كالعادة في التغييرات الوزارية التي يقوم بها نظام عبد الفتاح السيسي، تلاحق اتهامات الفساد الوزراء الأربعة الجدد الذين تم تعيينهم أمس الأحد، حيث صبت التعيينات في الاستعانة بلواء عسكري متورط في وقائع فساد، مرورا برئيسة لدار “الأوبرا” متهمة بإهدار المال العام، ورئيس تنفيذي لشركة قابضة تُثار حولها العديد من علامات الاستفهام، ووصولا إلى مستشارة اقتصادية لصندوق النقد الدولي.
أبو بكر الجندي
وشملت التعديلات الوزارية التي أقرها برلمان العسكر في جلسة خاصة لم تستغرق سوى دقائق، اختيار اللواء أبو بكر الجندي في منصب وزير التنمية المحلية، الذي يترأس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) منذ عام 2005، وجرى التجديد له سنويًا لمدة 12 عاما، على الرغم من تقدم العاملين في الجهاز ببلاغات عدة تتهمه بالفساد إلى النائب العام.
وتقدم العاملون في الجهاز ببلاغات عن فساد الجندي، حملت أرقام: 1172/النائب العام، و2310/نيابة مدينة نصر، و5678/عرائض للنائب العام، و227/النيابة الإدارية، علاوة على بلاغين سابقين، حملا رقم (2143/نيابة الساحل)، بتاريخ 25 يونيو 2012، و(2869 نيابة مدينة نصر)، بتاريخ 30 مايو 2012، وتم اتهامه في عدد من وقائع إهدار المال العام، بموجب حديث الجندي نفسه في برامج حوارية، واعترافه بمسح 243 مليون بيان من قاعدة بيانات المواطنين، نتيجة فشل شركة عالمية (تعاقد معها) في تقدير الحجم الكبير للبيانات، وتورط شركة أخرى (لها فرع في مصر)، في تصميم “أبليكشن التابلت” الخاص بالإحصاء السكاني.
وصرح الجندي بأن الشركة لم يكن لديها سابق خبرة في إدارة مشروع بهذا الحجم، وكانت “بتتعلم فينا”، وتواجهها مشكلات، استدعت الاستعانة بخبراء من الخارج، وهو ما تسبب في تأخر إصدار الجهاز للإحصاء الأخير عن أعداد السكان، حسب قوله، فضلاً عن تطرق البلاغات إلى عدم تسلم المئات من الشباب المشاركين في المسح السكاني مستحقاتهم المالية، التي تعاقدوا على أساسها.
إيناس عبد الدايم
كما شملت التعديلات اختيار إيناس عبد الدايم وزيرا للثقافة في إكار مكافأتها على الدور الذي قامت به في دعم الانقلاب على وزير الثقافة خلال عهد الرئيس محمد مرسي، حينما شغلت رئيسة دار “الأوبرا” المصرية، وتواجه اتهامات تتعلق بالفساد المالي، وإهدار المال العام، بحسب ما ورد في طلبات إحاطة مقدمة من أعضاء البرلمان، وحديث سابق لوزير الثقافة المُقال، حلمي النمنم.
واتهم النمنم، عبد الدايم، بالفساد المالي، في حوار مع موقع “إيلاف” العام الماضي قال فيه: “دار الأوبرا تبيع 25 تذكرة فقط في اليوم، وباقي الحضور يكون من خلال الدعوات.. وما يحدث هو إهدار للمال العام، في حين تنفق الدار 150 ألف جنيه سنوياً على المطبوعات، و122 ألف جنيه على أنشطة قاعة سيد درويش بمحافظة الإسكندرية، من دون مردود”.
وتقدم عضو برلمان العسكر المتحدث باسم حزب “الوفد”، محمد فؤاد، بطلب لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في وقائع إهدار المال العام في وزارة الثقافة، للوقوف على آلية عمل صندوق تمويل “الأوبرا”، وجهة اعتماد الصرف، والمركز المالي للصندوق، وحسابه الختامي، من دون استجابة من رئيس البرلمان، بعدما أشار إلى مخالفة عبد الدايم لوعدها الخاص بإفادة مجلس النواب بمستندات عن أوجه الصرف.
وحسب بيان عاجل لمحمد فؤاد، فإن عبد الدايم لم ترسل أي مستندات إلى اللجنة المختصة في البرلمان، درءاً لشبهة الفساد في الملفات المنوطة بها، ما يمثل “عدم اكتراث منها بدور البرلمان الرقابي”، مطالباً الجهات الرقابية بفتح التحقيق في وقائع إهدار المال العام بدار الأوبرا، بالنظر إلى وجود مستندات توثق العديد من وقائع الفساد داخل الدار.
خالد بدوي
وكشف التقرير أن خالد بدوي، الذي اختير في منصب وزير قطاع الأعمال العام، فهو الرئيس التنفيذي لشركة “الأهلي كابيتال”، الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي المصري (حكومي)، التي أنشت في عام 2008، وطاولتها تهم الفساد في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، كما شغل منصب العضو المنتدب لشركة “أزاكو”، المملوكة لمجموعة “القلعة” القابضة للاستثمارات.
