كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الصهيونى تدرسان خطة جديدة لإدارة الأوضاع في قطاع غزة، تتضمن تقسيم القطاع إلى مناطق منفصلة تخضع إحداها لسيطرة الاحتلال وأخرى لحركة حماس، على أن تتم عملية إعادة الإعمار داخل المناطق التي تسيطر عليها دولة الاحتلال فقط، باعتبارها حلًا مؤقتًا حتى يتم نزع سلاح الحركة وإبعادها تدريجيًا عن السلطة وفق المخطط الصهيوأمريكي .
يشار إلى أن غزة تشهد حاليًا هدنة هشة تم التوصل إليها برعاية أمريكية، تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين بين دولة الاحتلال وحركة حماس، وتشمل الاتفاقية استعادة جثامين الأسرى الصهاينة وإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، تمهيدًا لمرحلة إعادة الإعمار وفق آلية دولية لم تُعلن تفاصيلها حتى الآن.
تقسيم غزة
وأكدت الصحيفة أن نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس وصهر الرئيس جاريد كوشنر عرضا هذه الخطة خلال مؤتمر صحفي عقد في دولة الاحتلال يوم الثلاثاء الماضى، حيث زعما أن الهدف منها هو تعزيز الأمن في القطاع وتوسيع المناطق الآمنة تدريجيًا بالتزامن مع تنفيذ وقف إطلاق النار الحالي.
وقال دي فانس وكوشنر انه بموجب هذا الترتيب المؤقت، انسحبت دولة الاحتلال جزئيًا من بعض مناطق القطاع، لتصبح حاليًا مسيطرة على نحو 53% من أراضي غزة.
وأوضح فانس أن الخطة تقوم على تقسيم القطاع إلى منطقتين: الأولى آمنة نسبيًا تحت الإشراف الصهيوني، والثانية تشهد اضطرابات أمنية لا تزال تحت سيطرة حماس.
وأشار إلى أن الهدف هو توسيع نطاق المنطقة الآمنة بحيث تشمل مناطق إضافية خلال الأسابيع المقبلة.
مناطق آمنة
من جانبه، قال جاريد كوشنر إن المساعدات المخصصة لإعادة إعمار غزة لن تُوجّه إلى المناطق التي لا تزال تخضع لسيطرة حماس، مشددًا على أن الأموال ستُستخدم فقط لإعمار الجانب الذي تسيطر عليه دولة الاحتلال.
وأكد كوشنر أن الفكرة تتضمن بدء بناء “غزة جديدة” في المناطق التي تراها دولة الاحتلال آمنة، من أجل خلق بيئة معيشية أفضل للفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع، وتوفير فرص عمل تساعد على استقرار الأوضاع الإنسانية تدريجيًا.
وأشار إلى أن هناك تفكيرًا عمليًا لبدء عملية البناء في المناطق التي تسيطر عليها قوات الاحتلال حاليًا، ما دام تم تأمينها بشكل كافٍ، زاعما أن هذه الخطوة يمكن أن تكون نواة لإقامة بنية تحتية جديدة تمهد لمستقبل مختلف لغزة.
موقف الوسطاء
قى المقابل قالت“وول ستريت جورنال”،ان وسطاء عرب شاركوا في محادثات السلام الأخيرة أعربوا عن قلقهم العميق من المقترح الأمريكي الصهيونى معتبرين أن فكرة تقسيم غزة تمثل سابقة خطيرة قد تفتح الباب أمام سيطرة صهيونية دائمة على أجزاء من القطاع.
وأكد هؤلاء الوسطاء أن أي ترتيبات سياسية أو أمنية يجب أن تقوم على وحدة الأراضي الفلسطينية وضرورة انسحاب الاحتلال بالكامل من القطاع، مشيرين إلى أن الخطة المقترحة لا تتضمن التزامات واضحة من جانب دولة الاحتلال بشأن مستقبل غزة بعد تنفيذها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله إن الخطة لا تزال في مرحلتها الأولية، وأنه سيتم طرح تفاصيلها وتحديثاتها خلال الأيام القادمة بعد التشاور مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالملف الفلسطيني.
سلاح حماس
وأوضحت أن الخطة في جوهرها، تتناول الصعوبات التي لا تزال دون حل نهائي، وعلى رأسها مسألة نزع سلاح حماس، إلى جانب الحاجة إلى تشكيل حكومة مدنية بديلة يمكنها الإشراف على القطاع، وخلق بيئة آمنة تسمح باستثمار مليارات الدولارات المخصصة لإعادة الإعمار.
وذكرت الصحيفة أن كوشنر هو القوة الدافعة وراء فكرة إعادة الإعمار المقسّمة، حيث وضعها بالتعاون مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، وحصل المشروع على دعم من الرئيس دونالد ترامب ونائبه فانس بعد عرض تفاصيله عليهما.
مؤسسات مدنية
ورغم الدعم الأمريكي المبدئي، أشار بعض المسؤولين إلى أن الخطة لا تزال تواجه تحديات رئيسية تتعلق بكيفية توفير الخدمات اليومية للفلسطينيين الذين قد ينتقلون إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال، في ظل غياب مؤسسات مدنية فلسطينية فاعلة.
وأبدى آخرون تخوفهم من إجراءات الفحص الأمني التي تنوي دولة الاحتلال فرضها على سكان القطاع لمنع تسلل عناصر حماس إلى الجانب المحتل، وهو ما قد يثير أزمات إنسانية وأمنية معقدة.
وكشفت الصحيفة أن الخطة تلقى دعمًا حذرًا داخل دولة الاحتلال حيث يعتبرها بعض المحللين وسيلة لتقويض نفوذ حماس تدريجيًا.
منطقة عازلة
وقال الباحث الصهيوني عوفر غوترمان من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب إن بناء مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال داخل غزة يمكن أن يُضعف حماس سياسيًا ويتيح لجيش الاحتلال تنفيذ عمليات محددة تقلص من قدرة الحركة على القتال، مع تعزيز منطقة عازلة تحمي المستوطنات القريبة من الحدود الجنوبية.
فيما زعم المسؤول الدفاعي السابق أمير أفيفي، المقرب من المؤسسة الأمنية الصهيونية، أن الفكرة ليست لتقسيم غزة بشكل دائم، بل تهدف إلى زيادة الضغط على حماس لدفعها إلى نزع سلاحها أو التنحي عن السلطة.
وأضاف أن الخطط السابقة التي تحدثت عن إنشاء “جزر خالية من حماس” لم تُنفذ بسبب الفوضى وصعوبة السيطرة الميدانية.
شرعنة الاحتلال
في المقابل، حذرت الباحثة تهاني مصطفى، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، من أن أي محاولة لتقسيم غزة ستواجه مقاومة شديدة من الفلسطينيين .
وقالت تهانى مصطفى فى تصريحات صحفية إن ذلك سيُنظر إليه باعتباره محاولة لشرعنة الاحتلال وتقويض القضية الفلسطينية.