سوابق الاعتراض الأمريكي قد تؤجله من جديد .. تحالف البحر الأحمر المصري السعودي في الثلاجة من5 سنوات

- ‎فيتقارير

تم توقيع اتفاق بين مصر والسعودية لإنشاء قوات بحرية مشتركة جاء ذلك خلال زيارة رئيس أركان القوات البحرية الملكية السعودية والوفد المرافق له إلي الإسكندرية ومقابلة رئيس القوات البحرية المصري.

وتتجه مصر والسعودية نحو تعزيز التعاون العسكري بينهما، خاصة في المجال البحري، بهدف إنشاء قوة بحرية مشتركة. يأتي هذا التوجه في إطار "مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر" الذي تأسس في الرياض عام 2020، ويضم في عضويته سبع دول هي: مصر، والسعودية، والأردن، واليمن، وجيبوتي، وإريتريا، والصومال.

وهناك سوابق غير مباشرة لاعتراض أمريكي على ترتيبات أمنية في البحر الأحمر، خصوصًا عندما تكون خارج مظلة النفوذ الغربي أو تهدد التوازنات الاستراتيجية.

وأبرز ملامح الاعتراض الأمريكي السابق:

1. التحفظ على التحالفات الإقليمية المستقلة

الولايات المتحدة لم تعترض علنًا على التحالف المصري السعودي، لكنها تُفضل أن تكون أي ترتيبات أمنية في البحر الأحمر تحت قيادتها أو بالتنسيق معها.

بحسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فإن واشنطن تعتبر البحر الأحمر جزءًا من مناطق نفوذها الحيوية، ولا تسمح لقوى إقليمية أو دولية بتهديد حرية الملاحة فيه.

 

2. التحرك الأمريكي المضاد

في ديسمبر 2023، أعلنت واشنطن تشكيل تحالف دولي باسم "حارس الازدهار" لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، كرد فعل على تصاعد الهجمات الحوثية.

هذا التحالف ضم أكثر من 20 دولة، ويعمل تحت مظلة القوات البحرية المشتركة، ما يعكس رغبة أمريكية في احتواء أي ترتيبات أمنية خارج سيطرتها.

 

3. القلق من النفوذ الصيني والروسي

الولايات المتحدة أعربت عن قلقها من التدريبات البحرية المشتركة بين إيران وروسيا والصين في خليج عمان، التي اعتبرتها محاولة لتقويض النفوذ الغربي في البحر الأحمر.

 

وهذا القلق يُسقط على أي تحالف إقليمي قد يُفسر بأنه محاولة للابتعاد عن واشنطن أو خلق توازن جديد.
والاعتراض الأمريكي غالبًا ما يكون سياسيًا واستراتيجيًا وليس علنيًا، ويظهر في شكل تحركات مضادة أو ضغوط دبلوماسية. أمريكا لا تمانع التعاون، لكنها تتحفظ على أي ترتيبات قد تُضعف دورها أو تُهدد مصالح إسرائيل في المنطقة.

​أهداف القوة البحرية المشتركة

​الهدف الرئيسي من هذه القوة لم ينبع في لقاء السيسي وبن سلمان الأخير الذي جاء بعد انقطاع لشهور من اللقاءات المصرية السعودية على هذا المستوى: هو تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأحمر، وحماية الممرات المائية الحيوية، وخاصة:

​تأمين الملاحة وحركة التجارة: تهدف القوة إلى تأمين حرية الملاحة وحماية حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر، وهو أحد أهم الممرات المائية في العالم.

​مواجهة التهديدات الإقليمية: تأتي هذه الخطوة لمواجهة التهديدات المتزايدة على الممرات البحرية، خصوصاً الهجمات التي تستهدف السفن المدنية والعسكرية، التي كان لها تأثير سلبي على حركة التجارة العالمية.

​تعزيز الجاهزية القتالية: من خلال التدريبات والمناورات المشتركة، مثل "مرجان" و"رعد الشمال" و"تبوك"، حيث تسعى القوات البحرية للبلدين إلى رفع مستوى الاستعداد القتالي والجاهزية، وتبادل الخبرات في نظم التسليح البحري.

والأسبوع المنصرم التقى قائد القوات البحرية المصرية اللواء محمود عادل فوزي، رئيس أركان القوات البحرية الملكية السعودية، الفريق الركن محمـد بن عبدالرحمن الغريبي، بمقر قيادة القوات البحرية المصرية، بالإسكندرية.

و”مجلس الدول المشاطئة للبحر الأحمر”، الذي تأسس في 6 يناير 2020، يهدف لتأمين الملاحة البحرية ومكافحة القرصنة، والتهديدات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والبشر، والتنسيق الأمني وتبادل المعلومات.

وتأتي المشاورات المصرية السعودية لتشكيل مثل تلك القوة البحرية بالبحر الأحمر، بالتزامن مع التدريب (المصري – الأمريكي) المشترك “النجم الساطع 2025” بقاعدة “محـمد نجيب” العسكرية (شمال غرب) حتى الـ 10 من سبتمبر الحالي، بمشاركة 44 دولة، منها السعودية.