وفي مطلع عام 2013، تقدم سيد محروس -مالك إحدى الشركات بالإسكندرية- ببلاغات إلى الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة والبنك المركزي ضد بدوي، والمدير المالي لشركة “أزاكو” عهدي خيرت، لقيامهما ببيع قطعة أرض مملوكة للشركة، بما عليها من معدات ثقيلة، لإحدى شركات منطقة برج العرب، بعد القيام بتصفية أعمالها، وبيع أراضيها، ومعداتها، للتهرب من مديونيتها.
وأسست “الأهلي كابيتال” كشركة قابضة برأسمال مرخص 40 مليار جنيه، وتمتلك حالياً مساهمات مباشرة في 13 شركة تعمل بقطاعات الكيمياويات، والبتروكيماويات، والحديد والصلب، والأسمدة، والإسمنت، والزراعة، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، من خلال اتصالها المباشر بالبنك الأهلي المصري، الذي يتمتع بأكبر قاعدة عملاء بالجهاز المصرفي المصري.
وكشف تقرير سابق للجهاز المركزي للمحاسبات، أن الشركة ضمنت أرباحاً ناتجة عن عملية البيع لمساهمات البنك في 6 شركات، بقيمة 4 مليارات و281 مليون جنيه، على الرغم من أن نفس الأسهم قد انتقلت من محفظة استثمارات البنك الأهلي إلى محفظة استثمارات الشركة، التي يساهم البنك فيها بنسبة 98.95%، وبالتالي لا تنتج عن عملية البيع إيرادات.
وأظهرت تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا في قضية شركة “الأهلي كابيتال”، المدرجة تحت رقم 591 لسنة 2011، أنه لا يمكن أن يبيع البنك شركات تابعة لنفسه، ويحقق مكاسب يضيفها إلى قائمة الإيرادات، خاصة أن ميزانيات للبنك الأهلي مجمعة عن الأعوام 2008، 2009 و2010، تبرز أن البنك تكبد خسائر كبيرة، ولم يحقق أرباحاً، كما تدعي إدارة البنك.
رانيا المشاط
وأخيرًا.. جاء اختيار المستشارة الاقتصادية بصندوق النقد الدولي رانيا المشاط لمنصب وزير السياحة، التي شغلت منصب وكيل محافظ البنك المركزي المصري للسياسة النقدية، في الفترة من أغسطس 2005، وحتى مايو 2016، إذ كانت من ضمن فريق التفاوض على برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي لمصر بين عامي 2011-2013.
وتولت المشاط مسئولية تنسيق العلاقات بين البنك المركزي المصري، وصندوق النقد الدولي، ومؤسسات التقييم ووكالات التصنيف الائتماني، حيث لعبت دورًا مهمًا في عملية تحرير سعر صرف الجنيه، التي أفقدت العملة المحلية نحو 70% من قيمتها، وتبعتها موجة ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات أثقلت كاهل المصريين.
وزراء الفساد
وحسب التقارير الرقابية فإن عددا من وزراء شريف إسماعيل واجهوا اتهامات بالفساد.. من بينهم وزير التموين السابق خالد حنفي، وكان أبرز الوزراء الذين ذكر اسمهم في قضية فساد شهيرة وقدم استقالته على إثرها، وهي قضية فساد صوامع القمح، عندما أعلن الوزير أن الحكومة بلغت رقما قياسيا في شراء القمح من الموردين المحليين مقداره خمسة ملايين طن، وعندما تم التحقيق في الموضوع تبين وجود قضية تلاعب بقيمة تجاوزت 620 مليون جنيه، أي ما يعادل أكثر من سبعين مليون دولار.
كما اتهم حنفي باستغلال أموال الدولة، حيث أقام بفندق فاخر وسط القاهرة، لكنه نفى الواقعة وقال إنها على نفقته الخاصة دون أن يوقف وبعدها تقدم باستقالته.
كما لاحق الفساد وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، حيث لاحقته اتهامات بتسفير زوجته وأولاده على نفقة الدولة ضمن البعثة الرسمية للحج لعام 2015، وأخرى تقول إن الوزير قام بتشطيب شقته السكنية بمنطقة المنيل وتحميل الوزارة التكاليف كاملة دون أن يدفع الوزير أية مصروفات، بتكلفة وصلت إلى 772 ألف جنيه، في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من أزمة اقتصادية طاحنة.
كما أحاطت وزير الصحة أحمد عماد راضي، شبهات الفساد وإهدار المال العام، التي كان آخرها القبض على أحد مستشاريه لشئون أمانة المراكز الطبية المتخصصة الدكتور أحمد عزيز، متلبسًا بتقاضي رشوة مالية قدرها 4.5 مليون جنيه، من إحدى شركات الأجهزة والمستلزمات الطبية بمقر ديوان عام وزارة الصحة.
فضلا عن وزير الزراعة السابق صلاح هلال، الذي حوكم في قضايا تلقي رشوة من رجل أعمال لتسهيل استيلائه على أراض مملوكة للدولة. وأصدرت المحكمة بحقه حكما بالسجن عشر سنوات وغرامة مالية قدرها مليون جنيه (قرابة 112 ألف دولار).
وأمس تم القبض على محافظ المنوفية بتهمة الفساد، ومن قبله العديد من المسئولين بمحافظة السويس والقاهرة.. وغيرهم.
