“تعالى عارض من جوه مصر”.. عبارة أو نكتة عفنة يطلقها لسان إعلامي رديء الفهم عاجز مشوش الفكر ألعوبة في يد أسياده ينفذ أوامرهم بلا إدراك وكما يقول المصريون ساخرين: “إذا كان اللي بيهرش بيعتقل يبقى يعارض من جوه ونضمن له يتسجن!”.
وردًا على أسطوانة “تعالى عارض من الداخل” فقد انتهت اﻷزمة التي استمرت لمائة ساعة تقريبًا، لموقع “مدى مصر”، منذ نشره تقريرًا عن إبعاد محمود نجل جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، من المخابرات وإرساله إلى روسيا في مهمة عمل كملحق عسكري.
حيث تم إلقاء القبض على أحد محرريه، الذي لم يكن معارضًا ولا يحزنون واختفاؤه، وأعقبها اقتحام مقر عملهم والقبض على عدد منهم لساعات، شهدت إجراء تحقيقات معهم، قبل إطلاق سراحهم جميعًا!
الخيانة العظمى
ولعل ما جرى ويجري من قبل الأبواق الإعلامية والنخبوية الموالية للانقلاب في مصر ضد كل المعارضة في الخارج، وما يتعرض له المعارضون للعسكر من التشهير والسب والتحريض، والاتهام بالخيانة العظمى واتهامات أخرى غير أخلاقية، فضلا عن فضيحة شطب عضوية المعارضين بالخارج من نقاباتهم، ودعاوى سحب الجنسية منهم، كل ذلك يطرح تساؤلات كثيرة حول مقياس الوطنية في مصر، خاصة أن نفس تلك الإجراءات اعتبرت سلوكا وطنيا، من قبل تلك الأبواق حينما ذهب عدد من الفنانين والإعلاميين للكونجرس؛ لإقناعه بضرورة الانقلاب على حكم الرئيس الشهيد مرسي.
لذلك نحن نذكّرهم بأن السيسي نفسه ذكر في أحد حواراته المتلفزة أنه بينما كان وزيرًا للدفاع تواصل مع مسئولين أمريكيين، مؤكدا لهم نية الجيش الانقلاب على الدكتور مرسي الذي هو بحكم القانون القائد الأعلى للقوات المسلحة، بينما أكد الكاتب المقرب من السلطة مكرم محمد أحمد أن السيسي أجرى عشرات الاتصالات مع الأمريكان في ذلك الوقت.
ومنذ الانقلاب العسكري في مصر في يوليو 2013 تطورت المعارضة المناهضة للانقلاب على مدار السنوات الماضية، وبدأت القوى المناهضة للانقلاب بتشكيل أول تحالف سياسي لها في القاهرة تحت مسمى “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب” في أعقاب الانقلاب العسكري بمصر مباشرة.
وبعد ملاحقة أعضاء التحالف أمنيًا، واعتقال قياداته، انطلق جزء من التحالف والمعارضة إلى الخارج، ومن هناك تم تدشين عدد من الكيانات والهيئات المناهضة للانقلاب في بعض دول العالم، كالمجلس الثوري المصري، وبرلمان الثورة أو المنفى، وأخيرًا الجبهة الوطنية المصرية، من مدينتي إسطنبول بتركيا، وجنيف بسويسرا ككيان جامع لقوى الوطنية المناهضة للانقلاب.
الحراك الشعبي
من جهتها قالت مها عزام، رئيس المجلس الثوري المصري، أحد كيانات المعارضة المصرية في الخارج: “يستخدم النظام أقسى أدوات القمع، والتظاهرات كانت مؤشرًا قويًّا على ذلك، وقد قلنا ذلك في الخارج مرارًا، بخاصة في المجلس الثوري المصري، حين أشرنا إلى أن الشعب لا بد أنه سيكسر حاجز الخوف، ولن يرضى أن يظلّ في ظروف قاسية اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا في ظل الحكم العسكري”.
وأكدت: “نحن كمعارضة في الخارج صوت للداخل لأن جميع الأصوات في مصر تُقمَع، فعلينا أن نوصّل صوت المصريين إلى العالم أجمع، وهذا دور المعارضة المصرية في الخارج، تحديدًا تعرية المنظومة العسكرية وأفعالها أمام أحرار العالم”.
وأعاد الحراك الشعبي الواسع الذي شهدته مصر خلال الأسبوعين الماضيين، الحديث عن إمكانية توحيد المعارضة التي تواجه خلافات عميقة منذ سنوات؛ الأمر الذي دفع إعلاميا مقربا من عصابة الانقلاب إلى التحذير من تداعيات التوسع في حملة الاعتقالات الأخيرة التي شملت مؤيدين لانقلاب 30 يونيو 2013.
ومنذ مظاهرات 20 سبتمبر الماضي، قالت منظمات حقوقية: إن قرابة ثلاثة آلاف شخص تعرضوا للاعتقال، بينهم مؤيدون للانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 بقيادة السفيه السيسي حين كان وزيرًا للدفاع في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي.
وفرض المشهد السياسي وحراك الشارع نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي التي اتفق مجملها على ضرورة إيجاد مظلة ثورية جامعة وموحدة لاستكمال الثورة والإطاحة بعصابة السفيه السيسي، أو عزله من قبل الجيش.
يقول الناشط عبد العزيز جبر: “لما المعارضة تتقمع جوة مصر يبقى مانلومش اللي بيعارض بره مصر.. “مش عاجبك سيبها وامشي” ولما تسيبها يتقالك “تعالي عارض من جوة انت ليه تعارض من برة” الفكرة ان المعارضة مش شرط اكون جوه او بره”.
ويقول الناشط طارق أبو شرف: “القبض على “شادي زلط” الصحفي بمدى مصر بعد تقرير للموقع كشف فيه إبعاد نجل السيسي إلى روسيا.. فين بقى اللي صدعونا بعبارة “تعالى عارض من جوه”، أهو دا راجل لا إسلامي ولا ليبرالي ولا حتى معارض كرتوني، كل ذنبه إنه صحفي شاطر، ومع ذلك لم يسلم من بطش السيسي”.
