الدعم السعودي لمصر تحول إلى استثمارات مشروطة .. ماذا وراء الاستقبال غير البروتوكولي للسيسى ب”نيوم”؟!

- ‎فيتقارير

3 ساعات فقط هى مدة زيارة المنقلب  السيسي  للسعودية حيث استقبله محمد بن سلمان بمطار نيوم بالمملكة ، وليس فى العاصمة الرياض ، وفقا للبروتوكول الدولى ، وبسبب توالي الحملات الإعلامية السعودية ضد السلطة في مصر شعر قطاع من المصريين بالاستياء من تصعيد إعلامي واللجان الإلكترونية المُوجهة ما زاد الاستياء مع الوقت، مع اتضاح أن الحملات دي كلها هدفها المساهمة في إعادة صياغة ميزان القوى الإقليمي عبر إظهار السعودية كقائدة للعالم العربي.

ولم تسع السلطات السعودية لعقاب أي إعلامي سعودي على هجومه ضد النظام المصري، ولا زالت القيادة السعودية حريصة على زخم الحملات والفاعلين فيها باعتبارها تمثل قوة ناعمة ولو سلبية، مفيدة للضغط وانتزاع مكاسب من مصر في الأوقات اللي مش بتفيد فيها الدبلوماسية الرسمية.

وعن لقاء "نيوم"، قال المتحدث الرسمي محمد الشناوي لرئاسة الانقلاب: إن "اللقاء الذي جرى بين عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان  شهد التأكيد على أهمية تعزيز الاستثمارات المشتركة"، و"على ضرورة الإسراع في تدشين مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي، باعتباره إطاراً شاملاً لتطوير العلاقات على كافة المستويات، والاتفاق على إطلاق المزيد من الشراكات في مجالات التكامل الصناعي، وتوطين الصناعات التكنولوجية، والنقل، والطاقة الجديدة والمتجددة، والتطوير".

وحضر اللقاء من الجانب المصري، وزير الخارجية بدر عبد العاطي، ورئيس المخابرات العامة اللواء حسن رشاد، ومن الجانب السعودي، فيصل بن فرحان وزير الخارجية، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان.

وقال مراقبون: إن "لقاء السيسي بمحمد بن سلمان، مخطط ومبرمج، لكن ليس بإرادتهما، (حيث اتضح خلال الخلاف الأخير مدى البغض الذي يكنونه لبعضهما) بل بتدبير الطرف الذي نصبَهما حاكمين، لتخفيف الضغوطات، في سياق يحمل في طياته الاستهزاء بالرأي العام، ما يجري تحت الطاولة ليس كما يظهر على السطح".

وأضاف آخرون إنه يوجد شيء غامض في علاقة مصر السيسي والسعودية ابن سلمان، حيث يتضح فيه الجوانب السلبية وإن كانت الدولتين على المستوى الرسمي تحرصان في اللقاءات مثل لقاء نيوم، على إظهار الود والاحترام المتبادل..

وبناءً على تقارير حديثة، يعد الخلاف المحتمل بين السيسي وابن سلمان مرتبطا بتوقف الدعم المالي السعودي المباشر لمصر، وتحوله إلى استثمارات مشروطة، إضافة إلى تأخير نقل جزر تيران وصنافير، واختلافات إقليمية مثل اليمن والزعامة العربية، الزيارة اليوم في نيوم تبدو لتعزيز العلاقات ومناقشة قضايا مثل غزة، مصادر متنوعة تشير إلى ذلك، لكن التفاصيل الدقيقة غير معلنة رسميًا بحسب "جروك".

وعاد التوتر بين النظامين المصري والسعودي بعد إعلان القاهرة صفقة غاز مع إسرائيل بـ35 مليار دولار، ما أثار هجمات إلكترونية متبادلة وانتقادات سعودية.

وتصاعد الخلاف بين عبد الفتاح السيسي ومحمد بن سلمان، وسط حملات إعلامية تحدثت عن نهاية حكم السيسي ودعوات لانقلاب داخل عصابة الحكم.

وجاءت زيارة السيسي للسعودية بدعوة من ولي العهد محمد بن سلمان، لمناقشة التطورات الإقليمية مثل الوضع في غزة، أمن البحر الأحمر، والأزمات في لبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية، بحسب المعلن.

وفي 17 يوليو الماضي، زار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مصر بعد أحداث سوريا الأخيرة في مدينة العلمين، وذلك بعد أكثر من 12 شهرا من القطيعة وبسب نائل شافعي في يوليو 2024 كان يتحدث عن طول فترة الخلاف وقال@nayelshafei: "القطيعة بين السيسي ومحمد بن سلمان طالت وكلما التقيا استفحلت، مما يدفع كثيرين للتساؤل عن سبب الخلاف، لأنه كلما طال أمده تزايد الشك بأن الخلاف ليس شخصياً، هذا فيديو من قناة محسوبة على المخابرات المصرية، أرجو ألا يتم مشروع رأس جميلة، لأنه يساهم في تدويل مضيق تيران وتسليمه للجارة.".