والحديث عن تشكيل تلك القوة وتسيير دوريات بحرية مشتركة بالبحر الأحمر في هذا التوقيت وبعد 4 أعوام ونصف العام من تشكيل “المجلس”، في ظل عدة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية أمام القاهرة والرياض، ووسط استمرار الإبادة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

ويقابل تحرك القاهرة عسكريا بالبحر الأحمر، رغبة إثيوبيا (الدولة الأفريقية الحبيسة) بالوصول إلى مياه البحر الأحمر عبر ميناء في إقليم “صوماليلاند” –غير معترف به دوليا- على خليج عدن وقبل المدخل الجنوبي لمضيق باب المندب، وسط رفض مصري متزامن مع تأزم ملف مياه النيل بين القاهرة وأديس أبابا.

والتحرك العسكري البحري المصري السعودي بالبحر الأحمر مرصود من نسبة كبيرة من التجارة العالمية وتجارة النفط والغاز، في ظل سيطرة قوات “الحوثي” في اليمن، على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ما يزعج الرياض التي شنت حربا موسعة إلى جانب تحالف عربي يضم الإمارات على الحوثيين في مارس 2015.

ومن بين أهداف التحالف، غير المعلن مواجهة التأثير العسكري للحوثي بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ودوره في دعم المقاومة الفلسطينية بمنع مرور السفن الإسرائيلية والأمريكية من المرور إلى ميناء إيلات، على حركة مرور السفن بقناة السويس، التي انخفضت بنسبة 40 بالمئة بإجمالي خسائر مصرية بلغت 6 مليارات دولار العام الماضي.

وتساءل مراقبون: “لأجل ماذا، ولمواجهة من، يجري تشكيل قوة بحرية مصرية سعودية بالبحر الأحمر؟، وهل يتوافق الأمر مع رغبات وأهداف وخطط إسرائيل وأمريكا وحلفائهما من العرب بإقليم الشرق الأوسط؟، وهل تزيد تلك القوة من حدة الصراع بالبحر الأحمر، وتتسبب في صدام مصري سعودي مع الحوثي وإيران، وتُغضب إثيوبيا؟”.

حذر صهيوني

مجلة Epoch الصهيونية قالت إن تطور أمني لافت في البحر الأحمر، يتمثل في مفاوضات جارية بين مصر والسعودية لتأسيس قوة بحرية مشتركة تحت مظلة مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر، أو ما يُعرف بـ”مجلس البحر الأحمر”.

وأضاف تقرير المجلة أن القوة المزمع تشكيلها ستكون معنية بتأمين حرية الملاحة وحماية طرق التجارة في واحد من أهم الممرات البحرية العالمية، الذي يشهد اضطرابات متكررة جراء الهجمات الحوثية على السفن المدنية والعسكرية. ويضم مجلس البحر الأحمر، الذي تأسس في الرياض عام 2020، سبع دول هي مصر والسعودية والأردن واليمن وجيبوتي وإريتريا والصومال.

وألمح التقرير إلى أن هذا التوجه الأمني يسير بالتوازي مع تفاهمات سياسية متقدمة بين القاهرة والرياض، تقوم على تبادل الدعم في المناصب الإقليمية، إذ وعدت مصر بدعم ترشيح عادل الجبير للأمانة العامة لمجلس البحر الأحمر، مقابل دعم السعودية لمرشحها نبيل فهمي لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد انتهاء ولاية أحمد أبو الغيط في مايو 2026.

 

ورأت المجلة أن هذه التفاهمات تمثل خطوة نحو تعميق التحالف الاستراتيجي بين القاهرة والرياض وتكريس نفوذهما المشترك في البحر الأحمر، الذي تزداد أهميته كممر تجاري بديل لقناة السويس في أوقات الأزمات، فضلاً عن موقعه الجيوسياسي الحساس.
وعبرت المجلة عن قلق "إسرائيلي" من هذه التطورات، خاصة أن أي تعاون مصري سعودي في المجال الأمني قد يغير موازين القوى في المنطقة، ويؤثر مباشرة على حرية الوصول إلى خليج العقبة، الشريان البحري الوحيد لإسرائيل نحو ميناء إيلات ومصدر رئيسي لواردات الطاقة والتجارة.

ورأت أن تعميق التعاون العربي والإفريقي في البحر الأحمر قد يحد من النفوذ الأمريكي والغربي هناك، ويعزز استقلالية القرار الإقليمي في ظل مساعٍ لتأسيس تحالفات أمنية محلية بعيدة عن الوصاية الخارجية. ويأتي كل ذلك في سياق تقارب استراتيجي متسارع بين مصر والسعودية يشمل ملفات اقتصادية واستثمارية وأمنية، حيث تمثل الرياض أحد أبرز الممولين للاستثمارات في القاهرة، فيما تضطلع الأخيرة بدور محوري في حماية الأمن الإقليمي ومواجهة التحديات المشتركة، من الإرهاب إلى النفوذ الإيراني.

 

لكن ما يلفت الانتباه، بحسب التقرير، أن هذه التفاهمات الأمنية تأتي متوازية مع تفاهمات سياسية رفيعة المستوى بين القاهرة والرياض. فمصر، وفق ما كشفته المجلة، التزمت بدعم ترشيح وزير الخارجية السعودي الأسبق عادل الجبير لتولي منصب الأمين العام لمجلس البحر الأحمر، في حين ستدعم الرياض المرشح المصري الدكتور نبيل فهمي لتولي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفاً لأحمد أبو الغيط مع انتهاء ولايته في مايو 2026