عندما تأتي بثُلةٍ من الموظفين المنتفعين ولاؤهم الأول والأخير لك، وتمنحهم رواتب خيالية، وتحوّل البنك المركزي إلى عزبة تحكمها أنت وزوجتك، عندها فقط سيرقص لك هؤلاء الموظفون “عشرة بلدي”، ويصنعون لك “فرح العمدة”؛ لأنهم اختيارات خاطئة سيدفع ثمنها المصريون!.
العمدة لم يكن إلا محافظ البنك المركزي في حكومة الانقلاب، طارق عامر، الذي قرر جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي التمديد له لمدة 4 سنوات قادمة، تنتهي في نوفمبر من عام 2023.
مستندات الفساد
قرار التجديد لعامر أعقب “شبهات فساد واستغلال مصالح” أثيرت حوله، وواكبَ طلب إحاطةٍ مقدمٍ إلى برلمان الدم من النائب محمد فؤاد عن حقيقة ما قال إنه “ملف شبهات تعارض المصالح داخل البنك المركزي، من واقع مستندات لا تقبل الإنكار أو الشك، خاصة أن سمعة المؤسسة (البنك المركزي) جزء أساسي في استقرار السياسة النقدية للدولة”.
ويشير فؤاد إلى شبهة استغلال وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد وظيفة زوجها، عامر، محافظ البنك المركزي، بغرض تسهيل أعمال شركتها الخاصة “مسار”، ويبدو أن فؤاد كان ممن صدموا بقرار التجديد، لذا خرج عبر حسابه في تويتر معلنا لمتابعيه أنه فعل كل ما بوسعه في إثارة ما يحدث من فساد.
أما عامر، وهو العمدة، فقال لموظفي البنك، خلال تقديم التهاني لقرار التجديد له: إن السيسي أشاد به قائلا: “أنت محبوب أوي”، وكان عامر قد عُين محافظا للبنك المركزي في 2015 وسط أزمة عملة في مصر، وتنتهي مدته الأولى هذا الأسبوع.
اضطلع عامر بدور أساسي في مفاوضات عصابة الانقلاب مع صندوق النقد الدولي، والتي أفرزت اتفاق قرضٍ حجمه 12 مليار دولار، تضمن خفضًا حادًّا لقيمة العملة المحلية، وسن ضريبة قيمة مضافة وتقليص الدعم على الوقود.
ولكن هل يعلم المواطن المصري أن طارق عامر قام بتعيين رئيس وزراء الانقلاب عضوا في مجلس إدارة المصرف العربي الدولي مقابل ٢٧ ألف دولار شهريا؟ في مخالفة صارخة لكل القوانين والأعراف لم يفعلها أي فاسد في حكومات العسكر المتعاقبة، عملاً بالمثل القائل “اطعم الفم يا طارق فتستحي عين مدبولي”، علما أن عامر بات يختار الوزراء أعضاء المجموعة الاقتصادية!.
عاوزة الحرق
تقول الناشطة فاطمة الأسيوطي: “بعد شبهات فساد واستغلال نفوذ وتعارض مصالح.. طارق عامر وحرمه والتجديد لهما دون تفنيد للتهم، فأي صحيفة وضيعة تنشر خبر القبض على بقالٍ في مخزنه نصف طن سكر تمويني أو القبض على مهندس حي بخمسين ألف جنيه رشوة تبقى عاوزة الحرق هي واللي كاتب الخبر واللي مبلغه”.
وتضيف: “هذا النظام سيئ الاختيارات والأولويات.. يتجاوز في شبهات فساده أي نظام سابق، وفي مؤسسات كانت منزهة عن مثل هذه الشبهات. هذا النظام كمثله كثير المنافقين والطبالين، وهم أول لاعنيه وتاركيه، هذا النظام ينتعش مع وجود أفاقين وأعداء الدولة في مقدمة معارضته الشكلية فيرضى الناس به مضطرين”.
ولم يكن فشل طارق عامر وباقي المسئولين عن ملفات السياسة الاقتصادية في مصر بالأمر غير المتوقع، أو الصعب حدوثه، فالتوجهات كانت واضحة من البداية، تسرع غير مدروس في تحرير سعر الصرف، وكذلك جرأة في التوسع في الاستدانة، دون وجود توظيف اقتصادي سليم يرتبط بتوجيه هذه الديون لصالح مشروعات إنتاجية، وكان كل همهم مجرد دعم احتياطي النقد الأجنبي، أو سد عجز الموازنة.
