حذرت شركات الحديد والصلب من تداعيات الرسوم التي فرضتها حكومة الانقلاب على واردات خام البليت -أحد أهم مدخلات إنتاج الحديد-،مؤكدة أن هذه الرسوم سوف تؤدي إلى ارتفاع أسعار حديد التسليح بنسبة تصل إلى 12% .
وقالت الشركات: إن “ارتفاع أسعار الحديد ستنعكس مباشرة على أسعار العقارات، ما يهدد قطاع التشييد والبناء بالركود”.
يشار إلى أن قطاع الحديد والصلب يضم ، نحو 25 مصنعًا، من بينها 3 مصانع متكاملة لديها القدرة على إنتاج البليت محليًا، ويبلغ حجم الإنتاج المحلي حوالي 8.03 مليون طن سنويًا، بينما صدرت تراخيص جديدة لإنتاج 3.07 مليون طن لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
تقلبات حادة
كانت حكومة الانقلاب قد قررت رفع الرسوم المفروضة على واردات خام البليت ، ما أثار جدلًا واسعًا بين أصحاب مصانع الحديد، خاصة أنه يأتي في توقيت يشهد فيه السوق تقلبات حادة في الأسعار العالمية.
في هذا السياق فرضت وزارة الاستثمار بحكومة الانقلاب رسوما وقائية مؤقتة على واردات الصلب المدرفلة على الساخن لمدة 200 يوم بنسبة 13.6%، وبما لا يقل عن 3673 جنيهًا للطن، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 16.2% على واردات مصر من البليت، بما لا يقل عن 4613 جنيهًا للطن.
وزعمت حكومة الانقلاب أن القرار يستهدف حماية المنتج المحلي وتشجيع التصنيع الكامل داخل البلاد، وتنظيم سوق الحديد، فيما حذّر مصنعون من ارتفاع الرسوم لما سيترتب عليه من زيادة في تكاليف الإنتاج، حيث سينعكس في النهاية على أسعار الحديد في السوق، وهو ما يتناقض مع مساعي حكومة الانقلاب بالتعاون مع المنتجين والتجار لخفض الأسعار.
استغاثة عاجلة
ووجهت شركات الحديد المتخصصة في الدرفلة، وفي مقدمتها العشري للصلب، الجيوشي للصلب، الجارحي للصلب وعتاقة، ومجموعة عز، استغاثة عاجلة إلى مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الانقلاب، لمطالبته بالتدخل السريع وإعادة النظر في قرار وزير استثمار الانقلاب الخاص بفرض تدابير وقائية على واردات خام البليت.
إغلاق المصانع
في هذا السياق، كشفت مصادر بشعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، -رفضت ذكر اسمها- إن جميع مصانع الحديد رفعت الأسعار بخلاف حديد عز وبشاي تم تثبيت أسعارهم بداية شهر أكتوبر الجاري؛ نتيجة رفع الرسوم على خام البليت.
وأكدت المصادر أن أسعار الحديد خلال الفترة الماضية، قفزت من 32 ألف جنيه؛ لتصل إلى 37 ألف جنيه حاليًا، متوقعة استمرار الزيادة حتى تتخطى الـ 40 ألف جنيه للطن، وهو ما يؤدي إلى زيادة معدلات الركود في الأسواق.
وأشارت إلى أنه رغم ارتفاع أسعار الحديد؛ نتيجة زيادة تكليف الإنتاج بعد رفع رسوم خام البليت، إلا أن المصانع تبيع بالخسارة ولا تستطيع مواكبة زيادات في الإنتاج ما يهدد وجودها في السوق، مؤكدة أن المصانع لجأت إلى وقف حركة البيع والشراء.
وقالت المصادر: “بالنسبة للتجار، كان القرار تأثيره سلبي على السوق، حيث إنهم لا يتحملون أي زيادة جديدة في الأسعار وهو ما يزيد الركود في قطاع التشييد والبناء، مؤكدا أن جميع مصانع الحديد تتجه إلى رفع الأسعار بنسبة كبيرة؛ لأن مصانع درفلة أو نصف متكاملة، أو متكاملة، تعتمد على البليت المستورد” .
وأوضحت أن هناك اعتراضًا جماعيًا من المصانع على القرار لما له أثار سلبية على المواطن والتاجر والصناعة والإنتاج؛ لذلك تم اللجوء إلى مجلس وزراء الانقلاب، لافتًة إلى أن هذا القرار يهدد بإغلاق المصانع في حال استمرار تطبيقه.
خام البليت
وقال أيمن العشري، رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة ورئيس مجلس إدارة مجموعة العشري للحديد والصلب: إن “السوق يشهد عجزا في إنتاج خام «البليت» المستخدم في حديد التسليح، بما يجعل جميع أنواع مصانع الحديد في مصر، سواء كانت مصانع درفلة أو نصف متكاملة، أو متكاملة؛ تعتمد بشكل كلي على مدخلات إنتاج مستوردة”.
وحذر «العشري» في تصريحات صحفية، من أن فرض أي رسوم سيترجم مباشرة إلى زيادة الأسعار، مشددا على أن التاجر لن يتحمل زيادة إضافية بقيمة 4 أو 5 آلاف جنيه في الطن، خاصة أن سعر الحديد في مصر حاليًا أغلى من السعر العالمي، بسبب دفع ضريبة القيمة المضافة 14%، وارتفاع أسعار الطاقة من غاز وكهرباء .
توقف الإنتاج
وقال طارق عبد العظيم، رئيس شركة المدينة للصلب: إن “القرار سيضر بـ22 مصنعًا يعملون في درفلة حديد التسليح، ويتسبب في توقف شبه تام في الإنتاج، وتسريح ما يزيد على 20 ألف عامل”.
وأوضح عبد العظيم في تصريحات صحفية أن القرار ساهم في احتكار سوق حديد التسليح لصالح عدد محدود من المصانع الكبيرة، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على أسعار الحديد، متوقعا أن ترتفع الأسعار بأكثر من 5 آلاف جنيه للطن، مما يرفع تكلفة التشييد، ويثقل كاهل دولة العسكر والمواطنين.
فجوة كبيرة
وأعرب المهندس طارق الجيوشي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الجيوشي للصلب، عن تحفظه على توقيت فرض الرسوم، مؤكدًا أن السوق المحلي ما زال يعاني فجوة واضحة بين الطلب والإنتاج المحلي للبليت.
ودعا الجيوشي في تصريحات صحفية إلى تأجيل تطبيق القرار حتى دخول الطاقات الإنتاجية الجديدة الخدمة، مشددًا على ضرورة التوازن بين حماية المنتج المحلي وضمان استقرار السوق.