزيد من الرهائن الإسرائيليين حتى تنهي إسرائيل حملتها العسكرية في غزة ويزيد حجم المساعدات الإنسانية للمدنيين”.

وصرح النونو في المقابلة بالقاهرة أن قضية الأسرى يمكن التفاوض حولها بعد هذين الأمرين، لا نستطيع الحديث عن مفاوضات في وقت تستمر فيه إسرائيل في عدوانها، مناقشة أي أطروحة تتعلق بالأسرى يجب أن تتم بعد وقف العدوان.

وأضاف: “قدم وفد الحركة شرحا مستفيضا للأوضاع الميدانية والسياسية والحاجات المطلوبة لتحسين الظروف الإنسانية وزيادة المساعدات للشعب الفلسطيني وإيصال هذه المساعدات لكافة مناطق القطاع في الشمال والجنوب”.

وترفض حماس أي وقف مؤقت آخر للحملة العسكرية الإسرائيلية وتقول إنها ستناقش فقط وقف إطلاق النار الدائم.

 

رقبة نتنياهو

ومع تمسك حماس بضرورة الوقف النهائي لإطلاق النار وليس هدنة مؤقتة، يضيق الخناق على رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو، الذي يريد شبه انتصار باستمرار الضربات الجوية على غزة وصولا لتحقيق اي تقدم، في ظل مخططاته التي باتت مجرد أحلاما واهية بحسب الصحافة الإسرائيلية نفسها، والتي باتت لا تكترث لما يسربه نتانياهو من وثائق حول مستقبل غزة، بلا سلطة فلسطينية ولا حماس ولا مقاومة، وهو ما لا يمكن تصوره في ظل الانتصارات التي تحققها حماس في مواجهاتها على الأرض مع القوات البرية، بينما يسعى نتانياهو لتسويق نصر بأي ثمن،  بمحاولة تحرير الأسرة الإسرائيليين، وهو ما تدركه حماس جيدا، وتتمسك بشروطها الكاملة، وعدم تكرار الهدنة التي أعطت نتنياهو بعض الرضا في الداخل الصهيوني.

 

تزايد الخلافات

ووفق أستاذ الدراسات الدولية في جامعة “صن يات سين” الصينية، شاهر الشاهر، تتزايد الخلافات بين الرئيس الأمريكي بايدن ونتانياهو، حول وقف الحرب في غزة وتشكيل حكومة صهيونية أكثر اعتدالا تقبل مبدأ حل الدولتين، مشيرا إلى أن هذا الحل أصبح الخيار الوحيد القادر على إنهاء الصراع التاريخي بين الفلسطينيين والإسرائيليين من المنظور الأمريكي.

وذكر الشاهر، في تحليل نشره بموقع “مودرن دبلوماسي”  أن الدعوة الأمريكية تأتي انطلاقا من الحرص على مصالح إسرائيل، خاصة أن بايدن كان أول رئيس أمريكي يزور إسرائيل وهي تخوض حربا ضد الفلسطينيين.

وأضاف أن الدعم الأمريكي الثابت لحكومة نتنياهو منذ بدء العدوان على غزة لم يكسب بايدن أي فوائد، إذ انتقد نتنياهو الولايات المتحدة، بسبب جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في ألمانيا واليابان ودول أخرى لتبرير الجرائم بحق الفلسطينيين.

 وإزاء ذلك، باتت الخلافات الأمريكية الإسرائيلية الآن في العلن، على الرغم من أن الكثيرين يدركون أنها كانت حاضرة طوال فترة رئاسة بايدن.

وهنا يشير الشاهر إلى أن علاقة بايدن بنتنياهو، ربما كانت الأسوأ بسبب سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرفة وإصراره على مواصلة الإصلاحات القضائية رغم الانتقادات الأمريكية، لأنها تشكل تحديا للنظام الديمقراطي في إسرائيل، معتبرا أن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل خلال حرب غزة لم يكن مصلحة أمريكية بقدر ما كان مصلحة انتخابية شخصية للرئيس بايدن وحزبه.

لكن ذلك كان مرتبطا بعامل الوقت، وضمان عدم توسع الحرب لتشمل دولا أخرى، وارتكز بالضرورة على قناعة بايدن بأهمية وجود إسرائيل كذراع للولايات المتحدة في المنطقة، تستخدمه لتنفيذ استراتيجيتها في الشرق الأوسط.

وارتكزت هذه الاستراتيجية على 3 عناصر، هي أمن النفط، وأمن الممرات المائية الدولية طرق التجارة، وأمن إسرائيل، والعنصر الأخير يراه الشاهر شيئا من الماضي بعد عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية والتهديد الذي تواجهه السفن التجارية الإسرائيلية من جانب جماعة أنصار الله اليمنية الحوثيين.

 

تهديد أمن النفط 

كما أن أمن النفط بات مهددا أيضا في أي لحظة، بسبب احتمال إغلاق الممرات البحرية، وهو ما يعني الفشل الذريع للاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط.

ويعني إنهاء الحرب هزيمة إسرائيل والدخول في مفاوضات مع حماس التي حددت شروطها بوضوح، وفي مقدمتها إطلاق سراح كافة الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح المستوطنين الإسرائيليين الكل مقابل الكل.

وستستلزم هزيمة إسرائيل محاسبة نتنياهو ومسؤولي حكومته، ما يجعل من غير المرجح أن يقبل نتنياهو الطلب الأمريكي بقبول حل الدولتين، وهو ما يثير احتمال حدوث مواجهة صامتة بين واشنطن وتل أبيب.