لا بد وأنه قد سبق أن طُرح عليك سؤال مع بداية ثورة 25 يناير 2011، هل أنت مستعد للتضحية من أجل بلادك، سواء في الحرب أو في الكوارث الطبيعة أو المفتعلة؟ ولا بد أن الإجابة تغيّرت عند شريحة كبيرة من المصريين بعد قتل الرئيس الشهيد محمد مرسي، أي بعد انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، حتى إن المصريين لم يكترثوا مطلقًا بموت من يُدعى “البغدادي”؛ ذلك لأنهم فهموا “الفولة”!.
وفي يونيو 2019، أقيمت صلاة الغائب على روح الرئيس الشهيد محمد مرسي في مدن عدة حول العالم؛ تعاطفًا معه بعد سنوات من سجنه واختطافه من رأس هرم الانقلاب في مصر، وتواصل التضامن في دول إسلامية وغربية مع الرئيس الذي توفي داخل المحكمة بعد 6 سنوات من الاعتقال، منذ الانقلاب العسكري عليه عام 2013.
صلاة الغائب
وشهدت مدن وعواصم عالمية أداء صلاة الغائب على روح الرئيس الشهيد مرسي، ونفذ بعضها فعاليات احتجاجية هاجمت الانقلاب الذي نفذه جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، وطالبت بتحقيق دولي في وفاة مرسي.
وبموازاة ذلك، لم تهدأ الهتافات ضد السفيه السيسي مع كل حراك شعبي في أى دولة بالوطن العربي، بدءًا من المغرب ومرورا بالجزائر وتونس والسودان وانتهاءً بلبنان، ولم تخلُ مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا من سب السفيه السيسي ونعته بأنه عدو الله.
وفي آخر حراك شعبي في لبنان ضد فساد الحكومة، استدل لبنانيون على أن قرارات حكومتهم التي يرونها خاطئة وأضرت بهم ودعتهم إلى الخروج في الاحتجاجات مشتقة من سياسة السفيه السيسي التقشفية التي حوّلت حياة المصريين إلى جحيم.
وتفتّق ذهن إعلام الانقلاب عن حيل شتى لمحاولة وقف سباب الجنرال “المهزأ”، حتى إن خالد الجندي، أحد شيوخ البلاط العسكري، حرّم سب الشيطان وفرعون والسيسي، ولكن- ووفق مذهبه الأعرج- لا حرمة في سب أو شتيمة الإخوان ومن تبعهم ومن دافع عنهم ومن تعاطف معهم ومن لم يشتمهم أيضًا!.
ورفض الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، سب الشيطان وجمع معه السفيه السيسي بأي طريقة والاكتفاء بالتعوذ فقط، إلا أنه تلعثم أمام خارجية كيان العدو الصهيوني، التي شكرته بعدما دافع عن إسرائيل، عبر فيديو قال خلاله إن سب إسرائيل محرم!.
وجرت العادة أن يحول المصريون السيسي إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل مع كل ظهور أو تصريح جديد له، لكنّ اللبنانيين استعاروا هذه السخرية في هجومهم الناقد على حكومتهم عبر استخدام شتم السفيه السيسي.
قتل البغدادي
ومن شتم ولعن السفيه السيسي إلى قتل الإرهابي، أبو بكر البغدادي، غير أن الأول يُعد في ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية أشد خطرًا من البغدادي؛ وذلك لأن السفيه السيسي حوّل الجيش المصري بأسلحته ومعداته وقوته البشرية التي تتخطى الـ920 ألف شخص، إلى ميلشيات للقتل، سواء في الداخل المصري خصوصًا في سيناء، أو في الدول المجاورة مثل ارتكاب مجازر قتلٍ في ليبيا.
وبعد المسرحية الأمريكية التي قام بها ترامب، المحاصر من الكونجرس والمأزوم بالتحقيقات، تساءل مراقبون: هل يحقق مقتل البغدادي حلم الديمقراطية في الوطن العربي؟. ويرى المحلل السياسي محمد الشناوي أن إدارة ترامب لا تملك أهدافا طويلة المدى تخدم الديمقراطية العربية، معتبرا أن صناديق الانتخاب العربية تأتي بقوة حاكمة -خاصة إسلامية- ترفضها واشنطن.
وعبّر الشناوي عن قناعته بأن ترامب يهدف فقط إلى البقاء في الحكم أطول فترة ممكنة، بغض النظر عن تمتع أي حاكم عربي بالديمقراطية أم لا. وقال إن واشنطن بمختلف حكامها على مدار التاريخ لا ترغب في وجود ديمقراطية في مصر أو في الشرق الأوسط بشكل عام، معتبرًا أن الوجود الأمريكي العسكري في المنطقة يسبب عدم الاستقرار لا العكس.
صناعة الإرهاب
وبعدما تكشّف أن السفيه السيسي ونجله مصطفى وعباس كامل يقودون الإرهاب والتخريب في سيناء، كان بديهيًّا أن يعلن السفيه السيسي على لسان الأشباح التي لا يراها أحد وتتخذ مسمى فرع داعش في سيناء، أنهم يبايعون الزعيم الجديد للتنظيم، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، الذي تلقى التكليف من واشنطن ليقود دفة الإرهاب في المنطقة.
ونشر حساب ما يسمى بـ”ولاية سيناء” على تليجرام، صورًا لمجموعة من المقاتلين الذين يخفون وجوههم، وأغلب الظن أنهم مليشيات عسكرية تابعة للجيش، وقالوا إنهم يبايعون أبو إبراهيم الهاشمي القرشي.
وكان تنظيم داعش المخابراتي الأمريكي، قد أعلن عن مبايعة القرشي، خلفًا لأبو بكر البغدادي، الذي تمت تصفيته في الـ27 من أكتوبر الماضي، وقُتل البغدادي في عملية عسكرية نفذتها القوات الأمريكية، وأكد ترامب مقتل زعيم داعش في هجوم ربما يغسل سمعته التي ساءت عند الناخبين الأمريكيين، ولذلك لم تتأثر الشعوب العربية بموت خليفة واشنطن!.
