بعدما فضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مزاج الأمريكيين الحقيقي تجاه قضايا المسلمين والعالم العربي الذي كان يخفيه رؤساء أمريكا لحسابات مختلفة، تقدمت النائبة الديمقراطية في الكونجرس الأمريكي جودي شي، بمشروع قانون ينص على “تثمين تاريخ المسلمين الأمريكيين ومساهمتهم البناءة في الولايات المتحدة”؛ داعية إلى “وجوب تغيير الخطاب المتعلق بالمسلمين”.
وهو خطاب ينحاز للآلاف من المسلمين الامريكيين والذين يقطنون هناك رافضين لمنهج إدارة الجمهوريين والذين يضغط عليهم ترامب سلبا فيضطرون بين حين وآخر إلى الاحتجاج على سياسات وقرارات ترامب، وكان من أبرزها تقدم مئات الدبلوماسيين الأمريكيين في 31 يناير 2017، بمذكرة للخارجية الامريكية اعتراضا على الأمر التنفيذي للرئيس ترامب بحظر دخول المسلمين القادمين من 7 بلدان.
وعليه كان أبرز ما دعت إليه “جودي”، امريكية من أصول صينية، وتنتمي للحزب الديمقراطي، إطلاق سراح المسلمين الموقوفين في مطار لوس أنجلوس الدولي، حيث المنطقة التي انتخبت منها، وقالت للإناضول أنها تقوم بكل ما بوسعها؛ لمعارضة قرار حظر سفر المسلمين والنضال والكفاح ضده.
واعتبرت أن تقديمها لمشروع قرار حول نجاحات المسلمين في هذا البلد فخر لها، مطالبة بضرورة تغيير الخطاب المتعلق بالمسلمين والحديث عن مساهماتهم.
وأوضحت أن أسباب مشروعها أنه على الأمريكان النظر إلى أصولنا المختلفة من باب التنوع والتسامح، مضيفة أنها شعرت بالحزن والأسف عند سماعها بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحظر السفر على المسلمين.
واعتبرت “شو”، وانتُخبت كعضو في الكونجرس عام 2009، أن مشروع القرار الذي يحمل عنوان “الاعتراف بتاريخ المسلمين ومساهماتهم من أجل وطننا”، سيساهم في توجيه رسالة قوية لتقدير دور وإسهامات المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي 27 يناير 2017، وقع ترامب مرسوم حظر دخول رعايا دول محدّدة إلى الولايات المتحدة بعد أسبوع فقط من دخوله البيت الأبيض، ما أثار غضبًا في الداخل والخارج.

وعلقت “شي” على الهجوم الإرهابي على مسجدي نيوزيلندا، المتزامن مع مشروع القانون الذي تتبناه، بقولها: إنه يُظهر مدى خطورة الطريق الذي يسلكه ترامب، والمتمثل في إصداره قرارًا بحظر سفر المسلمين إلى الولايات المتحدة.
وأردفت: “تمعّنوا في تصرفات القاتل بهجوم المسجدين في نيوزيلندا، إنه أمر مفزع ومدهش. حيث يعتبر الرئيس ترامب وخطاباته مصدر إلهام بالنسبة له. لذا علينا إيقاف هذا الأمر، ويجب علينا نحن الأمريكان النظر إلى أصولنا المختلفة من باب التنوع والتسامح”.
وتحدثت بشكل إيجابي عن وجود العديد من الشخصيات المسلمة في المجتمع الأمريكي، مثل الملاكم العالمي محمد علي، وإلهان عمر صومالية الأصل، ورشيدة طليب فلسطينية الأصل أول مسلمتين يتم انتخابهما في الكونغرس الأمريكي.
وأوضحت “شي”، أن مشروع القرار المذكور، يحتفي بابتكارات المسلمين الأمريكان، ونجاحاتهم، وذكائهم ومساهماتهم من أجل الولايات المتحدة.
وتوقعت النائبة بالكونجرس تمرير مشروع القرار؛ نظرًا للثقل الذي يحظى به الديمقراطيون في الكونغرس بعد الانتخابات النصفية التي جرت في نوفمبر 2018.
هذا وحظي مشروع القرار الذي تم التقدم به إلى الكونغرس، حتى الآن بدعم 15 نائبًا، وسط توقعات بزيادة هذا العدد.
ومن المقرر، أن يتم مناقشة مشروع القرار في اللجان الفرعية أولًا، ثم يُرفع للتصويت في الجمعية العامة للكونغرس، وفي المصادقة عليه سيتم الاعتراف رسميًا بالتاريخ والمجتمع الإسلامي داخل الولايات المتحدة، وإسهامات المسلمين من أجلها.
