نظام العسكر بدأ العد التنازلي.. أوروبا تبحث عن بديل لـ”السيسي”

- ‎فيتقارير

مع بداية العد التنازلي لسقوط نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي بدأت بعض الدول الأوروبية تدرس سيناريوهات ما بعد رحيل السيسي وتحاول التوصل إلى حلول تضمن استقرار منطقة الشرق الأوسط والحفاظ على مصالحها في هذا الجزء من العالم.

كان تقرير أمني أوروبي جديد قد صدر عن “المعهد الألماني الدولي لشئون الأمن”، القريب من مراكز صنع القرار في ألمانيا، قد نصح دول الغرب بالتواصل مع المعارضة المصرية، وبينها الإسلامية، في الخارج؛ تحسبًا لسقوط رأس النظام العسكري الحاكم في مصر عبدالفتاح السيسي.

وأشار التقرير إلى وجود 3 سيناريوهات محتملة قد تواجه النظام بعد حالة الغضب الشعبي الأخيرة، مؤكدًا أن أقرب تلك السيناريوهات فشل السيسي وانهيار حكمه.

يذكر أن “المعهد الألماني الدولي لشئون الأمن”، معهد علمي تأسس عام 1962، ويجري الأبحاث الموجهة سياسيا لصالح البرلمان الألماني والحكومة الفيدرالية حول بعض القضايا الخارجية والسياسة الأمنية، وفي إطار عمله قدم المعهد بحثًا إلى الحكومة الألمانية والاتحاد الأوربي يتعلق بالأوضاع السياسية والأمنية المصرية في عهد السيسي، واضعًا عدة ضوابط تحكم علاقة أوروبا السياسية بنظام السيسي.

سيناريوهات متوقعة

وتوقع الدكتور ستيفان رول، رئيس أبحاث قسم الشرق الأوسط وإفريقيا بالمعهد، في دراسته ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل نظام العسكر؛ أولها: استمرار النظام عبر ما أسماه “ديكتاتورية تنموية ناجحة”، مشيرا إلى أنه السيناريو الأضعف.

ويرى رول أن السيناريو الثاني هو بقاء السيسي في السلطة، على غرار استمرار حسني مبارك بالحكم لمدة 30 عاما، خاصة مع الدعم الأجنبي المقدم له.

وأكد أن السيناريو الثالث هو فشل السيسي وانهيار حكمه، معربا عن اعتقاده أن السيناريوهين الثاني والثالث هما الأكثر احتمالا.

وطالب التقرير ألمانيا والاتحاد الأوروبي بضرورة الضغط أكثر من ذي قبل على نظام السيسي، من أجل مجتمع مدني مستقل، ومن أجل اتخاذ تدابير اقتصادية حقيقية لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة ودائمة في مصر.

ونصح الحكومة الألمانية بتوسيع تواصلها مع ممثلي المعارضة المصرية المنفية، بما في ذلك الاتجاه الإسلامي، مؤكدًا أنه يمكنها أن تدعم عمليات الوساطة بين مختلف طوائف المجتمع في حالة انهيار النظام.

ما بعد الانقلاب

وحول اهتمام الدوائر البحثية والسياسية الغربية بمستقبل نظام السيسي، قال الدكتور السيد أبوالخير، الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية: إن هذا ليس أول تقرير يصدر بهذا الشأن، ويحذر من انهيار حكم الانقلاب”، مشيرًا إلى أنه “خرج من قبل تقرير أمريكي يحذر من قرب انهيار الانقلاب وأنه فشل، ولا بد من الاستعداد لما بعده”.

وأكد أبو الخير – في تصريحات صحفية – أنه في الدول الغربية عامة تُعدّ تقارير مراكز الأبحاث مهمة جدًّا، وتصعد لأصحاب القرار للعمل بها، والاعتماد عليها لإصدار القرارات الدولية، وترتيب تعامل الدولة بناء عليها.

