تونس تفرح.. جاء حق البوعزيزي وتأخر حق خالد سعيد!

- ‎فيتقارير
In memory of Mohammed Bouazizi http://en.wikipedia.org/wiki/Mohamed_Bouazizi

أيقظ الشاب البوعزيزي، رحمه الله، الثورات العربية، ومن ثم أيقظ الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيد الضمير السياسي والوعي العربي، وربما تشعر روح الشاب البوعزيزي بالسلام، بعدما جاء قيس سعيد من المدرج الجامعي إلى سدة الرئاسة في قصر قرطاج.

البوعزيزي أمس وقيس سعيد اليوم، شخصيتان جمعتهما تونس الخضراء، وكلاهما مع اختلاف ظروفهما كانا نتيجه ما تمر فيه بلدهما من مصاعب وتحديات يعاني منها شعبهما، لم يكونا على صداره الأحداث، إلا أنهما صنعا الأحداث، الأول أطلق رصاصه الانطلاق “للربيع العربي” والثاني وضع مقياس الشعوب للرئاسة.

مشهد سياسي

وأصبح رئيس تونس الجديد، رجل القانون الدستوري المتقاعد، قيس سعيّد، ظاهرة متفردة في الديمقراطية الناشئة، وحتى وقت قريب لا أحد كان يضع في حسبانه صعود سعيّد (61 عاما)، عديم الخبرة السياسية، على حساب مرشحين من العيار الثقيل، إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، لكنه وفي غفلة من منافسيه الـ26 تصدَّر الدور الأول، ثم اكتسح في الإعادة منافسه نبيل القروي المتمرس في الإشهار والإعلام.

ومع هذه المفاجأة الكبيرة التي حققها وأفراح الشارع التونسي بهذا الفوز، فإن تحديات كبيرة وصعوبات جمة تواجه الرئيس التونسي الجديد، وسط مشهد سياسي مرتبك وظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد، ووسط مخاوف من أن يفشل سعيّد في مواجهة التحديات التي تقف أمامه.

وتتشابه المقدمات بين ثورة الياسمين في تونس وثورة 25 يناير في مصر، ولكن تختلف النتائج ما بين قطار ديمقراطي يمضي في طريقه، وانقلاب دمر كل شيء في مصر؛ حيث كانت دماء الشاب السكندري، خالد محمد سعيد صبحي قاسم، بداية لموجة احتجاج واسعة، حولت الواقعة إلى قضية أمة حاصرتها الطوارئ لدرجة الخنق، وجيل غاضب، لم يعرف من مظلة الدولة سوى القمع والسحل والتعذيب، ونشطاء وجدوا في خالد رمزا لحكم يستثمر كل شيء لسحق المواطنين دون أن يطرف له جفن.

إنها فصول قصة أشهر ضحايا التعذيب في مصر، منذ يونيو 2010 حيث بداية القضية، التي ساهمت بصورة رئيسية في إشعال الثورة، ورحيل خالد سعيد، الذي أصبح أحد أبرز وجوه الثورة، رغم وفاته.

روح خالد سعيد

وإلى الآن لم تجد روح الشهيد خالد سعيد السلام، بعدما عادت العصابة العسكرية في 30 يونيو 2013، وقبلها بعامين قام أمين شرطة ومخبر تابعان لقسم شرطة سيدي جابر في الإسكندرية بالاعتداء بالضرب على الشاب خالد سعيد، وأدخلاه إلى مدخل إحدى العمارات، وضربا رأسه في حافة سلم رخامي عدة مرات، إلى أن لقي ربه.

لم يدَن القتلة الحقيقيون سواء المخلوع حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي، بل منحهما جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي سيلا من البراءات، وكل ما تم هو إدانة أمين الشرطة محمود صلاح والمخبر عوض سليمان، بارتكاب جريمة ضرب الشهيد خالد سعيد ضربًا أفضى إلى موت، وعقابهما بالسجن المشدد 7 سنوات جزاء ارتكابهما هذه الجريمة!

وحسب تقرير الطب الشرعي الخاص بقتل خالد سعيد، فقد حشر أفراد من الشرطة في حلق الشهيد لفافة من مخدر البانجو، لتمسك الآلة الإعلامية لمبارك بهذا المشهد لتشوه سمعة شاب فقد حياته على يد من يقبضون رواتبهم من الدولة لحماية المواطنين من الخطر.

نهاية السيسي قريبة

وقالت أسرة خالد سعيد، الذي يُوصف بـ”أيقونة ثورة 25 يناير” و”مفجر الثورة”، إن أحداث 30 يونيو 2013 كانت صنيعة مخابراتية بامتياز، فقد كان كل شيء فيها مُعدّا ومُرتبا مسبقا، مؤكدة أنها كانت انقلابا صريحا وصارخا على ثورة يناير.

ووصفت زهرة، شقيقة خالد سعيد، السفيه السيسي بأنه الأب الروحي للطرف الثالث المتورط في كل جرائم الثورة، وبأنه الفاعل الأخطر ورأس الأفعى التي كانت تدبر كل شيء.

وأكدت في مقابلة صحفية أن “السيسي في حالة رعب لأبعد مدى من تكرار سيناريو خالد سعيد واندلاع ثورة عارمة تطيح به وبنظامه الفاشي والفاشل”، مضيفة: “كلما يزداد فُجرا وطغيانا، يكتب نهايته بيديه ويعجل بموعد رحيله الذي نراه أصبح قاب قوسين أو أدنى، فلن تستمر هذه الأوضاع كثيرا، وباتت لحظة النهاية أقرب مما نتصور”.

وتابعت: “في حال لم ينصفنا القضاء والدولة المصرية، سنتخذ كل السبل الممكنة في الداخل والخارج من أجل الحصول على حق الشهيد خالد، الذي لم ولن نفرط فيه مهما حدث ومهما طال الزمن، وكل الخيارات مفتوحة أمامنا، وعلى رأسها التصعيد على المستوى الدولي ومحاولة اللجوء إلى الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الدولية المعنية”.