مع عجزها عن سداد فوائد وأقساط الديون بعد وصول الديون الخارجية إلى ما يقارب الـ 160 مليار دولار ومع رفض مؤسسات التمويل الدولية منح عصابة العسكر المزيد من القروض لجأت حكومة الانقلاب إلى بيع الأصول العامة وممتلكات وثروات الشعب المصرى بضغوط من صندوق النقد الدولى ما يشير إلى أنه خلال سنوات قليلة سيتم بيع هذه الأصول وستحرم البلاد من عوائدها وهنا لن يكون أمام هذه العصابة إلا إعلان الإفلاس
يشار إلى أن حكومة الانقلاب مطالبة بسداد خدمة دين بقيمة 46.6 مليار دولار خلال العام المالي الحالي، و45 مليار دولار خلال العام المالي المقبل.
ومع تفاقم أزمة الدين الخارجي، تسعى حكومة الانقلاب لجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 42 مليار دولار خلال العام المالي الحالي، بوسائل بينها طرح الأصول العامة والأراضي الاستراتيجية، أمام مستثمرين استراتيجيين، وصناديق خليجية كانت الأكثر استحواذا على تلك الأصول والأراضي.
كما تخطط حكومة الانقلاب لبيع الأراضي الاستراتيجية شرق، وغرب، ووسط القاهرة، وحول نهر النيل، وبالساحل الشمالي الغربي، وطرح أجمل شواطئ وأراضي ساحل البحر الأحمر على مستثمرين استراتيجيين.
وفي هذا السياق أعلنت عن تشكيل لجنة لحصر ومراجعة الأراضي المطلة على ساحل البحر الأحمر (1941 كم)، تمهيدا لوضع ضوابط استثمارية جديدة بهدف تعظيم العائد منها.
تأتي هذه الخطوة بالتوازي مع خطط انقلابية لتجهيز مناطق جديدة مطلة على البحر الأحمر لطرحها على المستثمرين كمشروعات سياحية وعقارية، على غرار مشروع "رأس الحكمة" بساحل البحر المتوسط.
كان رجل الأعمال نجيب ساويرس، قد قال عبر منصة "إكس"، إن سداد الديون الخارجية، هي العقبة الوحيدة، زاعما أن حلها سهل، بأن تطرح دولة العسكر الأراضي المتبقية في الساحل الشمالي والبحر الأحمر بالدولار للمصريين والأجانب .
الأموال الأجنبية
فى هذا السياق شدد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بكلية "أوكلاند" الأمريكية على الأهمية الاقتصادية والاستثمارية والسياحية لسواحل البحر الأحمر محذرا من مخاطر استحواذ الأجانب على سواحل البحر المتوسط والأحمر.
وقال شاهين فى تصريحات صحفية إن خروج الاقتصاد المصري من أزماته لن يكون بالبيع والتفريط في أصول البلاد، وأهم أراضيها وسواحلها .
وأوضح أن الأمر الآن لا يتعلق فقط بالأهمية الاقتصادية والاستثمارية والسياحية للمنطقة الواعدة؛ لكن القضية أكبر بكثير وتتعلق بحضور الأجانب بينما كان يمكن للمستثمرين المصريين القيام بمثل هذه المشروعات والأنشطة خاصة وأن الكثير منهم أقام مشروعات مماثلة ولديهم سابق خبرات .
وأكد شاهين أن تملك الأجانب في مثل هذه المشروعات تضييع لموارد البلاد، وثانيا: سيتم تحويل وضخ كمية هائلة من الصرف الأجنبي خارج السوق المصرفي المحلي، وثالثا: سيُحدث ذلك ضغطا على العملة المحلية، ورابعا: سترتفع قيمة الدولار، وخامسا: سيكون هناك نفوذ شديد جدا لرؤس الأموال الأجنبية داخل مصر .
ولفت إلى هذا التوجه الحكومي تكرر بشكل مؤسف، وتاريخيا هناك من الزعماء المصريين من حاربه، ومنهم الاقتصادي الشهير طلعت حرب باشا (1867- 1941)، مؤسس بنك مصر، والرائد في الصناعة الوطنية .
