كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أن حكومة الانقلاب تخالف القوانين والدستور باعتقال الصحفيين مؤكدة أن عدد الصحفيين والإعلاميين المحبوسين احتياطيًا أو قيد المحاكمة من جانب حكومة الانقلاب بلغ نحو 26 صحفيًا خلال شهر سبتمبر 2025.
ورصدت المفوضية في تقريرها لشهر سبتمبر الماضي، استمرار صدور قرارات قضائية بتجديد حبس الصحفيين على ذمة قضايا أمن دولة، وتواصل محاكمتهم على خلفية ممارستهم لعملهم الصحفي أو آرائهم المنشورة على السوشيال ميديا.
وأشارت إلى أن سبتمبر شهد تجديدات حبس متكررة ومحاكمات مطولة، في قضايا ذات طابع سياسي، تتضمن اتهامات فنكوشية مثل الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، مؤكدة أن الاحتجاز والاعتقال المطوّل دون محاكمة عادلة أصبح سمة أساسية في تعامل سلطات الانقلاب مع الصحفيين، وهو ما يتعارض مع الضمانات الدستورية لحرية الصحافة والإعلام .
إسماعيل الإسكندراني
وحسب المفوضية، شهد سبتمبر تجديد حبس أربعة صحفيين على الأقل، بينهم خالد ممدوح، وسيد صابر، وأحمد بيومي، ومصطفى الخطيب، فيما صدر قرار وحيد بإخلاء سبيل الصحفية دنيا سمير، كما تم اعتقال الباحث والصحفي الاستقصائي إسماعيل الإسكندراني.
وأكد التقرير أن أجهزة أمن الانقلاب ألقت القبض على إسماعيل الإسكندراني في كمين قرب مدينة مرسى مطروح، وقررت نيابة أمن دولة العسكر حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية رقم 6469 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، بتهم إذاعة أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية واستخدام موقع إلكتروني للترويج لأفكار متطرفة .
ولفت إلى أن اعتقال الإسكندراني يأتي بعد أقل من عامين على الإفراج عنه في ديسمبر 2022 عقب قضائه سبع سنوات في السجن على خلفية قضية سابقة تعود إلى عام 2015.
وذكر التقرير أن من بين المحبوسين احتياطيًا رسام الكاريكاتير أشرف عمر، الذي ألقي القبض عليه من منزله يوم 22 يوليو 2024، عقب اقتحام قوة من أمن الانقلاب بلباس مدني مقر سكنه، واقتياده مكبلًا ومعصوب العينين إلى جهة غير معلومة، وأخفته قسريًا، حتى ظهوره بعد يومين أمام نيابة أمن الدولة، التي قررت حبسه وقتها 15 يومًا، بعد تحقيق دام 6 ساعات، وما زال قيد الحبس الاحتياطي حتى الآن.
قوانين مقيدة للحريات
وأكدت المفوضية أن النصوص الدستورية التي تكفل حرية الصحافة والإعلام لا تجد طريقها إلى التطبيق العملي، فى زمن الانقلاب مشيرة إلى أن هناك "ترسانة قوانين مقيدة للحريات" تعرقل ممارسة الصحفيين لعملهم، وتحول دون تفعيل مبدأ تداول المعلومات، مع استمرار وجود مواد في قانون العقوبات تفرض عقوبات سالبة للحرية على الصحفيين، إلى جانب غياب قانون واضح للإفصاح عن المعلومات .
وأشارت إلى أن المادة 70 من الدستور تضمن حرية الصحافة وحق الأفراد في إصدار الصحف ووسائل الإعلام، إلا أن القانون رقم 180 لسنة 2018 الخاص بتنظيم الإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قيّد هذه الحقوق الدستورية. وتنص المادة السادسة من القانون على أنه "لا يجوز تأسيس أو إدارة مواقع إلكترونية داخل مصر، أو فروعًا لمواقع تعمل من الخارج، إلا بعد الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى للإعلام".
وندد التقرير باستمرار سلطات الانقلاب في حجب ومراقبة مواقع إلكترونية مصرية وعربية، في ظل استخدام المادة 188 من قانون العقوبات لتوجيه اتهامات "نشر أخبار كاذبة" و"تكدير السلم العام" إلى صحفيين، بينما تتعرض مواقع صحفية مستقلة للحجب منذ عام 2017.
حجب المواقع
وأكد أن المجلس الأعلى للإعلام يمتلك سلطة حجب المواقع والمدونات والحسابات الإلكترونية بموجب قانون تنظيم الصحافة والإعلام، ليصبح الجهة الثالثة التي تملك سلطة الحجب إلى جانب جهات التحقيق والتحري المنصوص عليها في قانون جرائم تقنية المعلومات.
وشدد التقرير على أن هذه الإجراءات تتعارض مع نص المادة 71 من الدستور، التي تحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، كما تحظر توقيع عقوبات سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية .