على طريقة المستبدين العرب الذين يدعمهم ساسة الغرب لتحقيق مصالحهم القريبة والبعيدة على حساب أي شيء، سواء أكانت ضد شعبهم أو قيمهم أو جرائمهم، قدَّمت ألمانيا جوائزها للمستبدَّيْن “بوتين” ومحمد بن سلمان من قبل، ثم لحقهما السيسي أمس الأحد.
وحصل السيسي على وسام “القديس جورج” من مهرجان “زيمبر أوبرنبال” Semperopernball في ألمانيا، وسلّمه السفير الألماني بالقاهرة للسيسي أمس.
ودافع الاتحاد المنظم لمهرجان “أوبرا دريسدن” عن قرار منح الجائزة، زاعمًا أن قرار منح الوسام إلى السيسي جاء “تقديرا لدوره كرجل دولة وحامل للأمل في قارة إفريقيا”.
وأوضح يواخيم فراي، مدير مؤسسة أوبرا دريسدن، أن “وسام القديس جورج ليس تكريما سياسيًّا بحتًا؛ لأن الجهة المانحة للجائزة هي جهة ثقافية، حيث لا يتعلق الأمر بالظروف السياسية، ولكنه يتعلق بنشاط البلاد الثقافي، حيث سيتم افتتاح المتحف المصري الكبير، منتصف العام الجاري، ويعتبر المتحف الأضخم من نوعه المخصص لحضارة إنسانية واحدة”.
وأشار فراي أيضًا إلى أن العاصمة الإدارية الجديدة التي يتم بناؤها شرق القاهرة، ستشهد أيضا افتتاح دار أوبرا جديدة بنهاية العام الجاري.
ووفقًا للجمعية الألمانية المانحة للجائزة، فإن وسام “القديس جورج” هو عبارة عن نسخة مقلدة من ميدالية ترجع إلى عصر “الباروك”، مرسومٍ عليها صورة القديس جورج كبطل صارع التنين، معلنا انتصارَ الخيرِ على الشر.
انتقادات دولية
فيما انتقدت منظمة العفو الدولية حصول السيسي على جائزة ثقافية ألمانية. وذكرت تدوينة على موقع منظمة العفو بولاية “ساكسونيا” الألمانية أن السيسي “مسئول عن التعذيب والتعسف والاعتقالات، ويدوس على حقوق الإنسان بالأقدام”، حسبما ذكر موقع “دويتش فيله” الألماني نقلا عن التدوينة المكتوبة بالألمانية.
وتساءلت منظمة العفو، في تدوينتها، حول سبب منح هذه الجائزة الدولية الرفيعة للسيسي، وقالت: “نحن لا نتفهم إطلاقا قراركم هذا”.
كما انتقد ستيفان كون، عضو البرلمان الألماني عن مدينة “دريسدن”، منح السيسي الجائزة، قائلا في تغريدة: “بعد أن حصل أحد أفراد العائلة السعودية المالكة وبوتين. جاء الآن دور السيسي لينال جائزة مهرجان زيمبر أوبر. إنه نوع من السذاجة وضعف البصيرة.. أنا مصدوم”.
المصالح الألمانية أولًا وأخيرًا
وتحرص ألمانيا على استخدام السيسي للقيام بأدوار استراتيجية لها في المنطقة، وهو ما ترجمته زيارة السيسي لألمانيا في 30 أكتوبر الماضي.
وجاءت تصريحات الرئيس الألماني فالتر شتاينماير مؤكدة دور القاهرة الإقليمي فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والأهم من ذلك دورها في ملف الهجرة غير الشرعية.
وكانت الزيارة التي قامت بها المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” إلى القاهرة، في عام 2017، قد وضعت الحجر الرئيس لتعاون مشترك بخصوص ملف الهجرة. وقد جاءت تلك الزيارة عقب توقيع تركيا مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية الهجرة، في محاولة من ميركل للبحث عن شركاء جدد وفق النموذج التركي.
كما كان للسيسي دور كبير في قمة إفريقية ألمانية تهدف إلى رفع مستوى استثمار القطاع الخاص من أجل إفريقيا، وهي قمة حضرها 11 رئيسَ حكومةٍ إفريقية، إضافة إلى المستشار النمساوي زيباستيان كورتس.
وبحسب الخبراء، فإن العلاقات المصرية الألمانية تحكمها معادلات المصالح أكثر من الوضع الحقوقي. فالدور الإقليمي لمصر لن يسمح للدول الغربية بالمخاطرة بالتعاون التقليدي المشترك في القضايا الكبرى، بما فيها قضية الشرق الأوسط والهجرة وغيرها.
فالقاهرة باتت “تلعب دورًا محوريًّا في مكافحة الهجرة غير الشرعية. فهي تشكل طريق هجرة بالنسبة لدول شرق ووسط شرق إفريقيا.
كما تلعب ألمانيا على خلافات نظام السيسي مع تركيا، التي تتوتر علاقاتها مع ألمانيا بسبب موقفها السياسي في ملفات عدة، منها الاتحاد الأوروبي، والوضع في سوريا وليبيا، وغيرها من الملفات العالمية.