انتهت دراسة بعنوان “مبادرة إسرائيل لتطبيع العلاقات مع “الخليج” دون سلام مع الفلسطينيين” إلى أن الخطوات التشجيعية التي قدمتها العواصم الخليجية لتل أبيب، دفعت الكيان الصهيوني إلى إيصال العلاقات على أعلى درجات التنسيق في المواقف، والدعم المتبادل، ولرغبة تل أبيب في تأطير تلك العلاقات في شكل دبلوماسي وبرتوكولي، خشية تغير أنماط الحكم والحكام الخليجيين الموجودين حاليا طرحت مبادرة لاتفاقية التطبيع المجاني دون تحقيق سلام مع الفلسطينيين.
ووفق ما تم رصده من الصحف الصهيونية فإن بنود الاتفاق أربعة، وهي:
أولاً: “تطوير الصداقات والتعاون بين الجانبين، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي”.
ثانيًا: “اتخاذ خطوات ضرورية وفعالة لضمان عدم انطلاق نشاطات أو تهديدات قتالية وعداء وتآمر وعنف أو تحريض ضد طرف، لا تُبلور أو تمول من أرض الطرف الآخر”.
ثالثًا: “الامتناع عن الانضمام والدفع أو مساعدة ائتلاف أو منظمة أو تحالف ذي طبيعة عسكرية أو أمنية، مع طرف ثالث”.
ورابعًا: إن “يتم حل أي خلافات ناشئة عن الاتفاقية عن طريق المشاورات”.
ورأت أن الاتفاقية تستهدف التمهيد السياسي والدبلوماسي لتفاهمات عربية أكثر تناسقا مع الخطة الأمريكية الصهيونية المتعلقة بصفقة القرن، أو هي ابتزاز جديد من تل أبيب وواشنطن الأموال العربية عبر تلك الاتفاقية، تحت ستار مكافحة الإرهاب، مع توسع مفهومه من المقاومة الفلسطينين والفصائل الموالية لإيران، ومن ثم تكون المصالح متبادلة.
الشراكة الأمنية
ويريد الكيان الصهيوني التشارك بقوة في أمن الخليج العربي، بعد الانسحابات المتتالية للقوات الأمريكية من الشرق الأوسط، من خلال احلال قواته ودعمه العسكري ودفاعاته الصاروخية محل الأمريكية، بما يضمن لها ولشركاتها الأمنية حصة في كعكة تأمين الخليج مستقبلا.
وبرهنت على ذلك بشراء السعودية في سبتمبر 2018، لمنظومة “القبة الحديدية” الصهيونية، كذلك جرت خلال الفترة الماضية مشاورات ولقاءات سرية جديدة بين مسؤولين سعوديين وصهاينة؛ بهدف التوقيع على اتفاقيات شراء منظومات أمنية متطورة، وتدعيم تبادل الخبرات العسكرية بين الطرفين.
وبرزت مواجهة إيران، كهدف أساس في المنطقة، حتى من قبل الصهاينة حيث سبق وأن قدمت إيران مبادرة عدم اعتداء، لإحلال سلام مشترك بين إيران ودول لخليج، يبدو أنه محل دراسة من قبل بعض الأطراف، ومن ثم جاءت الخطوة الصهيونية، والتي من المتوقع دعمها أمريكيا، تحت شعار مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، سواء بسوريا أو اليمن ولبنان وغيرها من مناطق النفوذ الإيراني.
صفقة القرن
ورأت الدراسة أن اتفاق الصهاينة والخليجيين أكبر تمهيد تدريجي لصفقة القرن، إذ ترتكز على إجراء تحالف اقتصادي إقليمي بدعوى حماية المنطقة من الخطر الإيراني، وهو ما يعد الجزء الأبرز من خطوات الوصول لصفقة القرن، وفق محللين سياسيين.
واعتبرت أن ورشة البحرين التي عقدت في يونيو الماضي، إلا محاولة أمريكية – صهيونية لفهم الجاهزين العرب لصفقات تصفية القضية الفلسطينية، إلا أن الرفض من دول أخرى، أبرزها السلطة الفلسطينية، وضعف التمثيل أو الغياب لدول أخرى، غيّر على ما يبدو الخطة المرسومة إلى تطبيع يتسلل تدريجياً، وصولا إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأشار ت الدراسة إلى أن الاتفاق، يستهدف إعطاء دور أكبر للسعودية والإمارات والبحرين في تنفيذ المخطط الأمريكي؛ من خلال الضغط على الفلسطينيين عبر الجوانب الاقتصادية للقبول بتنازلات سياسية تعد من الثوابت لدى الفلسطينيين على مدى سنوات طويلة، خاصة بشأن وضع مدينة القدس المحتلة، وحق عودة اللاجئين، وحدود الدولة الفلسطينية المأمولة.
وهذا الدور الأكبر لا يعدو كونه وسيلة للضغط على دول الخليج واستغلال حاجتها للحماية الأمريكية والصهيونية في مواجهة إيران لابتزازها ماديا وسياسيا، عن طريق وضع بنود في المبادرة تعتبر المقاومة الفلسطينية للاحتلال “حركات إرهابية” ومن ثم تعتبرها عدوا.
وأكدت الدراسة أن تقييد حرية دول الخليج في بناء تحالفاتها العربية أو الإقليمية، من أكبر المخاطر، وهي أفكار طرحت مؤخرا، من بناء تحالف عسكري عربي، أو تحالف دول البحر الأحمر، أو تحالف أطراف خليجية مع تركيا، أو غيرها من الدول، حيث تنص المبادرة على عدم انضمام أي من طرفي الاتفاق (إسرائيل أو دول خليجية) إلى ائتلاف أو منظمة أو تحالف مع أي طرف ثالث ذي طابع عسكري أو أمني، أو الترويج له أو مساعدته.
وتوقعت الدراسة أن دولا كالسعودية والإمارات والبحرين، لا يجدون غضاضة في تطوير العلاقات مع إسرائيل بشكل علني ودبلوماسي رسمي، في سبيل توفير حماية لهم أمريكيا وإسرائيليا في مواجهة الضغوط الإيرانية، وأيضا الضغوط الداخلية من شعوبهم المتململة.
