فرنسا توقف 4 مصريين متهمين بتهريب أكثر من 1600 شخص مقابل آلاف اليوروهات
في صفعة جديدة تفضح هشاشة الخطاب الرسمي الانقلابي فىي مصر حول "مكافحة الهجرة غير الشرعية"، أعلنت نيابة باريس، السبت الماضي، توقيف أربعة أشخاص من أصل مصري، في إطار تحقيقات حول شبكة دولية لتهريب المهاجرين انطلقت من مصر وعبرت فرنسا ودول شنغن وصولاً إلى الولايات المتحدة، وأكدت النيابة أن الشبكة ساعدت أكثر من 1600 شخص على الهجرة بطرق غير قانونية منذ فبراير/شباط 2023، في عمليات تُدرُّ عشرات الملايين من الجنيهات على المهربين، وتكشف زيف مزاعم السلطات المصرية.
التحقيق الفرنسي، الذي بدأ في مارس/آذار الماضي، أطاح بخمسة متهمين ولدوا جميعًا في مصر، ويُشتبه في تورطهم في تهريب البشر، التزوير، غسل الأموال، والتهرب الضريبي، وتراوحت أعمار المتهمين بين 24 و72 عامًا، فيما رجحت السلطات أن أحدهم كان يقود الشبكة، بينما توزعت الأدوار بين التهريب وغسل الأموال وبيع تذاكر سفر تحت غطاء "رحلات سياحية".
وتبلغ تكلفة عبور المهاجر من مصر إلى أوروبا حوالي 10 آلاف يورو، ومن أوروبا إلى أمريكا 6 آلاف يورو إضافية، وهو ما رفع إجمالي قيمة العمليات إلى أكثر من 900 ألف يورو خلال عام واحد فقط، بحسب النيابة الفرنسية.
السيسي في مأزق: خدع أوروبا بـ"فزاعة البحر" ليحصل على المليارات
يمثل هذا التطور تحديًا مباشرًا للمنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، الذي طالما قدّم نفسه لأوروبا كحائط صد ضد الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، واستغل هذا الدور لتحصيل مليارات الدولارات من المساعدات والمنح، خصوصًا من الاتحاد الأوروبي، لكن الكشف عن هذه الشبكة العابرة للقارات، والتي انطلقت من مصر، يقوّض هذا السرد الدعائي، ويطرح تساؤلات أوروبية جدية حول مدى جدية النظام المصري في مكافحة التهريب، لا سيما أن مثل هذه العمليات لا يمكن أن تتم دون شبكات داخلية نافذة تغضّ الطرف عنها أو تتورط فيها ضمنيًا.
وفي هذا السياق، يقول الخبير في سياسات الهجرة الدكتور فرانك شرايبر، من المركز الأوروبي للدراسات الأمنية، في تصريحات صحفية: "الاتحاد الأوروبي يدرك أن مصر تحوّلت من دولة عبور إلى دولة مصدر للمهاجرين، وهذه الشبكة دليل على أن الفساد والفقر والإحباط يدفعون الشباب إلى الهروب بأي ثمن، رغم المخاطر، الدعم الأوروبي للسيسي بات محل تساؤل داخل دوائر صنع القرار في بروكسل.".
أموال أوروبا بين مشاريع فاشلة وأرصدة في الخليج
ويرى معارضون مصريون في الخارج أن السيسي لم يستخدم الأموال الأوروبية لتحسين حياة المصريين أو خلق فرص عمل تقلل دوافع الهجرة، بل أهدرها على مشاريع استعراضية ضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، أو "ضخّها في جيوب المؤسسة العسكرية"، ويرى بعضهم، كما عبّر رجل الأعمال المصري المقيم في نيويورك، أنس الطحاوي، أن "هذه المليارات قد تُحوّل جزئياً إلى أرصدة شخصية في بنوك إماراتية، بعيدًا عن أعين الشعب والرقابة الدولية".
دعوات أوروبية لمراجعة الدعم المالي لمصر
تزايدت في الأشهر الأخيرة أصوات داخل البرلمان الأوروبي تطالب بربط المساعدات الأوروبية إلى مصر بإصلاحات حقيقية في مجال حقوق الإنسان والحوكمة ومحاربة الفساد، ويأتي الكشف عن هذه الشبكة ليعزز مواقف هؤلاء، ويضع صناع القرار الأوروبيين أمام معضلة: هل يواصلون تمويل نظام لا يضمن حتى الحد الأدنى من الالتزام بتعهداته في ملف الهجرة؟