بالأرقام والأدلة.. السيسي ينهب “175” مليار جنيه من بيزنس محطات التحلية

- ‎فيتقارير

كشف الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد التواب بركات، عن أن زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي والهيئة الهندسية للجيش يبالغان كثيرًا في حجم الأموال التي تم إنفاقها على محطات تحلية مياه الشرب، مؤكدا أن التكلفة السنوية لتحلية “1.5” مليون متر مكعب بمعدل يومي تصل إلى “24” مليار جنيه، وليس 110 مليارات كما زعم رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ولا 200 مليار جنيه كما زعم السيسي في تصريحات سابقة.

الأرقام التي ذكرها بركات، في مقاله المنشور اليوم بصحيفة “العربي الجديد” تحت عنوان “تحلية مياه البحر… أكذوبة كبيرة”، تكشف عن حجم الفساد في محطات التحلية يصل إلى أكثر من 175 مليار جنيه.

واعتبر بركات أن لجوء السيسي إلى محطات التحلية هو التفاف على أزمة سد النهضة وتهرب من مواجهتها، والضغط على إثيوبيا من أجل حماية حصة مصر المائية. يقول بركات “بدلًا من مواجهة أزمة سد النهضة بالدفاع عن حصة مصر في مياه النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب من المياه النقية، أعلن السيسي عن خطة لمواجهة سد النهضة بتعزيز موارد مصر المائية في مواجهة أزمة سد النهضة، بإعادة تدوير مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر. وقال إن الخطة تكلفت ما يقرب من 200 مليار جنيه في السنوات الخمس الماضية، وتقوم بإنتاج 1.5 مليون متر مكعب من المياه يوميًا، وأنه من المتوقع أن تصل إلى 900 مليار جنيه بحلول العام 2037، وفق تصريحاته في الندوة التثقيفية الـ31 للقوات المسلحة”.

الفساد في التكلفة

وحول فساد التكلفة، يضيف بركان أن ادعاء السيسي أن تكلفة مشاريع التحلية وصلت إلى 200 مليار جنيه هو ادعاء مبالغ فيه بدرجة فجة. فقد أعلن رئيس الحكومة أمام البرلمان أن الحكومة أنفقت 110 مليارات فقط. ولكن بتدقيق الأرقام نجد الفروق أكبر من ذلك بكثير.

ففي نوفمبر2017، أعلنت هيئة المجتمعات العمرانية عن تنفيذ محطة تحلية مياه البحر شرق بورسعيد بطاقة 150 ألف متر مكعب في اليوم بتكلفة تصل إلى 130 مليون دولار، ما يوازي 2.3 مليار جنيه.

وفي يوليو 2019، أعلن كريم مندور، الرئيس التنفيذي لشركة ماتيتو، عن تنفيذ محطة تحلية مياه البحر في منطقة العريش بطاقة 100 ألف متر مكعب يوميًّا بتكلفة 1.6 مليار جنيه، وتحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي أصبحت العامل المشترك الأكبر الذي يقبل القسمة في كل مشاريع الدولة.

وبحسب بركات، فإن أرقام هيئة المجتمعات العمرانية وشركات القطاع الخاص تعني أن تكلفة المحطة الواحدة التي تبلغ طاقتها 100 ألف متر مكعب من مياه البحر تبلغ 1.6 مليار جنيه، وبالتالي فإن تكلفة إنشاء محطات تحلية تكفي لإنتاج مليون متر مكعب من المياه يوميًا لا تزيد على 16 مليار جنيه، على أقصى تقدير.

وبفرض أن الدولة أنجزت محطات تكفي لإنتاج 1.5 مليون متر مكعب من مياه البحر، فإن التكلفة لا تزيد على 24 مليار جنيه، وليس 110 مليارات كما يدعي رئيس الحكومة، ولا 200 مليار كما يدعي السيسي، ما يعني غياب الشفافية والمساءلة ودور الهيئة الهندسية المريب في الإشراف على تنفيذ محطات التحلية، ويذكر بأرقام الفساد التي كشف عنها رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار هشام جنينة، والتي قال إنها وصلت إلى 600 مليار جنيه في سنة واحدة هي 2015.

إهدار مياه النيل

ويدلل بركات على سفاهة رئيس الانقلاب وحكومته بأنهم في مطلع هذا العام، أعلن رئيس الوزراء عن إنشاء نهر في قلب العاصمة الإدارية الجديدة، وتسميته النهر الأخضر بطول 35 كيلومترا في قلب الصحراء، كأطول محور أخضر في العالم، وعرض يتراوح بين 300 متر و1500 متر، وذلك محاكاة لنهر النيل الذي يتوسط مدينة القاهرة، وبتكلفة تزيد عن 35 مليار جنيه.

وأعلن رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، اللواء أحمد زكي عابدين، عن إنشاء محطة مياه ضخمة لتغذية العاصمة الجديدة من مياه نهر النيل جنوب حلوان، وبطاقة إجمالية 1.5 مليون متر مكعب يوميا، بإجمالي نصف مليار متر مكعب في السنة، وتنقل منها 850 ألف متر مكعب يوميًا من نهر النيل إلى العاصمة الجديدة، وتروي 40 ألف فدان مزروعة بأشجار الزينة.

ويتساءل بركات مستنكرا: فهل يعقل أن تهدر دولة المياه العذبة في الترفيه والمنتجعات والمتنزهات، ثم تنفق المليارات في تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف؟. مؤكدا أن قواعد الجدوى الاقتصادية ومبدأ تكلفة الفرصة البديلة تحتم الاستمرار في استخدام مياه النهر لأغراض الشرب، ومنع إهدارها في الصحراء وتوفير الأموال التي ستنفقها الدولة في تحلية مياه البحر، ولكن من يجرؤ أن يقول ذلك لطبيب الفلاسفة الذي لا يعترف بدراسات الجدوى؟.