إلا أنه في 2016 وبعد وقت قصير من توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وقرار النظام المصري التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين، انطلقت حملات إعلامية سعودية تنتقد النظام المصري، وتتهمه بالتباطؤ في التسليم.

وفي 2018 هاجم محللون سعوديون وحسابات مؤثرة دور مصر في تحالف الرياض (المهاجم لليمن) لمحاولة إحراج القاهرة في ظل تحفظ مصر عن المشاركة في ضرب اليمن.

وفي 2022 ومع انطلاق الأزمة الاقتصادية تصاعدت الانتقادات السعودية بشكل مفاجئ، بل وطال الهجوم القوات المسلحة المصرية ودورها الاقتصادي، مع تلميح لـ"فساد الجيش" وتشكيك في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي، ومعايرة بالدعم الخليجي بعد 2013 باعتباره جميل غير مردود!

وفي المقابل السلطة في مصر حريصة على تقييد النقد الإعلامي للسعودية أو مكانتها ودورها، وظهر بوضوح بعد حذف مقال  عبد الرازق توفيق رئيس تحرير الجمهورية في 2023، هاجم فيه المملكة، بشكل جعل الصحفيين يفكرون مرات قبل انتقاد المملكة.

 

وفي فبراير 2025 مع بيان تضامن الخارجية المصرية مع السعودية في مواجهة تصريحات نتنياهو ضد الرياض، وانطلاق حسابات مؤثرة تصف البيان بأنه للاستهلاك المحلي، كان واضحا أنه تقليل للدور المصري الإقليمي بهدف التمهيد لإبراز الدور السعودي وتلميعه.

وفي مايو 2025 تصاعد التراشق الإعلامي بين القاهرة والرياض بعد نشر موقع مدى مصر تقرير عن سعي السعودية لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية على جزر تيران وصنافير، وكان مفهوم أن تصعيد الإعلام السعودي مرتبط بتعثر تسليم الجزيرتين.

وقال ناشطون: إن "السعودية بعد مراجعتها المالية نما إلى علم السلطات في الرياض أن عبد الفتاح السيسي قنص المساعدات السعودية لجيبه وحولها في حسابات خارجية وقفلت عليك حنفية المساعدات وسلط اللجان تشتم في السعودية ومحمد بن سلمان".

وتحصل اللجان الإعلامية والإلكترونية في البلدين كالعادة، على إجازة إبان الزيارات، ولا يبقى أمامهم إلا التمايز بمن رضخ وقدم للجانب الآخر، وهو ما لن يدوم طويلا وستتضح نتيجة اللقاء الذي غاب عنه البروتوكول باستقبال خارج العاصمة وبلا "كرافت" قريبا بحسب مراقبين.

حملات السوشيال استمرت مع تركيز على اتهام مصر بعدم القيام بدور حقيقي لوقف حرب غزة، وعلى الرغم من التقصير المصري الواضح للعيان إلا أن الحملة من جانب آخر هدفها تبرئة التخاذل السعودي في قضية غزة بما في ذلك عدم الطلب من ترامب وقف الحرب خلال زيارته للرياض في مايو الماضي اللي حصل فيها على وعود باستثمار مئات المليارات من الدولارات في أمريكا.

هل تحدثوا عن حلحلة بغزة؟

ولا يبدو أن أحدا من طرفي لقاء نيوم السيسي وابن سلمان تناول ملف غزة، فلكل منهما ملاكمة نقاط لصالح الإدارة الأمريكية في إجبار غزة على الرضوخ للإدارة الامريكية التي تسعى لمكافأة الطرف الذي يقدم نجاحات أكثر في المستهدفات من موقعيهما ففي مايو الماضي استقبل السيسي في القاهرة، مستشار ترامب للشؤون العربية والشرق أوسطية والأفريقية، مسعد بولس، "لكنّ الزيارة لم تحمل أيّ دلالات جوهرية على وجود انفراجة في غزة، خصوصاً مع نقل المفاوضات بشكل شبه كامل إلى الدوحة، الأمر الذي لم يكن ليزعج القاهرة سابقاً، لكنه بدأ يثير تساؤلات حول عدم رغبة "الإسرائيليين" في القدوم إلى مصر"، بحسب تقرير للأخبار اللبنانية.

وقال تقرير الصحيفة اللبنانية: إن "السيسي ونظامه يستشعر، خطراً من جرّاء التقارب الخليجي – الأميركي بهذه الصورة، كونه يعتقد بأنه سيضرّ بالأمن القومي المصري والعربي، ليس فحسب بسبب مسارات التطبيع، ولكن أيضاً على خلفية محاولات تحييد سوريا وجعْلها دولة غير مسلحة في مقابل الاعتراف بشرعية قيادتها، إلى جانب العمل على تعزيز الانقسام الفلسطيني".