خطى أوباما
وللرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما موقف رافض للإسلاموفوبيا، وكرر تحيته للمسلمين الأمريكيين في عدة مرات، وسبق أن مدحه رئيس منظمة “كير” العلاقات الإسلامية الامريكية نهاد عوض، على خطابه بعدما طالبه بإدانة أعمال العنف و التحريض ضد المسلمين الأمريكيين في خطابه للشعب الأمريكي، فذكر في ديسمبر 2015، ترحيبه بخطاب الرئيس أوباما الذي يرفض شيطنة الاسلام و التحريض على المسلمين الأمريكيين في المعركة ضد داعش.
وسبق لأوباما في 11 أغسطس أن اعترف بدور المسلمين الأمريكيين في تاريخ وانجازات الولايات المتحدة، ثم في 26 يوليو 2013 أشاد بهم وثمن دورهم في تاريخ الولايات المتحدة.
#اوباما موجها حديثه الى المسلمين الأمريكيين *مترجم #داعش #الارهابيه #دالاس #بالتعاون_ننشر_الوعي pic.twitter.com/9ggnRrh03P
— FaiSaL (@11s9m) July 14, 2016
اعتراف أوباما
حتى بعدما غادر أوباما البيت الأبيض اعتبر مراقبون أنه شجاع ليذكر دور المسلمين في تاريخ امريكا ويدافع عنهم من تهمة الإرهاب.
وفي خطاب في يناير 2016، وآخر في فبراير من العام نفسه، قال الرئيس أوباما: “التقيت ببعص الأمريكيين المسلمين الذين يقومون بعمل استثنائي للمجتمع الإسلامي والمجتمع الأمريكي ككل، ورأينا مؤخراً اشخاص يخلطون بين الأعمال الارهابية ومعتقدات دين كامل وسمعنا خطاباً سياسياً غير مبرر ضد الأمريكيين المسلمين”. لافتا إلى أن الأمريكيين المسلمين يثرون حياتنا كل يوم لأنهم جيراننا ومعلمون أطفالنا وأطباؤنا.
وأضاف “أعلم أن المسلمين مثل جميع الأمريكيين يخشون تهديد الإرهاب ولكن قلقهم الرئيسي هو لومهم على أعمال العنف التي لا ذنب لهم بها”.
وحث أوباما الأمريكيين على نبذ العنصرية الموجهة ضد المسلمين، قائلا “رفضت التمييز ضد المسلمين الأمريكيين الذين هم وطنيون كما نحن أيضا وطنيون ونحب هذه الأمة”.
استطلاع رأي
وفي استطلاع رأي في ديسمبر 2015، وقبل انتخاب أوباما أظهر أن غالبية الأمريكيين تعارض اقتراح دونالد ترامب، عندما كان مرشحا في الانتخابات الرئاسية، بشأن منع المسلمين موقتا من دخول الولايات المتحدة، لكن بالمقابل فإن أكثر من40% من الجمهوريين يؤيدونه.
وبحسب الاستطلاع الذي أجرته صحيفة وول ستريت وشبكة “أن بي سي”، فإن ربع الأمريكيين فقط (25%) يؤيدون الدعوة التي أطلقها الملياردير الجمهوري الاثنين لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، بينما يعارضها 57% من الأمريكيين.
وأجري الاستطلاع يومي الثلاثاء والأربعاء، ونشرت نتائجه الخميس، وبلغ هامش الخطأ فيه 4,4%.
وبحسب الاستطلاع نفسه، فإن 42% من الجمهوريين يؤيدون مقترح ترامب مقابل 36% منهم يعارضونه. ولم يوضح الاستطلاع هامش الخطأ في هذه الشريحة، لكنه حتما أكبر من 4,4%، لأن العينة أصغر.
كما أظهر الاستطلاع أن أقل بقليل من ثلثي الأمريكيين آراؤهم إيجابية بشأن المسلمين، وهي نسبة لا تزال على حالها منذ 2002، بحسب “ان بي سي”. أما في الشريحة الجمهورية فإن نصف الجمهوريين موقفهم سلبي من المسلمين.
وقال ترامب آنذاك إنه يريد غلق الحدود الأمريكية أمام المسلمين “حتى نصبح قادرين على تحديد هذه المشكلة وفهمها”، في اقتراح لاقى استهجانا واسعا داخل الولايات المتحدة وخارجها.
ومع فوز أوباما على هيلاري كلينتون وإنحياز الأمريكيين للجمهوريين ويمينهم المتطرف يثبت أن صدى عنصريته ممتدة داخل المجتمع بل وطافحة عليه.