عندما ألقت عمّان القبض على خلية التجسس الإماراتية حدثت أزمة بين البلدين، فتدخلّت الكويت وأبرمت بينهما مصالحة، حضر الشيطان “محمد زايد” ومعه بعض إخوانه إلى حصن الشموخ صاغرين يطلبون العفو من السلطان قابوس، رحمه الله، الذي حرص أن يصطحب معه يومها خليفته السلطان الحالي هيثم بن طارق، وكأنه يقول له: “احذر من هؤلاء”.
وأعاد النشطاء تداول فيديو للسلطان هيثم بن طارق، سلطان سلطنة عمان الذي خلف السلطان قابوس رحمه الله، الذي توفاه الله الأسبوع الماضي، والفيديو وقت القبض على خلية التجسس الإماراتية عام ٢٠١١ في سلطنة عمان.
شيطان العرب
وفي الفيديو يظهر السلطان هيثم بن طارق بجانب السلطان قابوس بن سعيد، عندما استقبل الأمير الكويتي الشيخ صباح الأحمد، برفقة وفد كبير من الإمارات للتوسط لدى السلطان قابوس بتجاوز الأمر وعدم التصعيد مع الإمارات، وكما اعتاد أمير الكويت فقد كان واسطة خير، وقبل السلطان وساطته، ولم يردَّه ولا الوفد الإماراتي، وعلى رأسهم شيطان العرب “بن زايد”، إلا وقد أُغلق الملف.
وتشترك عمان في حدود برية مع ثلاث دول، هي الإمارات من الشمال الغربي، واليمن من الجنوب الغربي، والمملكة العربية السعودية من الغرب، وتشترك السلطنة أيضًا في حدود بحرية مع دولتين، هما إيران وباكستان، فيما يشكل بحر العرب حدود عمان الساحلية إلى الجنوب الشرقي، وخليج عمان في الشمال الشرقي.
في بداية القرن الحادي والعشرين، كان انعدام الأمن يهيمن على الحدود العمانية، خاصة مع اليمن؛ ما تمخض عن أسوار وجدران على امتداد أجزاء كبيرة من الحدود، للحد من المشكلات وتطويق المخاطر.
وكان السلطان هيثم بن طارق هو الشخص الرسمي الوحيد الذي حضر اللقاء مع وفد الإمارات، الذي حضر وهو خانع يتوسل السماح من السلطان على الفضيحة التي هزت المنطقة وقتها، ولم يتوقع “بن زايد” أن يتم القبض على خليته بهذه السهولة.
وما ذهاب الأمير برفقة “بن زايد” و”بن راشد” وعدد كبير من المسئولين في الإمارات إلا بمثابة اعتراف رسمي بمسئولية ولي عهد أبو ظبي عن فضيحة التجسس التي تعهد بعدم تكرارها، ومع ذلك تكررت في عام ٢٠١٨ مرة ثانية، وتم القبض على خلية تجسس ثانية، وسارع أيضا لتوضيح الأمر للسلطان قابوس الذي كانت سياسته عدم معاداة أحد حتى من أساء للسلطنة إن رجع واعتذر وتاب.
احتلال طويل الأجل
في أبريل 2018، سيطرت القوات الخاصة الإماراتية على البحر والمطارات في جزيرة سقطرى اليمنية النائية؛ ليس فقط لتسهيل وصولها إلى شرق إفريقيا- تقع الجزيرة قبالة ساحل “صومالي لاند”، حيث استثمرت الإمارات بكثافة في ميناء بربرة التجاري- ولكن أيضًا لزعزعة الاستقرار في سلطنة عمان من خلال استراتيجيتها لتطويق السلطنة، على حد قول سيجورد نويباور في مجلة «ناشيونال إنترست».
ولما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تعتزم إقامة احتلال طويل الأجل في اليمن؛ يبدو أن محمد بن زايد يرى اليمن جزءًا أساسيًّا من استراتيجيته الرامية لإقامة نفوذ إماراتي أكبر في منطقة البحر الأحمر تمتد إلى القرن الإفريقي.
من شأن الهيمنة الإماراتية على شرق وجنوب اليمن، إلى جانب الموانئ اليمنية في المكلا وعدن والمخاوي، وربما الحديدة؛ ضمان أن تتمكن الإمارات من تأسيس والحفاظ على وجود قيادي في ممرات الشحن الحيوية عبر الخليج العربي والبحر الأحمر.
تدل لعبة القوة الحالية ضد عُمان محاولات التجسس الإماراتية والوجود العسكري السعودي على الحدود اليمنية العمانية أن الهدف الاستراتيجي لدولة الإمارات هو السيطرة على شبه الجزيرة العربية الأوسع ومنطقة شرق إفريقيا.
حدوث ذلك مع استعداد السلطنة لحقبة ما بعد قابوس، لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر والتوترات بين الأطراف العربية المعنية، ويحذر مراقبون من أن هذا بدوره قد يؤدي إلى تفاقم النزاع بين الكتلة الإماراتية السعودية وعمان.