وبشأن سيناريوهات تعامل الغرب مع السيسي عقب هذا التقرير أوضح إن التقرير يمهد لمرحلة ما بعد الانقلاب، ويريد ترتيب البيت المصري على هواه؛ حرصًا على مصالحه، بعدما اتضح له فشل الانقلاب باحتواء الشعب والتعامل مع المعارضة.

وتابع الخبير الدولي: لذلك تجد الحماية الدولية قد رُفعت عن قائد الانقلاب وعن الانقلاب نفسه بوسائل الإعلام العالمية، مشيرًا إلى أننا الآن بمرحلة اختيار بديل الانقلاب

ولفت إلى أن هذا التقرير وغيره سوف يوضع موضع التنفيذ من قبل دوائر صنع القرار الغربية.

وحول ما حمله التقرير من نصح لأوروبا بالتواصل مع المعارضة المصرية بالخارج وبينها جماعة الإخوان المسلمين، قال أبو الخير: إن “الغرب يدرك أن المعارضة الحقيقية هي الإخوان، وإن الباقي منها صنع على عين ويد النظام، مؤكدًا أنه لا استقرار بمصر دون الإخوان، وأثبتت التجربة قوة الجماعة، وأنها الجهة الوحيدة في الشارع السياسي المصري القوية والمؤثرة.

نظام قمعي بامتياز

ويرى أسامة فتحي حمودة، أحد أعضاء الفريق المعاون للرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، أن صانع القرار الأوروبي يعتمد على الدراسات التحليلية والواقعية قبل اتخاذ أي قرار، لكن تظل هناك فروق كثيرة موجودة بين التحليل الذي تقوم به بعض مراكز البحث المتخصصة بالتعامل مع المجتمعات، وبين إدارات البحث في وزارات الخارجية وبعض الوزارات الأخرى في الدول الغربية، التي تتعامل مع الحكومات والمجتمعات بآن واحد.

وقال حمودة – في تصريحات صحفية – إنه تأسيسًا على النقطة السابقة، فإنني أختلف بقدر كبير مع ما يقدمه التقرير الأوروبي من نصح للغرب بالتواصل مع المعارضة تحسبًا لسقوط السيسي.

وأضاف: “من يقول ذلك، أظنه ينظر نظرة أحادية، أي من خلال نظرته لغضب الأغلبية من الشعب تجاه أفعال السيسي، ولا ينظر لركائز حكم السيسي كنظام قمعي بامتياز، ويعتمد في بقائه على أسلوب القمع اللانهائي، مشيرًا إلى أنه حقق نجاحات مذهلة بهذا المجال، للأسف”

وأوضح حمودة أن كل حكومات الغرب تعلم يقينا أن بديل السيسي هم الإسلاميون، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، مؤكدًا أنه ليس عندهم أي استعداد للتفاهم مع أي تنظيم أو حركة إسلامية.

وأشار إلى أنه قد يكون عندهم استعداد للتفاهم على مضض مع بعض الأفراد الإسلاميين، أما مع حركة وتنظيم فهذا مستحيل، ويجب أن نستوعب ذلك ونجد له الحلول.

وأكد حمودة أن الغرب انتهازي، وبالتالي لا بد له من الاستعداد للتعامل مع البدائل المطروحة على الساحة السياسية العربية، ولا يعني محاولته فهم هذه البدائل هو استعداده للوقوف بجانب أي أحد منهم.

وأضاف أن السيسي كنزهم، فهو يقدم لهم كل ما يرغبونه من ثروات بلادنا، وفي الوقت ذاته يمنع عنهم أفواج اللاجئين عبر البحر، وهو يبتزهم بذلك، موضحًا أن النقطة الوحيدة التي يراها صحيحة في التقرير هي أن الغرب ليس أمامه إلا الدفع باتجاه السيناريو الثاني، أي استنساخ تجربة مبارك.

وقال حمودة: أظن أن الدفع بهذا الاتجاه سيأخذ من السنوات الكثير، فلا بد للسيسي ودولته المجرمة أن يتأكدوا من أن الشعب استوعب الدرس، وأخذ العقاب المناسب بعد جرأته على الثورة عام 2011.