إصلاحات هيكلية
وأكد الخبير الاقتصادي، الدكتور الحسين حسان، أن بيع الأصول يمكن أن يوفر تدفقًا نقديًا سريعًا، بالعملة الأجنبية، ما يسهم في سداد جزء من الديون وتقليص فجوة التمويل، مشددا على أن هذا التدفق سيكون مؤقتًا ما لم يُستكمل بإصلاحات هيكلية شاملة، تشمل تعزيز المنافسة، وتفعيل الحوكمة، ووضع سياسة صناعية فعالة.
وقال «حسان» فى تصريحات صحفية إن البيع يحقق إيرادًا لمرة واحدة فقط، وسرعان ما يتلاشى أثره ما لم يصاحبه إصلاحات مؤسسية حقيقية، مشيرًا إلى أن هذا ما تؤكده أيضًا برامج التعاون بين حكومة الانقلاب وصندوق النقد الدولي، التي تركز على تقليص دور دولة العسكر وتسريع برنامج التخارج الاقتصادي.
وأوضح أن الأثر الإيجابي طويل الأجل لا يتحقق بمجرد البيع، وإنما عندما يكون هناك تنظيم قوي للسوق ومنافسة عادلة تسهم في رفع الكفاءة الإنتاجية، محذرًا من أن البيع تحت الضغط -سواء بسبب تعويم العملة أو أسعار متدنية أو في قطاعات احتكارية- غالبًا ما يكون حلًا مؤقتًا ذا أثر سلبي لاحق.
وأكد أن بيع الأصول لا يجب أن يُستخدم لتمويل مشروعات جديدة أو إنفاق جاري، بل يجب أن تُوجه حصيلته لتقليل الدين العام وخفض خدمة الفوائد، معتبرًا أن هذه هي الأولوية القصوى في الوقت الراهن.
وحول التجارب السابقة في مصر، أشار «حسان» إلى أن موجة الخصخصة في التسعينات حققت نجاحات محدودة، وكانت محاطة بملفات قانونية وتعقيدات وشبهات تعاقدية، لافتًا إلى نموذج شركة عمر أفندي كنموذج بارز لـ"الخصخصة المتعثرة".
وأوضح أن الدرس المستفاد من تلك التجارب هو أن الشفافية والتقييم العادل وتفادي البيع في بيئات احتكارية، هي مفاتيح رئيسية لأي عملية ناجحة، مشيرًا إلى أن غياب هذه العوامل يؤدي إلى تراجع المكاسب وظهور مطالبات بإعادة النظر في كثير من الملفات.
وأضاف «حسان» أن التأثير المحتمل لبيع الأصول في المدى القصير قد يكون إيجابيًا في تخفيف ضغط العملة وتحسين موقف السيولة، خاصة إذا تمت عمليات البيع بالدولار، مثل بعض الأراضي الساحلية في رأس الحكمة، لكن هذا لا يُغني عن الإصلاح المؤسسي طويل الأمد.
مسكن مؤقت
وقدّم مجموعة من التوصيات لضمان أن يتحول بيع الأصول من مسكن مؤقت إلى علاج دائم، من بينها: استخدام حصيلة البيع في سداد الديون وخفض خدمة الفوائد لا لتمويل الإنفاق الجاري، وإجراء عمليات البيع وفق خريطة واضحة ، تكون ملزمة بقانون وجدول زمني ، مع تقارير متابعة دورية، وتعزيز الشفافية والتقييم العادل من خلال طروحات عامة ومزايدات تنافسية وإفصاح كامل للمستثمرين والرأي العام، وتوفير حماية اجتماعية للعمال من خلال إعادة التأهيل والتعويضات المناسبة لتقليل التكلفة الاجتماعية للتحول، وتقوية دور أجهزة المنافسة والرقابة لضمان عدم تحول الأصول المبيعة إلى بؤر احتكارية تؤثر سلبًا على السوق والمستهلك.
واوضح حسان أن بيع أراضٍ ساحلية بالدولار، مثل تلك الواقعة على شواطئ البحر الأحمر أو الساحل الشمالي، يمكن أن يسهم في توفير عملة صعبة وتخفيف عبء الدين، لكن نجاح هذه الخطوة يتوقف على التقييم العادل، والشفافية، والتكامل مع إصلاح مؤسسي حقيقي، وليس كبديل عنه.